الدول العربية تحذر من تآكل حل الدولتين والجنوح نحو قيام نظام فصل عنصري في منطقة الشرق الأوسط
صورة شاملة لقاعة الجمعية العامة خلال جلستها العامة حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية. الأمين العام أنطونيو غوتيريش على المنبر. 20 آيار/مايو 2021السلم والأمن
دعت الدول العربية أمام جلسة الجمعية العامة الرسمية التي عُقدت اليوم الخميس لبحث التطورات في الأرض الفلسطينية وإسرائيل، إلى صون مكانة القدس واحترام المقدسات، ورفض الأنشطة الإسرائيلية الاستيطانية التي تقوّض حل الدولتين وتضع عقبات أمام تحقيق السلام.
وتأتي هذه الجلسة بعد رسالة وجهتها المجموعة العربية ومجموعة منظمة التعاون الإسلامي إلى رئاسة الجمعية العامة، بعد عجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ موقف من هذه الأحداث المأساوية، كما قال المتحدث باسم المجموعة العربية الوزير الجزائري صبري بوقدوم، وذلك لحمل منظمة الأمم المتحدة على “الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها بموجب الميثاق”، على حد تعبيره.
كما انضمت إلى المجموعتين في طلبهما بعقد هذه الجلسة العامة، دول حركة عدم الانحياز.
الأردن: إسرائيل تتحمل المسؤولية
UN Photo/Evan Schneiderأيمن الصفدي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والمغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية، يلقي كلمة أمام اجتماع الجمعية العامة بشأن الحالة في الشرق الأوسط وقضية فلسطين.
حمّل وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، إسرائيل مسؤولية التصعيد، ودعا إلى وضع حد للقتل والتدمير وانتهاك القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان.
وقال في كلمته: “كفى قتلا وتجذيرا لليأس وعبثا بمستقبل المنطقة، التي تدفعها الممارسات الإسرائيلية نحو المزيد من الصراع، وتحرم كل شعوبها حقهم في الأمن والسلام، وتهدد الأمن والسلم الدوليين”.
ودعا الأمم المتحدة إلى التحرك لحماية ميثاقها وقراراتها. كما دعا المجتمع الدولي إلى وقف العدوان على غزة فورا، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإلزام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بوقف خروقاتها للقانون الدولي واعتداءاتها في القدس وعلى المقدسات، وفي باقي الأرض الفلسطينية المحتلة، على حد تعبيره.
وأضاف يقول: “سيظل الأردن يوظف كل إمكاناته لحماية المقدسيين، والدفاع عن القدس. وسيبقى الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والمسيحية للمقدسات في القدس المحتلة وحماية الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها أولوية الوصي عليها، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين”.
“تقويض ممنهج” لحل الدولتين
وقال الصفدي إن هناك أكثر من 700 ألف مستوطن في القدس الشرقية وباقي الضفة الغربية المحتلة حاليا، مقارنة بحوالي نصف مليون في العام 2010، وحوالي 370 ألف في العام 2000. وأضاف أن “بناء المستوطنات اللاشرعية يمضي بوتيرة غير مسبوقة. “وهذا تقويض ممنهج لحل الدولتين، الذي أجمع العالم على أنه السبيل الوحيد لتحقيق السالم العادل والشامل”.
وحذر من أن قتل حل الدولتين سيجعل من خيار الدولة الواحدة مآلا حتميا يفرض السؤال عن طبيعة هذه الدولة، هل ستكون دولة تمنح كل سكانها حقوقا متساوية؟ أم أنها ستكرس نظام الأبرتهايد؟ “ووهم هو الظن بإمكانية تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في ظل نظام الأبرتهايد”.
وأكد أنه من دون إيجاد أفق حقيقي لإنهاء الاحتلال، ورفع الظلم، وتحقيق السلام العادل الذي يلبي الحقوق وتقبله الشعوب، على أساس حل الدولتين، ووفق القانون الدولي، لن ينتهي تصعيد حتى يتفجر آخر، في دوامة لا نهاية لها من العنف، التي ستدفع المنطقة والعالم ثمنها.
المجموعة العربية تصف عجز مجلس الأمن “بالصمت المشين”
وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقدوم، الذي تحدث أيضا اليوم باسم المجموعة العربية، وصف الأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون “جراء الجرائم الهمجية والاعتداءات الغاشمة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق شعب ذنبه الوحيد أنه رفض الانصياع لمنطق سلب أراضيه بالقوة وعارض سياسة الأمر الواقع”، بالمأساوية.
وتساءل الوزير الجزائري كيف لنا أن نلتزم الصمت بعد الصور المروعة للقتل والدمار التي شاهدناها مباشرة والاعتداءات التي تستهدف حياة ومقدسات الفلسطينيين في القدس المحتلة والغارات الوحشية التي توزع الموت والرعب في قطاع غزة المحاصر، على حد تعبيره.
