اخبار سياسية

الصدر يتهم القضاء العراقي بمسايرة «الإطار التنسيقي» ويرفض التحالف مع «الثلث المعطل»

الثلاثاء – 16 شوال 1443 هـ – 17 مايو 2022 مـ رقم العدد [ 15876]

ضاحية الكرادة في بغداد كما بدت أمس في ظل عاصفة ترابية جديدة تضرب العراق (أ.ف.ب)بغداد: «الشرق الأوسط»

بعد يوم من إعلانه التوجه إلى المعارضة لمدة 30 يوماً، تاركاً المجال لخصومه في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي مهمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، شن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر هجوماً عنيفاً، أمس (الاثنين)، على القضاء العراقي، معلناً في الوقت نفسه أنه لن يتحالف مع ما سمَّاه «الثلث المعطل». وقال الصدر إن «الشعب يعاني من الفقر، فلا حكومة أغلبية جديدة قد تنفعه، ولا حكومة حالية تستطيع خدمته ونفعه»، متسائلاً: «هل وصلت الوقاحة إلى درجة تعطيل القوانين التي تنفع الشعب (عينك عينك)؟»، في إشارة إلى قرار القضاء إلغاء قانون الأمن الغذائي.
وأضاف الصدر: «إنهم يستهدفون الشعب ويريدون تركيعه، والأعجب من ذلك مسايرة القضاء لأفعال الثلث المعطل المشينة، من حيث يعلم أو لا يعلم»؛ مشيراً إلى أن «السلطة أعمت أعينهم عما يعانيه الشعب من ثقل وخوف ونقص في الأموال والأنفس، وتسلط الميليشيات، والتبعية، ومخاوف التطبيع والأوبئة». وتابع: «لم أستغرب قيد أنملة من الثلث المعطل وتعطيله تشكيل حكومة الأغلبية»، ملوّحاً في الوقت نفسه لخصومه بورقة الشارع قائلاً: «للمظلوم زأرة لن تكونوا في مأمن منها».
إلى ذلك، أفاد مصدر مقرب من «الإطار التنسيقي»، بأن قوى «الإطار» سترد على خطاب الصدر، بعد اجتماع يفترض أن يكون قد انعقد مساء أمس الاثنين، وحضرته قيادات «الإطار التنسيقي» بهدف «وضع النقاط على الحروف»، لا سيما لجهة الاتهامات التي وجّهت لها بـ«تعطيل مصالح الشعب، بدءاً من قضية تشكيل الحكومة إلى قرار المحكمة الاتحادية بشأن قانون الأمن الغذائي». وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومات سواء كانت من خلال الأغلبية (النيابية) أم التوافقية، لا تتشكل بالقوة، ومن وجهة نظر جهة واحدة؛ لأنها تملك أغلبية بسيطة. هناك نوع من المغالطة في فهم موضوع الأغلبية؛ لأننا محكومون بالدستور وبتفسير المحكمة الاتحادية بشأن انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتطلب أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، وهو أمر غير متوفر لدى التحالف الثلاثي» الذي يضم «التيار الصدري» و«تحالف السيادة» السنّي، والحزب «الديمقراطي الكردستاني». وتساءل المصدر قائلاً: «هل الديمقراطية هي أن نحضر للتصويت على مرشحهم لرئاسة الجمهورية، ثم نذهب إلى المعارضة ليشكلوا هم حكومة أغلبية؟». وأشار إلى أن «(الإطار التنسيقي) يتصرف وفق قواعد اللعبة الديمقراطية، بما في ذلك ما نسميه نحن (الثلث الضامن)، ويُطلق عليه خصومنا (الثلث المعطل)».
وفي هذا السياق، يقول أستاذ الإعلام الدولي في الجامعة العراقية، الدكتور فاضل البدراني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «لجوء الصدر للمعارضة جاء في ضوء رفض المحكمة الاتحادية لمشروع قانون الأمن الغذائي، الذي كان من متبنيات التيار الصدري وشركائه، فضلاً عن اقتناعه بعدم تمكن تحالفه من تشكيل الحكومة». وأضاف أن «خيار المعارضة التي حددها (الصدر) بشهر، كانت رسالة منه للرأي العام بأننا تركنا للطرف المعارض مهمة تشكيل الحكومة، مع قناعته بعدم تمكن أي طرف من تشكيلها». وتابع البدراني قائلاً: «فيما يتعلق بموقف حلفاء الصدر («تحالف السيادة» والحزب «الديمقراطي») من قرار المعارضة الذي اختاره، فأتوقع أنه سيؤثر على مستقبل الشراكة بينهم، ومن المؤكد أنهم يرفضون فرض خيار المعارضة عليهم، وربما نرى لبارزاني (مسعود بارزاني، زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني») مبادرة مع (الاتحاد الوطني الكردستاني) بالتنازل للطرف الأخير من خلال إعادة اختيار الرئيس برهم صالح لولاية ثانية في رئاسة الجمهورية، مقابل قضايا ترمم العلاقة بين الحزبين التقليديين». وأوضح أن «القوى السياسية أمام منعطف جديد، وقد نشهد تحالفات جديدة يكون محورها المستقلون، في تحريك المياه الراكدة بدفع مخفي من القوى التقليدية لحفظ ماء وجهها. أما الإبقاء على الوضع الحالي فإنه لن يطول، والقوى السياسية أدركت الآن أنها ضعفت كثيراً. ففي أي لحظة يمكن أن يتفق بعضها مع بعض -خصوصاً القوى الشيعية- على شخصية لتولي رئاسة الحكومة، وتنتهي الأزمة التي مضى عليها 7 شهور».
من جهته، يرى رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، الدكتور إحسان الشمري، لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتقال الصدر إلى المعارضة المؤقتة يعني أنه يريد النأي بنفسه عن الانغلاق السياسي، وكذلك عدم تحميل كتلته في البرلمان مسؤولية ما يجري من إخفاقات على مستوى الأداء السياسي». ويضيف أن «الجانب الآخر في هذه القضية، أن الصدر يدفع (الإطار التنسيقي) نحو زاوية الحرج الحاد؛ خصوصاً أن (الإطار) هو من يعمل على التعطيل، بالإضافة إلى أنه (الصدر) يريد أن يقول إن المستقلين فشلوا في عملية تشكيل الحكومة؛ حيث إنه يدرك أن هناك محاولات للالتفاف على خيار المستقلين من قبل (الإطار التنسيقي) وقوى سياسية أخرى، بشكل يعطل مشروعه الذي هو حكومة أغلبية وطنية، وهذا ما يشكل إحراجاً للمستقلين».
وأوضح الشمري أن «هذه هي المرة الثانية التي يدفع الصدر فيها شركاءه من (تحالف السيادة) والحزب (الديمقراطي الكردستاني) نحو حرية التحرك بعيداً عنه، إذا أرادوا هم ذلك»، مبيناً أن «من الواضح أن هناك نيات للصدر للذهاب إلى المعارضة، وبالتالي هي رسالة أن (تحالف إنقاذ وطن)، (أي التحالف الثلاثي الذي يضم الصدر مع شركائه السنة والأكراد) قد لا يستطيع البقاء، وهو ما يعني بقاء شركاء الصدر في حالة من الحرج، ما قد يدفعهم إلى أن يكونوا في وضع يجعلهم يحاولون إيجاد حل سريع باتجاه خيارات أخرى».