إجراءات احترازية مرتقبة لمواجهة خطر الطائرات المسيّرة
أعلنت السلطات الأمنية في عدد من محافظات البلاد، اتخاذ إجراءات احترازية من “الطائرات المسيرة” تضمنت منع إطلاق وتحليق أي نوع من تلك الطائرات وتحت أي ظرف كان، ما لم تكن تستحصل موافقة أمنية كإجراء وقائي لمواجهة مخاطر حرب المسيرات التي أخذت بالتزايد في الآونة الأخيرة.
إجراءات احترازية
القيادة الأمنية والعسكرية في ديالى، اتفقت على حظر إطلاق طائرات التصوير (الدرون) لمنع استغلال هذه الطائرات في قضايا تضر المشهد الأمني العام في المحافظة، مشيرة في الوقت نفسه إلى وضع آلية محددة لتحليقها لتصوير فعاليات اجتماعية أو حتى لوسائل الإعلام، وتستلزم تقديم طلبات مسبقة لقيادة العمليات والشرطة المحلية، للحصول على موافقات رسمية مع تحديد المواقع المراد تصويرها.
وهذا الإجراء، رآه خبراء ستراتيجيون “ضرورة كبيرة”، كما شددوا على أهمية أن يتعرض أي مخالف للضوابط إلى المساءلة القانونية، حفاظاً على أرواح المواطنين من جهة، وضمان عدم حدوث أي خرق لأجواء البلاد بواسطة تلك الطائرات. أما في بابل، فتمخض اجتماع أمني رفيع عقد في مبنى قيادة شرطة المحافظة، برئاسة قائد الشرطة اللواء خالد الشمري، عن تشكيل لجان أمنية مشتركة للعمل على متابعة حيازة أو امتلاك أو استخدام الطائرات المسيرة من الأشخاص أو المحال التجارية خلافاً للضوابط واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين. إضافة إلى توجيه قوات الأمن، باستخدام “أجهزة التشويش” لمعالجة تلك الطائرات وتخصيص قوات أمنية مدربة على مستوى عالٍ لمعالجة الهدف، فضلا عن دعوة المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية بالإبلاغ الفوري عند مشاهدة تحليق أية طائرة مسيّرة حفاظاً على أمن واستقرار المحافظة. ويأتي ذلك، بعد أن تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديوية ومنشورات تفيد برصد طائرة مسيرة حلقت فوق منطقة سجن الحلة المركزي، وفتح النار عليها من قبل مواطنين في محاولة لاسقاطها.
وفي كربلاء، لم يختلف المشهد كثيراً عن جارتها بابل، فبينما نفت وزارة الدفاع تحليق طائرات مسيرة في سماء كربلاء، والقبض على مطلقي عيارات نارية، أدعوا أنهم تصدوا للطائرات المزعومة، أكدت قيادة فرقة العباس القتالية، تحريك مفارز لمعالجة طائرات مسيرة “مجهولة” تحوم فوق كربلاء والنجف “بناءً على طلب الجهات الأمنية”.
حصر السلاح
ما حدث أخيراً في العديد من محافظات البلاد، يتطلب وفقاً للخبير الأمني سعد الزبيدي، إجراءات حكومية عاجلة، لفرض سيطرة حقيقية على كل السلاح داخل البلاد، واستقدام أجهزة رصد ودفاع جوي، لإسقاط أي طيران معاد أو مجهول المصدر. الزبيدي وخلال حديثه لـ (المدى)، أشار إلى أن “الطائرات المسيرة باتت تهدد الأمن المجتمعي في البلاد، لاسيما مع وصول هذا النوع من الطائرات بيد عشائر في الوسط والجنوب، لضرب العشائر الأخرى في حالات نشوب نزاعات بينهما”.
ونوه إلى أن “ملف الطائرات المسيرة في البلاد، بات خطيراً جداً، ويجب أن يكون هناك تعاونا ووعيا من قبل أفراد المجتمع مع القوات الأمنية”، لافتاً إلى أن “هناك كثيرا من الجهات لا تريد الخير للعراق وتعمل جاهدة على تعقيد الوضع الأمني خاصة مع وجود حكومة تصريف أعمال، وعدم تشكيل حكومة حتى اللحظة”.
وختم الزبيدي، حديثه بالقول “يجب أن يكون كل السلاح في العراق تحت سيطرة الدولة، لأنه بخلاف ذلك سيكون هناك عدم استقرار وبالتالي عدم حضور الشركات المستثمرة ورؤوس الأموال”.
تعزيز قدرات الردع
وتتّجه الحكومة نحو عقد صفقاتٍ جديدةٍ في مجال الدّفاعات الجويّة وأنظمة الرّادار واستيراد الطائرات، مثل “رافال” الفرنسية وسوبر ماشاك المُخصّصة للتدريب والقتال، وذلك ضمن خطة حكومية لتعزيز أمن أجواء البلاد.
هذا ويشمل الاتّجاه الحكومي الجديد طائرات مقاتلة ومسيرة فرنسية ومدفعية ودبابات روسية، فضلا عن أنظمة حديثة لرصد الأجواء، حيث بلغت المفاوضات الجارية مرحلة متقدّمة، مع ثلاث دول وهي روسيا وفرنسا وباكستان.
وعن ما تقدم، وجد الخبير الستراتيجي، سعدون الساعدي، في حديث خص به (المدى)، أن “الطائرات المسيرة ملف متداخل لوجود أطراف عدة في البلاد باتت تمتلك هذ النوع من الطائرات، وعلى وجه الخصوص الميليشيات وفصائل معارضة”. وعلى الرغم من أن توجه هذه الطائرات، بحسب الساعدي، يكاد يكون معروفاً صوب المنطقة الخضراء وتحديدا باتجاه السفارة الأمريكية، إلا أن ذلك “يتطلب جهداً أمنياً واستخبارياً حثيثاً لمنع تفاقم خرق سماء البلاد”، موضحاً في الوقت نفسه أن “ما أثير مؤخراً في عدد من محافظات الفرات الأوسط، مسيطر عليه من قبل الأجهزة الأمنية”. وأشار الساعدي، إلى أن “العراق لا يستطيع أن يسيطر على أجوائه المخترقة من أكثر من جهة كما أن الحكومة لا تدير هذه الأجواء، إضافة إلى أن المناطق المحيطة بالعراق ملتهبة، وبالتالي لن يتمكن العراق من السيطرة على سمائه في ظل الظرف الراهن”.