الحصانة الممنوحة للاحتلال تزيد الأوضاع تأزما وتعقيدا
“أمن الممكن بعد كل ما رأيناه بأم أعيننا أن نلقي السمع للأطروحات الزائفة التي تحاول أن تبرر الصمت المشين لمجلس الأمن أو تلك التي تضع على قدم المساواة المعتدي والمعتدى عليه، الظالم والمظلوم؟”
هذا وأشار المسؤول الجزائري إلى “الحصانة الممنوحة للاحتلال التي تزيد الأوضاع تأزما وتعقيدا”.
ورحب بانضمام مجموعة دول عدم الانحياز إلى المبادرة المشتركة للمجموعة العربية ومجموعة منظمة التعاون الإسلامي لحمل منظمة الأمم المتحدة على “الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها بموجب الميثاق”.
وتأتي هذا المبادرة بعد عجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ موقف من هذه الأحداث المأساوية، كما قال الوزير صبري بوقدوم، مما يستوجب تحرك الجمعية العامة على وجه السرعة “للتوصل إلى وقف شامل للعنف المسلط على الفلسطينيين واستعمال كافة الوسائل المتاحة في سبيل حمايتهم وحماية مقدساتهم”.
وقف الإفلات من العقاب واحتلال الأرض الفلسطينية
ودعا وزير خارجية الجزائر إلى تسمية الأمور بأسمائها: “فاحتلال الأرض الفلسطينية وباقي الأراضي العربية يبقى احتلالا مهما طال الزمن وهذا الاحتلال بطبيعته يبقى مولدا ومصدرا لأبشع الانتهاكات”.
المجموعة العربية تدعو لوضع حد لأمرين اثنين: الإفلات من العقاب واحتلال الأراضي الفلسطينية
وذكر السيد بوقدوم بإقرار رقم 181 الذي قضى بالتقسيم وإضفاء صيغة دولية لرعاية مدنية القدس مرفقا بخريطة تفصيلية بالحدود المقررة، ومؤتمر مدريد للسلام واتفاقات أوسلو، ومئات القرارات المعتمدة من قبل الجمعية العامة وعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن انطلاقا من القرار رقم 242 لعام 1967 إلى غاية القرار 2334 لعام 2016. وقال: “خلال هذه المدة، قامت السلطة القائمة بالاحتلال بالسيطرة على ما يزيد عن 85% من الأرض الفلسطينية، بينما تتعرض القدس لحملات التهجير والتدمير التي تستهدف تشويه هويتها”.
وفي هذا السياق، أكد قناعة المجموعة العربية الراسخة “أن لا حل للقضية الفلسطينية من دون اتخاذنا جميعا موقفا شجاعا لوضع حد لأمرين اثنين: الإفلات من العقاب واحتلال الأراضي الفلسطينية”.
جامعة الدول العربية تحذر من منعطف خطير
دعت جامعة الدول العربية الجمعيةَ العامة إلى التعبير عن موقف واضح من قضية استمرار الاحتلال من دون أي أفق سياسي ضمن إطار زمني لإنهائه، وأكدت على لسان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، أن هذه القضية تدخل منعطفا خطيرا مع جنوح متصاعد ناحية اليمين المتطرف في إسرائيل.
وقال السفير زكي أمام الجمعية العامة: “إن الأزمة الدامية كشفت عن مخاطر الإهمال الدولي للقضية الفلسطينية”، وأضاف أن حل الدولتين القائم على التفاوض – والذي تتآكل فرصه يوما بعد يوم – هو المسار الذي ارتضته منظمة التحرير الفلسطينية وأيدته الجامعة العربية بالإجماع. لكنه أضاف: “غير أن الطرف القائم بالاحتلال يفضل حلا يقوم على الفصل العنصري وهو مستعد لأن يذهب إلى أبعد مدى في تطبيقه بالقوة الغاشمة، وعبر ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”.
ودعت الجامعة العربية الجمعية العامة إلى عدم القبول بما وصفته المنطق الخاطئ الذي يستهدف حماية الاحتلال واستدامته. وأضاف السفير زكي يقول: “قد آن الأوان لأن يعلو صوت الضمير العالمي – صوتكم – رفضا لهذا الواقع المشين. وآن الأوان أن يتحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن جرائمه”.
وأكد أنه خلال السنوات الأخيرة تمكن الطرف الإسرائيلي من سد كل منافذ الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وقام بعملية ممنهجة لغسل الأدمغة، حوّل خلالها الضحية إلى معتد والشعب الواقع تحت الاحتلال إلى ممارس للعنف غير المبرر.
السعودية: انتهاكات خطيرة للقانون الدولي
UN Photo/Evan Schneiderالأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، يلقي كلمة أمام اجتماع الجمعية العامة بشأن الوضع في الشرق الأوسط وقضية فلسطين.
في كلمته، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود إن الأحداث الأخيرة المتصاعدة والاعتداءات المستمرة على حقوق الشعب الفلسطيني تعتبر انتهاكات خطيرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يقر بعدم الاستيلاء على الأرض بالقوة.. وأشار إلى أن ذلك يساهم في “تقليص فرص حل الدولتين وتعزيز العنف والتطرف ونسف كل الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة”.
