اخبار سياسية

لماذا تخشى قوى الإطار التنسيقي دور المعارضة؟

ترفض قوى الإطار التنسيقي، ممارسة دور المعارضة، في قبالة تحالف “إنقاذ الوطن” الساعي إلى تأليف الحكومة الجديدة، وهو ما أفضى إلى انسداد سياسي، قد يفتح المشهد على سيناريوهات متعددة.

خلف هذا الرفض، جملة أسباب، وسرديات، بعضها معلنة، وأخرى ما زالت طي الكتمان، غير أنها تظهر على فلتات لسان قادة وأعضاء الإطار التنسيقي، ففي الوقت الذي يتحدث فيه بعضهم، عن قبولهم بدور المعارضة، يتحدث آخرون عن مفردات الإقصاء والتهميش.

ويتّضح من خلال تعليقات أعضاء في الإطار التنسيقي، الخوف والقلق من تسليم الصدر زمام الأمور، تحسّبا لاستدارة عكسية قد تضعف نفوذهم، أو تمارس تضييقا عليهم على المستوى السياسي والعسكري.

وتبرز ملفات شبهات الفساد والتورط في المال العام، كأحد أسباب عدم رغبة قوى الإطار التنسيقي في تولّي دور المعارضة، رغم أهميّة وعلوية هذا الدور في الممارسات الديمقراطية، خاصّةً أن أغلب الأحزاب والفصائل المنضوية تحت جناح قوى الإطار، تولت سابقا إدارة الدولة، في أغلب مفاصلها.

قلق من النهاية

يقول عضو الإطار، وعد القدو، في تصريح متلفز: “إنهم يريدون تجريدنا من كل قوة تشريعية وتنفيذية، وعقب وصولهم إلى السلطة، سيتخذون بحقّنا عدة إجراءات”.

لكن زميله، القيادي في ائتلاف دولة القانون، وائل الركابي، يقول إن “الإطار ليس لديه اعتراض على عنوان المعارضة، لكننا نعتقد أن هذا الدور ليس فرضاً يمليه علينا طرف سياسي آخر، خاصة وأن الإطار، أيضاً من الكتل الفائزة، ولديه 88 مقعداً، ولا يمكن دفعنا إلى هذا الدور عنوة”.

ويضيف الركابي، في تصريح لـ(المدى)، “نحن نؤمن بمبدأ المعارضة، وكنا سابقاً في ائتلاف دولة القانون، نمارس هذا الدور في الدورة البرلمانية السابقة، ولكن ما هي الجدوى من هذا الموقع إذا كانت الأطراف السياسية الأخرى تريد تشكيل الحكومة، وتسيطر على البرلمان كذلك؟”.

ويوضح الركابي، أن “المقترحات التي قُدمت في هذا الشأن هي أننا لا نرفض دور المعارضة، لكن على أن تتكون مبدئياً الكتلة الشيعية الأكبر، داخل البرلمان، وبناء على ذلك نتوافق على رئيس الوزراء، وصولاً إلى تموضع كل حزب، وأخذ الدور الذي يرغب به”. وتكاد التجارب الماضية تعطي صورة واضحة عن سبب تلاشي بعض التجمعات السياسية، إذ أنها تفقد قوتها، لجهة عدم حصولها على مناصب حكومية، مثل الوزراء أو المدراء العامين، لإدامة مشروعها والبقاء ضمن الأجواء العامة.

وتبرز لدى الذّهن السياسي العراقي عدد من الأحزاب والتجمعات الكبيرة، التي فقدت قوتها وتلاشت على نحو دائم، بسبب عدم مشاركتها الفعلية في الحكومة، وهو سيناريو تسعى أغلب الأحزاب إلى تجنبه.

تباين في الخطاب

وشكل الخطاب الحاد لقوى التحالف الثلاثي، قلقاً لدى الأحزاب الأخرى، ما دفعها إلى التكتل سريعاً، والتجمع، تحسباً من الخطوات اللاحقة، التي قد تضعف قوتها السياسية، أو تتجه سريعاً نحو الدولة العميقة، والمناصب التي تحتكرها داخل مفاصل المؤسسات الرسمية.

ويرى عضو في التيار الصدري، أن “مسار المعارضة، ليس اختياراً، من قبل الأحزاب الخاسرة في الانتخابات، بل هو قرار حقيقي فرضه الواقع الجديد، نتيجة عدم إيمان الشعب، بتلك الأحزاب، وقدرتها على إدارة الدولة، لذلك يمنحها موقعاً آخر، وهو المراقبة والتصويب، ومحاولة تعديل بعض الإجراءات التي يرونها غير مناسبة، وهو مسار عالمي معمول به، فضلاً عن أن هذا التمايز يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، لبناء الديمقراطية العراقية”.

ويضيف العضو، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ(المدى)، أن “غالبية قوى الإطار التنسيقي، كانت تنادي بحكومة الأغلبية، وتتغنى بأطروحة الأحزاب الحاكمة، والأخرى المعارضة، لكن القضية، أن هذا التوجه لما كانت تلك القوى في السلطة، لكنها اليوم في وضع معقد وصعب، استدارت نحو خيار التوافقية، ما يكشف التناقض والمزاجية في تحديد البوصلة”. وأشار إلى أن “تحالف إنقاذ الوطن، لديه مشروع واضح، ومنهاج محدد، ويسعى إلى تحقيقه، ومن ضمن هذا المشروع، هو إحياء دور المعارضة، فمن غير الصواب أن تؤلف حكومة، دون إيجاد قوى سياسية، تراقبها وتحدد مكامن الخلل في عملها”.

ومنذ عام 2003، شهدت الساحة العراقية، بروز قوى سياسية كبيرة، وأحزاب، لكنها تذوب بفعل عوامل الزمن، والشيخوخة السياسية، وفقدان السطوة، وتبعثر المشروع، وهو ما يجعل هذا السيناريو ماثلاً أمام القوى الأخرى في حال أرادت التخلي عن حصتها في الحكومة.

كما أن الوجود ضمن الحكومات أو مفاصل الوزارات، يمنح تلك الأحزاب وقاية، وضمانة من الملاحقات القضائية، أو الاغتيال السياسي، ويعزز بشكل دائم، قوتها ونفوذها.