مقالات

《حرية الأعلام ومحدداتها 》

الجزء الأول


حجي مراد

يمتلك الإعلام بنوعيه المرئي المسموع تأثير كبير على المجتمع ، وذلك لكونه يخترق العقول ويتحاور مع الأفكار الدائرة فيها ، وقد أتسعت دائرة تأثيره بعد ان انضمت له وسائل التواصل الاجتماعي ذات القدرة الفائقة على الأتساع والأنتشار ، والتي ربما تفوق قدرة الدولة على التحكم بالمحتويات الإعلامية المروجة من خلالها أو مراقبتها .

ومن هذه المقدمة البسيطة يمكننا القول بأن الإعلام سلاح ذو حدين ، فمن جانب هو وسيلة مهمة من وسائل بناء وتربية وإصلاح وتقويم الفرد والأسرة والمجتمع ، ومن جهة أخرى كذلك يمكننا القول بأن الإعلام يمكن أن يكون وسيلة من وسائل هدم وضياع وإفساد الفرد والأسرة والمجتمع إن أسيء التعامل به .

ان حرية الصحافة والاعلام وان كانت مكفولة بموجب الدستور الا ان القانون يلعب دورا مهما في تنظيمها ، لان ممارسة هذه الحرية يجب ان لا يخل بالنظام العام والاداب ، حيث ان هناك أطر قانونية تنظم عمل الاعلام وحرية التعبير عن الرأي وتقف حيال التعسف في ممارسة هذه الحريات او أن يكون ممارستها خلافا لقواعد النظام العام والأداب ، وتعمل هذه القواعد كذلك على تهذيب الحوار الاعلامي وحمايته من المحتويات الهابطة بموجب معايير محكمة وناظمة للعمل الأعلامي .

إن كثرة انتشار الجرائم الإعلامية في السنوات الأخيرة وممارسة التنمر من خلالها وأنحطاط مستويات البعض منها هو نتيجة حتمية لوجود بعض العاملين والمنتمين لهذه المهنة الشريفة من غير المؤهلين للأنخراط والعمل في صفوفها ، فمن يدعي أنه أعلامي وهو لا يفرق بين الانتقاد البناء وبين التنمر ولا يستطيع ان يمييز بين المحتوى الأعلامي الراقي والمحتوى الأعلامي الهابط لا يستحق أن يمارس هذه المهنة النبيلة ، لذلك ينبغي إعادة النظر من قبل كل أصحاب الشأن بطريقة اختيار من يكون أهلاً لممارسة هذه المهنة النبيلة وحصرها بمن يملك الوعي ومن هو مدرك للرسالة الإعلامية النبيلة ومهنيتها وممن يتحلى بالثقافة الذاتية وأسلوب الحوار البناء .

أمل من الجهات المختصة أن يكون لها دور في تهذيب الحوار الإعلامي وان يتم السيطرة على سلوك كافة الاعلاميين وحثهم على التقيد بمدونات السلوك الاعلامي التي تنص عليها قواعد ممارسة المهنة .