الانواء الجوية والطقس

العواصف الترابية تسيطر على أجواء العراق وتخلف عشرات المصابين

توقفت العديد من النشاطات ومؤسسات الدولة عن العمل في مدن الموصل وأربيل ودهوك والرمادي

مؤيد الطرفي مراسل عراقي  السبت 9 أبريل 2022 5:09

شهدت بغداد تصاعد نسبة الغبار إلا أنه جاء بمستويات منخفضة مقارنة بمناطق أخرى من العراق (أ ف ب)

يشهد العراق منذ أسابيع موجة من العواصف الترابية التي غزت الأجواء بشكل غير معتاد لتصبح ضيفاً على العراقيين لعدة أيام في الأسبوع الواحد، وسط مخاوف من أن تكون يومية خلال الأشهر القادمة في ظل التغييرات المناخية في العراق والعالم وخصوصاً الجفاف المتصاعد.

ضحايا وإصابات

وتسببت العواصف، التي هبت على المدن العراقية منذ يوم الخميس وما زالت مستمرة، عن تسجيل 90 حالة اختناق في كركوك ومقتل أربعة أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً في صلاح الدين بحسب إحصاءات طبية، فيما توقفت العديد من النشاطات ومؤسسات الدولة عن العمل في مدن الموصل وأربيل ودهوك والرمادي.

تعلميات مرورية

وأصدرت دائرة مرور كركوك، في وقت سابق الجمعة، جملة من التعليمات للمواطنين وسائقي المركبات تضمنت غلق نوافذ المركبات بشكل مُحكم أثناء القيادة خلال العاصفة الترابية، وتشغيل المصابيح الأمامية لزيادة وضوح الرؤية بين مركبة وأخرى، فضلاً عن السير بسرعات منخفضة وعدم تجاوز السرعة المقررة.

وشهدت بغداد مساء الخميس وصباح الجمعة تصاعد نسبة الغبار إلا أنه جاء بمستويات منخفضة مقارنة بمناطق أخرى من العراق.

ولم تكن هذه العاصفة الأولى فقد ضربت عاصفة رملية، الثلاثاء 23 مارس (آذار) 2022، محافظات الأنبار وبغداد وكربلاء وصلاح الدين بالإضافة إلى جزء من كركوك، حيث تسببت بصعوبة في الرؤية ببعض تلك المناطق وأصيب عشرات المواطنين في العاصمة بغداد والأنبار وصلاح الدين بضيق في التنفس وتم نقل عدد كبير منهم إلى المستشفيات بحسب وزارة الصحة العراقية.

مساعدة مصرية

وكشفت الحكومة العراقية عن اتفاق مع نظيرتها المصرية على إشراك خبراء مصريين في معالجة التصحر بهدف التقليل من آثار العواصف الترابية.

وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي حيدر مجيد ” لوكالة الانباء العراقية”إن “هناك لجنة لمعالجة حوض نهر الفرات والكثبان الرملية والتصحر وإنشاء الحزام الأخضر برئاسة الأمين العام للمجلس وعضوية ممثلي وزارتي الزراعة والموارد المائية، إضافة إلى عدد من المتخصصين والأكاديميين والاستشاريين وأساتذة الجامعات في محافظات الديوانية والمثنى وذي قار” مبيناً أنها “عقدت أربعة اجتماعات بحثت خلالها آلية وضع رؤى وأفكار لمعالجة ملوحة حوض نهر الفرات والمحافظات الثلاث وأيضاً ظاهرة تصحر محافظتي المثنى وذي قار”.

فيما كشف الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي عن مبادرة أطلقتها دائرة المنظمات غير الحكومية بالأمانة العامة بزراعة مليون شجرة في عموم المحافظات للحد من التصحر.

وأكد الغزي في بيان “أنها ستسهم في زيادة المساحات الخضراء، وتحقيق التنمية المستدامة، وتقليل ظاهرة التصحر”، داعياً المؤسسات الحكومية والتعليمية والتربوية كافة إلى دعم المبادرة والإسهام الفاعل فيها من خلال زراعة الأشجار والشتلات في الدوائر والجامعات والمدارس.

