منوعات

موسم الكمأ في العراق: لحم الفقير

عمار حميد

موسم الكمأ يتكرر سنوياً (فينسينزو بينتو/فرانس برس)

للكمأ موسم واحد سنوياً (فينسينزو بينتو/فرانس برس)

مع غزارة الأمطار التي شهدها العراق خلال الشهرين الماضيين، سجلت بوادي وهضاب شمال وغرب ووسط البلاد، وفرة كبيرة في محصول الكمأ أو الكمأة التي تعرف شعبيا بالعراق بـ”الجمة” أيضا، ويطلق عليه البعض “لحم الفقير”، لما يحتويه على عناصر غذائية مهمة، ولطعمه الشهي.
قوافل سيارات ورحلات جماعية تنطلق من العديد من مدن العراق إلى مناطق ظهور الكمأ، في تقليد بات متكرراً مع كل موسم أمطار، وعادة ما يذهب الناس للاستمتاع بالمشاهد التي ترسمها الأمطار في تلك المناطق، من البساط الأخضر مع الهواء العليل المشبع بالأكسجين، مصطحبين معهم أطعمة وخياماً للمبيت، فيما آخرون يصطحبون معدات لصيد الحيوانات البرية مثل الأرانب والغزلان والطيور المستوطنة في بوادي العراق.
وساعد تحسن الأوضاع الأمنية في العراق وانحسار التهديدات الإرهابية في إقبال الناس خلال الموسم الشتوي الحالي على مشاركة أعداد أكبر.
ويطلق على الكمأة تسميات تختلف من منطقة إلى أخرى في العراق، فهناك من يسميها “فاكهة السماء”، أو “ابن البرق”، وذلك لوفرتها في المواسم التي تشهد هطول أمطار رعدية خلال فصلي الشتاء والخريف، ويختلف تواجده من منطقة إلى أخرى بحسب غزارة الأمطار.
يقول غانم الجميلي لـ “العربي الجديد”، إن “مئات المواطنين يتوجهون كل عام في مثل هذه الأوقات نحو صحراء الأنبار للتنقيب عن الكمأ، سواء لأكله أو بيعه، وأسعاره تزيد على 15 دولارا أميركيا للكيلوغرام الواحد، ومهنة جمع الكمأ أصبحت مصدر رزق لمن لا رزق له، فهو يتوفر بعد كل مطر غزير في المناطق الصحراوية ذات التربة الرملية، وأذهب برفقة أبنائي لجمع ما يقسمه الله لنا، والرحلة ممتعة لكنها لا تخلو من المخاطر، فأحيانا يتوه الناس إن لم يكن لديهم أجهزة تحديد مواقع، أو هواتف ذكية، فضلاً عن مخاطر بقايا الألغام والمخلفات الحربية”.طلاب وشباب

موسم الكمأ… فرصة عمل للشباب في ليبيا

من جهته، يقول المزارع بكر الحديثي لـ”العربي الجديد”، إن “الكمأ اختفى خلال العامين الماضيين بسبب قلة الأمطار الرعدية، لكن هذا العام يتوفر بشكل غير مسبوق. أجمع يومياً ما بين 15 إلى 20 كيلوغراماً، وأبيعها في الأسواق بأكثر من 15 دولارا للكيلو الواحد. أبرز أنواع الكمأ في العراق هي الزبيدي، والخلاصي، والأسود، والأحرك، وصحراء الأنبار تشهد حالياً إقبالاً غير مسبوق من المواطنين للتنقيب عنه”. ويضيف الحديثي: “أغلب من يلجأون إلى الصحراء لجمع الكمأ هم سكان الأرياف، والذين يعتمدون على ما تجود به عليهم الأرض من خيرات لتوفير لقمة العيش التي أصبحت مصدر قلق لأغلب العراقيين، كما يلجأ بعض سكان مراكز المدن إلى الصحراء بهدف جمع الكمأ لغرض الترفيه”.
وفي السياق ذاته، يقول المهندس الزراعي عادل الدليمي إن “الكمأ له موسم واحد، وهو يبدأ في منتصف شهر يناير/كانون الثاني، ويستمر حتى النصف الثاني من أبريل/نيسان، وأفضل أنواعه التي تتواجد في التلال، ويكون لونه أحمر، أما لون الكمأ في المناطق الرملية فيكون أقرب إلى البياض، وأقل جودة لدخول الرمال في شقوقه”.الأرشيف

موسم جني الكمأ في العراق… تنقيب عن “لحم الفقراء”

ويضيف الدليمي لـ”العربي الجديد”، أن “بيع الكمأ خلال هذه الفترة يُعد مورداً اقتصادياً لكثير ممن يمتهنون مهنة التنقيب عنه لبيعه، وكثير من العراقيين يقبلون على شراء كميات كبيرة منه لمذاقه الطيب، والبعض يستخدمه في العلاج، إذ إن له فوائد صحية كثيرة، فهو يحتوي على كميات من البروتين، ومواد مضادة للأكسدة، وفيتامينات”.
وحول أماكن بيع الكمأة، يقول البائع ربيع محمد لـ”العربي الجديد”، إن “أسواق الكمأ تشهد في هذه الأيام انتعاشاً كبيراً بسبب إقبال الناس على شرائه، والسوق دائماً ما يكون على الطرق الرئيسية وعلى الأرصفة بعيداً عن ضجيج الأسواق الشعبية. للكمأ عشاقه، وهم يقصدون أماكنه أينما وجد، لكن ارتفاع أسعاره لا يشجع على بيعه في الأسواق الشعبية التي تُعرف برخص الأسعار، وأغلب روادها من أصحاب الدخل المحدود”.