مقالات

السيـــــــد زهـــــــره

على جثة الطائفية والعمالة

التطورات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة‭ ‬وتلخص‭ ‬الحالة‭ ‬المأساوية‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬البلدان‭ ‬والمصير‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬ينتظرهما‭ ‬ان‭ ‬استمرت‭ ‬الأوضاع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭.‬

في‭ ‬العراق‭ ‬أسفرت‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬الأخيرة‭ ‬عن‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬للتحالف‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬قوى‭ ‬وفصائل‭ ‬الحشد‭ ‬الشيعي‭ ‬الموالي‭ ‬لإيران‭ ‬اذ‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬14‭ ‬مقعدا‭ ‬فقط،‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬48‭ ‬مقعدا‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬السابق‭.‬

مفهوم‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬دلالة‭ ‬هذه‭ ‬الخسارة،‭ ‬وهي‭ ‬ان‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬أراد‭ ‬ان‭ ‬يظهر‭ ‬للكل‭ ‬رفضه‭ ‬للمشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وإرادته‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬يزيح‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬العميلة‭ ‬عن‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬وفي‭ ‬مقاليد‭ ‬البلاد‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭. ‬شعب‭ ‬العراق‭ ‬أراد‭ ‬ان‭ ‬يظهر‭ ‬الحجم‭ ‬الحقيقي‭ ‬لهذه‭ ‬القوى‭.‬

لكن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬انه‭ ‬بمجرد‭ ‬إعلان‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات،‭ ‬كان‭ ‬لسان‭ ‬حال‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬هو‭: ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تمر‭ ‬الا‭ ‬على‭ ‬جثتنا‭. ‬بمعنى‭ ‬أدق‭ ‬على‭ ‬جثة‭ ‬العراق‭ ‬والشعب‭ ‬العراقي‭.‬

هذه‭ ‬القوى‭ ‬اعتبرت‭ ‬ان‭ ‬الانتخابات‭ ‬مزورة،‭ ‬وهددت‭ ‬بانها‭ ‬سوف‭ ‬تنسف‭ ‬نتائجها،‭ ‬وانها‭ ‬سوف‭ ‬تشل‭ ‬عمل‭ ‬البرلمان‭ ‬والحكومة‭. ‬ودعت‭ ‬أنصارها‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬يكونوا‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬فجر‭ ‬خوفا‭ ‬واسعا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تعود‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭.‬

القوى‭ ‬والجماعات‭ ‬العميلة‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تريد‭ ‬ان‭ ‬تظل‭ ‬ممسكة‭ ‬بمقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬وان‭ ‬تظل‭ ‬تفرض‭ ‬إرادتها،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬الإرادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬بالعنف‭ ‬والترهيب‭ ‬والقوة‭ ‬وأيا‭ ‬كان‭ ‬الثمن،‭ ‬ولا‭ ‬يعنيها‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬اطلاقا‭ ‬كلمة‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬أو‭ ‬إرادته‭.‬

بالطبع‭ ‬شجعها‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬رسم‭ ‬لها‭ ‬مخططها‭ ‬هذا‭ ‬قائد‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬العراق،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دعوة‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬،‭ ‬يوم‭ ‬إعلان‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬كي‭ ‬يتابع‭ ‬الوضع‭ ‬وكي‭ ‬يعطي‭ ‬للعملاء‭ ‬الأوامر‭ ‬ويرسم‭ ‬لهم‭ ‬الخطط‭.‬

وفي‭ ‬لبنان‭ ‬حدث‭ ‬تطور‭ ‬شبيه‭ ‬تماما‭.‬

تابعنا‭ ‬الرعب‭ ‬الذي‭ ‬عاشه‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬حين‭ ‬استيقظ‭ ‬على‭ ‬مشاهد‭ ‬مروعة‭ ‬للحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬اعتقد‭ ‬انه‭ ‬تجاوزها‭. ‬مشاهد‭ ‬خطط‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬لاستعادتها‭ ‬حين‭ ‬دفع‭ ‬بأنصاره‭ ‬مسلحين‭ ‬بالرشاشات‭ ‬والآر‭ ‬بي‭ ‬جي‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬وحدثت‭ ‬المواجهات‭ ‬الدموية‭.‬

السبب‭ ‬ان‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬يريد‭ ‬إزاحة‭ ‬القاضي‭ ‬طارق‭ ‬البيطار‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬مرفأ‭ ‬بيروت‭. ‬لماذا؟‭ ‬كل‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬البيطار‭ ‬انه‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬استدعاء‭ ‬مسؤولين‭ ‬محسوبين‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق،‭ ‬ويصر‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬يكشف‭ ‬الحقيقة‭.‬

حزب‭ ‬الله‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬بالفعل‭ ‬طالبا‭ ‬عزل‭ ‬البيطار‭ ‬لكن‭ ‬القضاء‭ ‬رفض‭.‬

كان‭ ‬لسان‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬أيضا‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬القاضي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬تولي‭ ‬التحقيق‭ ‬الا‭ ‬على‭ ‬جثتنا،‭ ‬أو‭ ‬بمعنى‭ ‬أدق‭ ‬على‭ ‬جثة‭ ‬لبنان‭ ‬والشعب‭ ‬اللبناني‭.‬

‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يتصور‭ ‬الا‭ ‬أن‭ ‬ترضخ‭ ‬الدولة‭ ‬ويرضخ‭ ‬الشعب‭ ‬لأي‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬أوامره‭ ‬أو‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬طلباته‭ ‬أيا‭ ‬كان،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬يعنى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬مظهر‭ ‬للسيادة‭ ‬والاستقلال‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وهو‭ ‬القضاء‭.‬

حزب‭ ‬الله‭ ‬وضع‭ ‬لبنان‭ ‬واللبنانيين‭ ‬أمام‭ ‬خيارين‭: ‬اما‭ ‬الرضوخ‭ ‬لإرادته‭ ‬وإزاحة‭ ‬القاضي،‭ ‬واما‭ ‬الدم‭ ‬والسلاح‭ ‬والقتل‭ ‬وعودة‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬لبنان‭ ‬قوى‭ ‬لا‭ ‬تتردد‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬البلاد‭ ‬والشعب‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الطائفية‭ ‬ومن‭ ‬اجل‭ ‬مصالح‭ ‬أسيادهم‭ ‬في‭ ‬طهران‭. ‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬ووجود‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬الطائفية‭ ‬العميلة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬توقع‭ ‬الا‭ ‬المصير‭ ‬المظلم،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬توجد‭ ‬ذرة‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭.‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬لبنان،‭ ‬لا‭ ‬خلاص‭ ‬ولا‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الا‭ ‬على‭ ‬جثة‭ ‬الطائفية‭ ‬والعمالة‭. ‬نعني‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬انتهى‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬والجماعات‭ ‬الطائفية‭ ‬العميلة‭.‬

من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لأي‭ ‬انتخابات‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬لوجود‭ ‬حكومات‭.‬

admin