اخبار اجتماعيه

قوانين وإجراءات مكبّلة بالعادات… العنف ضدّ النساء في إقليم كردستان يزداد!

المصدر: النهار العربي رستم محمود

سيدات كرديات في وقفة احتجاجية في أربيل ضدّ الغنف الذي تتعرض له النساء.

سيدات كرديات في وقفة احتجاجية في أربيل ضدّ الغنف الذي تتعرض له النساء.

A+A-مع أن حكومة إقليم كردستان العراق اتخذت خلال الأعوام الماضية كثيراً من الإجراءات القانونية والتنموية والتعليمية والقرارات المتصلة بشؤون المرأة، إلا أن الأمم المتحدة أعلنت زيادة حالات العنف الأسري ضد النساء خلال العامين الماضيين بنسبة 125 في المئة، في الإقليم وعموم العراق، الأمر الذي أثار انتباه المراقبين والنشطاء المدنيين والحقوقيين. الأرقام المعلنة من مؤسسات المنظمة الدولية أتت في وقت شهد برلمان الإقليم إعادة مناقشة قانون “العنف الأسري” الذي صدر خلال العام 2011، حيث طرح بعض المشرعين مشروع قانون لتعديل 10 بنود من القانون القائم، تتضمن مزيداً من الإجراءات لصالح حماية الإناث ضمن الفضاء العائلي، بما في ذلك منح الجيران وكل الشهود حق الإخبار أو الادعاء بوجود عنف أسري في بيت ما، ومنع أية قيود على الإناث تحت عنوان “الواجبات الزوجية والعائلية”، الأمر الذي أثار حفيظة بعض الكتل البرلمانية “المحافظة”.أرقام مقلقة!المعلومات التي كشفتها مديرية مكافحة العنف ضد النساء تقول إن أعداد النساء اللواتي قُتلن بسبب العنف الأسري خلال العامين 2020-2021 زادت من 25 حالة إلى 45، أغلبها تمت بطلقات نارية. لكن الأرقام الأممية تقول إن “أعداد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي في عموم العراق المكتشفة تُقدر بحوالى 22 ألف حالة”، الأمر الذي يعني أن ثمة نحو 4 آلاف حالة في إقليم كردستان سنوياً. 

 لكن ناشطين في مجال حقوق الإنسان يذكرون أن الأرقام تفوق ذلك بكثير، فأغلب الحالات لا يتم الكشف عنها، لأنها تُصنف ضمن قائمة “الانتحار” أو “القتل بالخطأ”، موضحين أن الأجهزة الجنائية والتحقيقية لا تقوم بوظائفها بشكل تفصيلي حازم، كجهات للادعاء العام، والتي من المفترض أن تُدرج أي عمليات قتل في سياق “القتل العمد”، حتى ثبوت العكس. ويضيف ناشطون أن الضحايا لسنَ اللواتي قتلن فحسب، إذ أن العدد الأكبر هن ممّن يتعرضن لعنف أسري يؤدي إلى حدوث تشوّهات وعاهات جسدية مستدامة لهن.https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.549.0_en.html#goog_13732414740 seconds of 0 secondsVolume 0%  مسؤولية من؟الناشطة والباحثة النسوية نيروز برزنجي شرحت في حديث لـ”النهار العربي” أسباب استمرار العنف الأسري في إقليم كردستان، وقالت: “يبدو أن الأمر لا يتعلق بمجموعة من الإجراءات الحكومية والتشريعية، على أهميتها، بل مرتبط بنوع من التنمية الاجتماعية الشاملة، المتعلقة بما يمكن تسميته بالعقلية المجتمعية العمومية. لكن ذلك لا يعفي أي طرف، سواء الحكومة أو البرلمان من القيام بجهود مضاعفة، بناء على ذلك الأمر. فالعقوبات الجنائية يجب أن تكون أكثر تشدداً، لخلق نوع من الردع المستدام. كذلك فإن المضابط الجنائية والتحقيقية من المفترض أن تكون أكثر وفاءً لواجباتها الوظيفية والأخلاقية. ولأجل ذلك لا بد من خلق مؤسسة حقوقية تخضع أعضاء هذه المؤسسات الحكومية لدورات تدريبية وتوعوية مستمرة”. وعن الأسباب الرئيسية للعنف الأسري في إقليم كردستان، تضيف الباحثة برزنجي: “أغلب الحالات تحدث نتيجة رفض النساء الخضوع للمعايير والخيارات التي تفرضها عائلاتهم التقليدية عليهن، مثل الختان أو التزويج القسري. فالنساء في الإقليم بأغلبية واضحة لم يعدن تقليديات، وصرن أكثر تطلباً لحقوقهن وحضورهن، الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء، وهو ما يحدث الصدام”. الجهات الحزبية والسياسية في إقليم كردستان توجه رسائل دائمة إلى الرأي العام، تذكر فيها التزامها بالعمل على توفير مناخ تشريعي وحكومي مناهض لكل أشكال العنف ضد النساء، مثلما ذكر رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني في الرسالة التي وجهها إلى نساء كردستان لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء في أواخر شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، وقال فيها: “إن الحكومة ملتزمة بمواجهة العنف ضد النساء. وحماية حقوق المرأة وتوسيع مشاركتها في الحياة العامة هما واجب مشترك بين الحكومة والمجتمع. إن إحدى المهام ذات الأولوية للكابينة التاسعة، هي إفساح المجال للمرأة وتمهيد الطريق أمام نساء كردستان للعب دور نشط وفعال وجدير في مختلف المناصب الحكومية”. 

 الناشط الحقوقي بدران هساني تحدث لـ”النهار العربي” تحولات يمرّ بها المجتمع في إقليم كردستان، وشهدتها جميع البيئات المحافظة التي دخلت في مرحلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الانفجارية. وقال: “نحن نتحدث فعلياً عن مجتمع كان بقرابة 85 في المئة منه ريفياً حتى قبل 15 عاماً، وفي ريف جبلي شبه معزول، ويحيا على بنية تراتبية بطريركية، قائمة على ذكورية اجتماعية وتقدس العنف. وفجأة، خلال هذه السنوات القليلة، تنقلب الآية تماماً، فيصبح هذا المجتمع بأغلبيته المطلقة مدينياً، مع عشرات الجامعات واقتصاد ريعي وخدماتي، ودخول مفاجئ إلى كل أشكال الحداثة الاجتماعية والعالمية. وهو الأمر الذي يؤدي إلى سلوكيات شديدة العنف بالنسبة لأعداد كبيرة من أعضاء المجتمع المحافظ. وللأسف يوجه هذا العنف والرفض ضد النساء عادة، ويحتاج المجتمع في إقليم كردستان إلى سنوات طويلة، لتصبح هذه التحولات الاجتماعية والاقتصادية الحادة ثوابت في الحياة العامة في الإقليم”.