مقالات

ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﺫﺍﻫﺒﻮﻥ ﺑﻤﻨﻄﻘﺘﻨﺎ «ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ» ﺍﻟﺸﺮﻕ أﻭﺳﻄية

ﺩ.ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﺬﺣﺠﻲ

يشكل هذا العمل الكتابي عملية ربط، وثّقَت بين الأوساط البحثية في الشرق الأوسط وصناع القرار؛ لضمان أولويات التحركات العربية الصحيحة في هذه المرحلة، ولضمان تحقيق أفضل النتائج لما فيه من خدمة للمجتمع الدولي ككل. ويعبر عنه إعادة المشروع القومي العربي إلى الواجهة، وبناء فكر عربي موحد يستند على الثوابت التالية؛ وتحديد التغيير الاستراتيجي المرغوب، ودراسة وتحليل عدم إجراء التغيير الاستراتيجي، ودراسة جدوى التغيير الاستراتيجي، وإجراء التغيير الاستراتيجي، ومراجعة التغيير وإجراء ما يلزم.
بناء على ما سبق؛ يتم الآن تقديم هذا العمل، بحيث يتم التطرق لأبرز تلك الخطوات التي يقدمها هذا العمل، عبر الشروع بإحياء المعايير التالية؛ أولًا- التغيير السياسي في نطاق العمل العربي المشترك، ثانيًا- الترويج للاستثمار في اليمن، وجيبوتي، والسودان؛ بما توفره الأوضاع السياسية والاقتصادية، وربط كل الأقطار العربية، والشركاء الإقليميين والدوليين.

من هذا المنطلق نريد إيضاح حقيقة عن مشروع القرن؛ يعتبر «مشروع مدينة النور اليمن جيبوتي»، أضخم مشاريع القرن الحادي والعشرين؛ ليظهر قدرة البشر على صنع المعجزات، والتي تلخص المشروع ببناء مدينتين؛ الأولى في باب المندب، والأخرى في جيبوتي، وربطهما بجسر يحمل على ظهره طريقًا سريعًا، وخطوط سكك حديدية خفيفة، بالإضافة إلى خط أنابيب لتوصيل المياه والبترول، ستكون هاتين المدينتين نقطة ارتباط بري بين القارتين أفريقيا وآسيا.

المشروع سيوفر مليون فرصة عمل في اليمن، و500 ألف فرصة عمل في جيبوتي.

ويتوقع خبراء المال والأعمال أن «مشروع مدينة النور» الذي تصل تكلفته إلى «200 مليار دولار» سيُشكّل التاريخ الجديد للمنطقة، والرخاء الاقتصادي المستقبلي، للكيانات الناشئة في أفريقيا والشرق الأوسط.

تشير الخطة الأساسية لمشروع مدينتي النور إلى إنشاء مدينة مساحتها «1500» كيلو متر مربع على الطرف الجنوبي الغربي لليمن، بمقياس مساحة «إمارة دبي» مرة ونصفًا، تقابلها مدينة شبيهة بمساحة «1000» كيلو متر مربع على ساحل جيبوتي، يربطهما جسر يحمل على ظهره طريقًا سريعًا، سعته ست حارات، وأربعة خطوط سكك حديدية خفيفة، بالإضافة إلى خط أنابيب لتوصيل المياه والبترول. وسيبلغ طول الجسر الذي يربط القارتين حوالي «28.5» كلم، ويتكون من عوارض وهياكل تعليق.

وسوف يمثل الجزء المعلق من الجسر أطول جسر معلق في العالم، ومن المفترض أن يستوعب الجسر عند استكماله «100.000» سيارة، و«50.000» مسافر بالقطار يوميًا، بالإضافة إلى آلاف الأطنان من حمولات شاحنات النقل، وعربات السكك الحديدية.

ومن ثم يتم ربطه بمشروع الجزيرة في السودان؛ الذي تم تدشينه في السهل الطيني الممتد من النيل الأبيض إلى النيل الأزرق، بحيث تكتمل الصادرات الزراعية من السودان، باستثمارات معامل البتروكيماويات في دول الخليج، عبر حلقة الربط النقل اللوجيستي التي يقدمها هذا المشروع.

تتضح الآن الفكرة التي جمعت اليمن والسودان وجيبوتي ودول الخليج لكن ماذا عن البقية؟

دعونا نقوم بعمل انتقائي للبلدان العربية؛ فمثلًا مصر ستسهم بخبرات غير اعتيادية في مجال البتروكيماويات، كذلك المغرب سيتم الاستفادة منها في مجال التسويق، واكتساح الأسواق الإفريقية عبر منتجات دول الخليج العربي.

يتضح جليًا بأن باب المندب ثروة عربية ضائعة مرتبطة بالسودان، واكتمال هذا الربط يعني جعلها منطقة عربية استراتيجية؛ وسيسهم ذلك بإحداث تنمية بشرية في القرن الأفريقي مدعومًا بخبرات أردنية ولبنانية.

مطلوب من الأشقاء العرب التنبه إلى أن اليمن كان وما زال دولة هشة، وقد زادته الصراعات السياسية الداخلية، والتدخلات الخارجية هشاشة وضعفًا؛ الأمر الذي جعل قدرته على استثمار موقعه الجغرافي الاستراتيجي المهم صعبًا جدًا، وأمرًا في عداد المستحيل تقريبًا.

لذلك نحتاج نحن في هذا التوقيت لبناء علاقة ثقة مع إسرائيل؛ لتكون مكملًا استثماريًا نظرًا للخبرات والعلاقات الإسرائيلية الجيدة، والتي جعلتها ذات يوم دولة كبرى في الشرق الأوسط من العدم. وإذا لم يكن هذا متاحًا، فلماذا لا يجتمع العرب ويسعون للبدء الجاد في استثمار هذه الثروة الضائعة، والتي مركزها باب المندب في اليمن، من دون الاستعانة بإسرائيل؟