قسم الصحه

الفشل الكلوي خارج عن السيطرة في العراق

صحةبغداد

عمار حميد

09 أكتوبر 2022

تحتاج مستشفيات أمراض الكلى إلى تجديد (هاوري خالد/ Getty)

يواصل مئات الآلاف من العراقيين المصابين بفشل كلوي رحلة علاجهم المتعثرة بين المستشفيات والمراكز الحكومية، وسط تزايد الدعوات لبناء مستشفيات جديدة، وتوفير منح مالية للأشخاص الذين يعانون من المرض، ونشر ثقافة التبرع بالأعضاء.

ويقدر مسؤول في وزارة الصحة العراقية ببغداد تحدث لـ”العربي الجديد” من دون أن يكشف هويته، وجود أكثر من نصف مليون حالة نشطة من الجنسين لمرض الفشل الكلوي في عموم المحافظات، معظمهم ممن تتجاوزوا سن الأربعين. ويعزو هذا الواقع إلى انتشار مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وتزايد تناول المشروبات الغازية، إلى جانب مشاكل تلوّث المياه وجودتها بسبب التنقية السيئة.

لكن المسؤول يشدد على أن جميع المرضى المصابين بفشل كلوي يخضعون لرعاية مجانية في المستشفيات الحكومية، رغم أنه يعترف بأن هذه الرعاية ليست بالمستوى المطلوب، ويقول: “يزداد العدد باستمرار، في حين أن عدد الأسرّة والكوادر الطبية غير كافٍ، وكذلك العلاجات. ويعمل مسؤولو الوزارة على الحد من المشاكل ومعالجتها، لكنهم يواجهون صعوبات كبيرة بسبب تزايد عدد الإصابات، خصوصاً أن المريض يحتاج الى ثلاث جلسات غسل كلى وتصفية أسبوعياً”.
وكانت منظمة الصحة العالمية كشفت في تقرير سابق ظهور علامات الإصابة بأمراض الكلى لدى نحو 850 مليون شخص في العالم، وأن نحو 10 في المائة من سكان العالم مصابون فعلاً بقصور كلوي.
في محافظة ديالى شمال شرقي العراق ينتشر مرض الفشل الكلوي بين السكان الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى مركز المحافظة لإجراء غسل كلى أو تصفية دم تعرف بعملية “الديلزة” في مستشفى بعقوبة العام.
يخبر المواطن صفاء محمد “العربي الجديد” أنه يعاني منذ أكثر من 4 أشهر من فشل كلوي، ويواجه ظروفاً صحية صعبة للغاية بسبب كثرة المصابين بهذا المرض الذين يرقدون في المستشفيات، وقلة الأسرّة والكوادر الطبية مقارنة بعدد المصابين الذين يحتاجون إلى إجراء غسيل لمدة أربع ساعات يومياً ثلاث مرات أسبوعياً.

ويقول: “تدهور وضعي الصحي والمادي، وأنا غير قادر على تأمين تكاليف العلاج وعمليات غسل الكلى المستمرة، وكذلك على إجراء عملية زرع كلى بسبب تكاليفها العالية، وعدم وجود متبرع”.
لا يختلف الحال كثيراً بالنسبة إلى محمود عبد الحسن، أحد المصابين بفشل كلوي في العاصمة بغداد، ويقول لـ”العربي الجديد”: “تتطلب عملية غسل الكلى أربع ساعات يومياً، وهو أمر متعب جداً، كما أن العلاجات التي نتناولها تتسبب في اضطرابات نفسية، ونحن ننتظر طويلاً للحصول على دور للعلاج بسبب قلة أجهزة الغسل في المستشفيات والقاعات المخصصة للعلاج”.اقتصاد الناس

ضعف المخصصات المالية ينهك مستشفيات العراق

يضيف: “يجب أن تعمل الحكومة جدياً وبسرعة لتوفير عدد أكبر من الأجهزة الطبية المخصصة لعملية الديلزة، وتأمين كوادر طبية متخصصة في المجال، فغالبية المصابين بفشل كلوي من كبار السن وذوي الدخل المحدود، ولا يمكن أن يجري كثيرون منهم عمليات غسل في المستشفيات الأهلية او الخاصة لارتفاع الأسعار هناك، علماً أن الرعاية والأدوية في هذه المستشفيات أفضل بكثير من المستشفيات الحكومية”. 
ويشير إلى أن “المستشفيات الأهلية أصبحت تقتصر على ميسوري الحال، في حين يضطر المواطن الفقير إلى الانتظار لأيام وساعات طويلة للحصول على رعاية صحية”، وهو الحال السائد في غالبية الأمراض، ما يجعل شكاوى المواطنين كثيرة.

أصبحت المستشفيات الخاصة تقتصر على ميسوري الحال (مرتضى السوداني/ الأناضول)
المستشفيات الخاصة متاحة لميسوري الحال (مرتضى السوداني/ الأناضول)

وكان عضو البرلمان السابق عباس الزاملي هاجم وزارة الصحة، وأوضح في حديثه لـ “العربي الجديد” أن “سيطرة مافيات الفساد على وزارة الصحة، وسوء الإدارة في غالبية المستشفيات الحكومية وصفقات الأدوية الفاسدة، تدفع العراقيين الفقراء ثمنها من جيوبهم”. وأضاف أن “طبقة الدخل المحدود لا تملك ثمن العلاج، وهذا الأمر خطير جداً ويمكن أن يؤثر على حياة الناس”.
من جهته، يقول الطبيب الاختصاصي في أمراض الكلى بمستشفى الشفاء الأهلي، مصطفى رسول، لـ”العربي الجديد” إن “مركز غسيل الكلى يستقبل يومياً عشرات المرضى المصابين بنسب مختلفة، وهو يضم قاعتين يتواجد فيهما أكثر من 20 جهازاً لغسيل الكلى وتصفية الدم، فيما تعمل الكوادر على مدار الـ24 الساعة لمعالجة حالات الفشل الكلوي، خصوصاً تلك المصنّفة بأنها حرجة. لكن كثرة الحالات الحرجة وعدم قدرة المستشفى على استيعاب المرضى يحتّمان تحويل بعض الحالات الى مراكز غسيل أخرى، مثل مستشفى مدينة الطب العام ومستشفى الكاظمية”. ويوضح أن أمراض الفشل الكلوي تعتبر خطيرة، وتؤدي إلى الوفاة أحياناً في حال عدم تقديم العلاج بطريقة صحيحة وفي وقت مبكر. 
ويورد إحصاء أجرته وزارة الصحة العراقية أخيراً أن البلاد تحتضن نحو مليون مصاب، ويشير إلى أن المستشفيات المتخصصة بأمراض الكلى تحتاج إلى استحداث مراكز جديدة للعلاج، وسدّ العجز الحاصل فيها مقارنة بعدد المصابين الكبير، وتوفير العلاجات اللازمة للسيطرة على تلك الحالات”.