الحرارة السبب

من جانبه أرجع مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية عامر الجابري زيادة وتيرة العواصف الترابية خلال الأيام والأسابيع الماضية إلى التقلبات بدرجات الحرارة.

اقرأ المزيد

وقال الجابري إن “زيادة حدة العواصف الترابية بدأت خلال أشهر وذلك نتيجة تأثر العراق بالمنخفضات حيث كنا من المتأثرين بكتلة هوائية باردة وبعدها جاءت كتلة هوائية حارة أو دافئة”، لافتاً إلى حدوث ما يسمى بـ “الفارق الحراري” نتيجة تأثير هاتين الكتلتين الهوائيتين مما يؤدي إلى تصاعد الغبار نتيجة الجفاف والتصحر وقلة الأمطار.

قلة الأمطار والنباتات 

وأضاف أن سرعة الرياح وقلة الأمطار من الأسباب الرئيسية التي تساعد على تصاعد الغبار لا سيما في المناطق الغربية من العراق التي تعتبر من المناطق الهشة ولذلك تحمل الرياح التي تصل سرعتها من 30 إلى 40 كيلو متر بالساعة الأتربة وتؤثر على تصاعد الغبار، مبيناً أن ما يساعد هذه العواصف هو افتقاد البلاد إلى الغطاء النباتي والحزام الأخضر نتيجة التجريف بالأراضي الزراعية والتي تعتبر حاجزاً طبيعياً.

وأشار إلى أن “من الصعوبة التنبؤ بالعواصف الترابية ونتوقع أن تستقر تلك العواصف بعد استقرار درجات الحرارة”.

ويعاني العراق من انخفاض مستوى الغطاء النباتي نتيجة الحروب التي شهدتها البلاد خلال العقود الماضية، فضلاً عن تقطيع المناطق الزراعية والبساتين إلى أجزاء وبيعها للسكن، وتقول وزارة الزراعة إن العراق بحاجة إلى 14 مليار شجرة من أجل أن يحافظ على بيئته.

مصدات طبيعية

بدوره قال عميد المعهد الأميركي للدراسات البيولوجية حيدر معتز إن عدم وجود مصدات لصد الرياح، وقلة الأمطار أدى إلى زياد حجم وتأثير العواصف الترابية على العراق، داعياً إلى الاهتمام بإنشاء مصدات طبيعية لصد الرياح. وأضاف أن “العراق يفتقد الى المصدات أو الغطاء النباتي والغطاء الأخضر الذي كان موجوداً خلال أوقات معينة من الزمن”.

وأشار إلى أن الأضرار الصحية التي تحدثها الأتربة على صحة الأنسان لا سيما الجهاز التنفسي والرئتين وتمثل معاناة صحية تتمثل بمشاكل تنفسية.

ولفت إلى أن “العاصفة الترابية تأتي بين فترة وأخرى ولا نستطيع التنبؤ بها إلا أنه بالإمكان معالجتها من خلال زيادة نسبة الغطاء النباتي في المناطق التي تهب منها العواصف الترابية لصد الرياح”، مبيناً أن عدم تساقط الأمطار يعتبر عاملاً سلبياً في زيادة تأثير العواصف الترابية لكون العراق شهد خلال السنوات الماضية نسب أمطار قليلة جداً مما انعكس سلباً على الغطاء النباتي وعدم تثبت التربة.

المناطق الغربية

وأوضح أن أغلب العواصف الترابية تأتي من المناطق الغربية التي ينقصها الغطاء النباتي أو المصدات النباتية ليصل تأثيرها إلى مناطق بعيدة لم تعرف العواصف الترابية سابقاً.

وشدد على ضرورة إشراك العراق بأي مبادرة تعزز الغطاء النباتي وتساهم بشكل إيجابي في صد هذه الأتربة لا سيما لتوفير غطاء نباتي في المناطق الحدودية التي تكثر فيها الكثبان الرملية من أجل منع الرياح.