محلية

العراق.. أعداد ضحايا الحوادث المرورية تتخطى الإرهاب

نزيف الأسفلت أصبح منافساً للإرهاب والحروب بآلاتها وأسلحتها، حيث باتت الطرق في العراق مصيدة للأرواح يومياً، ويبدو ان مشاهد سيارات الإسعاف وهي تجوب الطرق ليل نهار أما لنقل الجثث أو الجرحى بات مشهدا مألوفاً للعراقيين، فضلا عن مشاهد العجلات المحطمة والمحترقة على جوانب الطرق الرئيسة خصوصاً.

وسجلت البلاد باستثناء إقليم كردستان، خلال الأعوام الثلاثة الماضية 27195 حادثاً مرورياً بينها حوادث دهس ذهب ضحيتها 6340 شخصاً، في حين أن العام 2020 لم يتجاوز فيه ضحايا الإرهاب والعنف عتبة الــ400 ضحية، بحسب تقارير وإحصائيات رسمية.

ومع الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في العام 2014 إثر دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى البلاد وتراجع أسعار النفط العالمية، غابت الصيانة عن الطرق الرئيسة والفرعية فضلا عن توقف مشاريع البنى التحتية الخاصة بالطرقات إثر قرار أصدره رئيس مجلس الوزراء الأسبق حيدر العبادي من أجل تغطية نفقات الحرب ضد التنظيم، ما تسبب في ارتفاع معدلات الحوادث المرورية.

علي البدري، سائق شاحنة لنقل البضائع يبلغ من العمر 39 عاماً، تعرض لحادث مروري على الطريق الرابط بين محافظتي ذي قار-بغداد، قلب حياته رأس على عقب، حيث تسبب في بتر قدمه اليمنى، فيما خضع بعد ذلك لعملية جراحية لتفادي العجز، وهو يطالب زملاءه بتفادي الإفراط في السرعة والالتزام بقوانين المرور من أجل سلامتهم وتأمين سبل العيش لعوائلهم.

«في التأني السلامة وفي العجلة الندامة”، هكذا يخاطب رياض محمد، سائقي المركبات، وهو طالب في المرحلة المتوسطة يبلغ من العمر 16 عاما ويسكن في محافظة بابل، وقبل سنتين تعرض لحادث مرور سبب له كسراً في ساقه وركبته اليسرى أجرى إثر الحادث المروري الذي تعرض له مع عائلته عدة عمليات جراحية ليكون واحدا من بين آلاف ضحايا حوادث السير في العراق.

وفي 22 تشرين الثاني 2021، عزت مديرية المرور العامة، ارتفاع نسب الضحايا وحوادث السير إلى ثلاثة أسباب رئيسة منها المطبات والحفر الموجودة في الطرق، فضلا عن الظروف الجوية، بالإضافة إلى غياب المتانة في المركبات المستوردة.

«عدم تطبيق معايير المتانة في المركبات المستوردة يؤدي إلى زيادة كبيرة في مخاطر وقوع الإصابات الناجمة عن حوادث المرور، بالنسبة إلى الأشخاص الموجودين داخل المركبة وخارجها”، هكذا يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي.

وقال البياتي في حديث لـ(المدى)، إن “غياب القوانين الصارمة وتعطل نظام الإشارات الضوئية وترهل الطرق الداخلية والخارجية من الأسباب الرئيسة لارتفاع معدلات الحوادث المرورية في البلاد”، مؤكداً أن “معدلات الحوادث السنوية بالرغم من ارتفاعها إلا أنها لم ترفع من سقف الاهتمام بالبحث خلف مسببات الحوادث من قبل الجهات المختصة”.

وأشار، إلى أن “مؤشر الحوادث يرتفع خارج نطاق المدن بنسبة تصل إلى الثلثين مقارنة بالحوادث المميتة داخل المدن، جراء غياب الوعي المروري وعدم تطبيق إجراءات السلامة”.

صور “حفر الشوارع” التي يتداولها المواطنون بشكل شبه يومي عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي منتقدين من خلالها عمل الجهات المختصة في صيانة الشوارع، يحاول السائقون عدم الوقوع في فخها لكنها ليست الفخ الأوحد، مع تعطل إشارات السير التي تصطاد المارة، فضلا عن خطورة الطرق السريعة التي تربط المحافظات العراقية مع بعضها نتيجة غياب الإضاءة عنها في وقت الليل بسبب أزمة الكهرباء التي تعاني منها البلاد لتصبح القيادة فيها مجازفة بحد ذاتها.

من جانبه قال مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة ياس خضر في حديث لـ(المدى)، إن “القوانين وحدها لا تكفي ويجب فتح ورش لتوعية الشباب لأنهم يمثلون الفئة الأكثر نشاطا في مجال السياقة”.

ويعزو خضر عبر (المدى)، أسباب حوادث السير إلى “التهور في قيادة والعجلة من قبل بعض الأشخاص وكذلك سوء الطرق الرئيسة والفرعية بالإضافة إلى كثافة المركبات مقارنة بالطاقة الاستيعابية للشوارع”، مؤكدا أن “مديريته وضعت خططاً آنية ومستقبلية لمعاجلة تلك الحوادث”.

وفي نهاية عام 2019، قال مدير برنامج رصد الإصابات الخارجية في وزارة الصحة العراقية، أحمد أبو رغيف، إن “إحصائيات الوزارة عن الحوادث المرورية خلال الأعوام العشرة الأخيرة تظهر حصول 66 ألف حادث مروري، سبّبت وفاة 22 ألفاً و952 شخصاً، فضلاً عن إصابة 79 ألفاً آخرين”.