وترأس المملكة العربية السعودية قمة منظمة التعاون الإسلامي التي تم تأسيسها بعد إحراق المسجد الأقصى عام 1969، وتمثل المنظمة أكثر من 25% من أعضاء الأمم المتحدة بواقع 75 دولة عضوة.
وقد عقدت المنظمة اجتماعا استثنائيا افتراضيا على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في تاريخ 16 أيار/مايو حيث تم رفض وإدانة “الاستعمار الإسرائيلي المتواصل للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإنشاء منظومة فصل عنصري وتحديدا من خلال بناء المستعمرات وتدمير ممتلكات الفلسطينيين وبناء جدار التوسع ومصادرة الأراضي والمنازل والممتلكات وإخلاء الفلسطينيين وتهجيرهم قسرا من منازلهم وأرضهم”.
وأكد المسؤول السعدوي على موقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وهو موقف “يقوم على مبدأ أن القضية الفلسطينية هي قضية أساسية وجوهرية في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية وستظل قضية فلسطين محورا أساسيا في سياسة المملكة العربية السعودية حتى يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه وأرضه وتقام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية”.
العراق: ضرورة الوقوف ضد السياسات الإسرائيلية
نقل مندوب العراق الدائم، محمد حسين بحر العلوم، إدانة بلاده “الاعتداءات التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني والتي تُعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والقرارات الدولية وعائقا أمام عملية السلام في المنطقة”.
وأضاف أن اقتحام المسجد الأقصى ومنع المصلين من الوصول لأداء الصلاة واستهداف المدنيين العزل وما تلاه من اعتداءات وهجمات كل ذلك يُعد تصعيدا خطيرا من قبل الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف يقول: “نطالب المجتمع الدولي بالوقوف ضد هذه السياسات والأعمال الاستيطانية والعدوانية التي تكرس لعملية التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي وانتهاك حرمة دور العبادة والأماكن المقدسة”. ودعا لأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية بالمساءلة عن هذه الانتهاكات، واتخاذ التدابير الكفيلة بحماية المدنيين تحت الاحتلال، على حد تعبيره.
الكويت: إسرائيل تسعى لتكريس سياسة الاحتلال
قال أحمد ناصر المحمد الصباح، وزير خارجية الكويت ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، إن ما يحدث هو “جرائم شنيعة ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى جانب المستوطنين غير الشرعيين بحق الشعب الفلسطيني الأعزل”.
وأشار إلى أن هذه الممارسات “تؤكد على تكريس إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لسياسة الاحتلال والفصل العنصري وتتنافى مع مقاصد ومبادئ الميثاق وتنتهك انتهاكا صارخا القانون الدولي وحقوق الإنسان”.
وأعلن عن رفض بلاده لما وصفها بالمحاولات الإسرائيلية اليائسة لتغيير الحقائق على الأرض، مشيرا إلى صدور أكثر من 700 قرار من الجمعية العامة وكذلك 86 قرارا صدر عن مجلس الأمن منذ عام 1967، وتؤكد معظم القرارات على عدم المساس بالمكانة الخاصة للقدس وإبطال أي إجراء تجاهها يهدف إلى التغيير من طبيعتها.
وفي ختام كلمته، قال الوزير الكويتي إن بلاده تدعم الجهود العربية والإسلامية والدولية “لوقف العدوان الإسرائيلي وإحياء عملية السلام والمفاوضات بناء على المرجعيات الدولية وبما يؤدي إلى حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة”.
المغرب يتشبث بخيار السلام العادل
دعت المملكة المغربية المجتمع الدولي إلى الانغماس بجدية في وقف التصعید في الأرض الفلسطينية المحتلة وإزالة مسبباته.
وأكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على ضرورة الامتناع عن كل ما من شأنه جر المنطقة نحو مزيد من التأزيم والتوتر، وحذر من أن “استمـرار الإجراءات أحادية الجانب وكافة الأعمال المنافیة للقانون الدولي وللشـرعیة الدولیة، سیؤدي إلى توسیع الفجوة بین الجانبین الفلسطیني والإسرائیلي والتشويش على فرص السلام في المنطقة”.
وأضاف أن الملك محمد السادس – رئيس لجنة القدس – يشدد على أھمیة المحافظة على المدينة المقدسة باعتبارھا تراثا مشتركا للإنسانیة ورمزا للتعايش السلمي بين أتباع الديانات السماوية الثلاث.
وقال الوزير المغربي: “تجدد المملكة المغربیة تشبثھا الكامل بخیار السلام العادل والمنصف المبني على الشـرعیة الدولیة والمستند إلى حل الدولتین الذي توافق علیه المجتمع الدولي، حیث إنه لا بديل عن الحل السیاسي المفضـي إلى قیام دولة فلسطینیة مستقلة ذات سیادة وقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود الرابع من حزيران/يونیو عام 1967”.