قطاع الدواجن العراقي ينهار تحت وطأة الاستيراد والتهريب
كانت تركيا تصدر نحو مليار بيضة إلى بغداد بكلفة تتجاوز 400 مليون دولار سنوياً
مؤيد الطرفي مراسل عراقي الخميس 21 يوليو 2022 4:29
أقرّ وزير الزراعة العراقي محمد كريم الخفاجي بتعرض صناعة الدواجن إلى خسارة كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية (أ ف ب)
لم تمض أشهر معدودة على قرار الحكومة العراقية، في مارس (آذار) الماضي، بفتح باب الاستيراد للمواد الغذائية، ومن البيض والدجاج من دون رسوم جمركية، حتى بدأ انهيار قطاع الدواجن العراقي الذي تمكّن من النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ويبدو أن القرار الحكومي لم ينتبه الى أمر مهم وهو التوسع الكبير الذي تمثل بالاستثمار في قطاع الدواجن منذ 2019 وافتتاح مشاريع عديدة تجاوزت 7000 مشروع، أبرزها مشروع دواجن الديوانية الذي ينتج 500 ألف بيضة في اليوم الواحد فضلاً عن إنتاج نصف مليون دجاجة في الشهر الواحد يتم بيعها في السوق العراقية.
خسارة كبيرة
وأقرّ وزير الزراعة العراقي محمد كريم الخفاجي بتعرض صناعة الدواجن إلى خسارة كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية، تمثلت بإغلاق أكثر من 3000 مشروع، وقال الخفاجي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية، “موضوع تهريب الدواجن عُرض أمام الحكومة، وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مهتماً شخصياً بالموضوع”، مبيناً أن “صناعة الدواجن تعرضت إلى خسارة كبيرة خلال الأشهر الماضية”.
ضياع 3000 مشروع
وأكد الخفاجي “فقدان أكثر من 3000 مشروع نتيجة التهريب وإغراق السوق بالسلع المستوردة التي جاءت عبر الدول المجاورة”، مشيراً الى أن “أسعار البيض كانت تباع في الأسواق العراقية أقل بكثير من الأسعار في المدن التي يتم التهريب منها”، وشدد الوزير العراقي على ضرورة “منع التهريب للسيطرة على عملية الإنتاج”.
وقف التهريب
واقترحت وزارة الزراعة، في وقت سابق، حلولاً لمنع دخول الدواجن المهربة الى العراق مؤكدة حماية هذا القطاع، وبينت أن دخول الدواجن المهربة، يتطلب أولاً تدخل وزارة الزراعة مع الجهات الأمنية، لوقف تدفق المنتجات الزراعية المهربة، وكذلك تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود، ومتابعة الأسواق المحلية، من أجل دعم المنتج المحلي، والحفاظ على صحة وسلامة المستهلكين.
تقليص الانتاج
وقال أحمد ماجد مدير إحدى شركات إنتاج بيض المائدة في محافظة واسط إن الشركة قلصت الإنتاج وعدد العاملين في الحقل الذي تمتلكه بسبب الخسائر التي تكبدها نتيجة غزو البيض المستورد، مضيفاً أن “أصحاب مشاريع الدواجن يعانون حالياً من ارتقاع سعر الطن الواحد للعلف، الذي كان يكلف 500 ألف دينار عراقي (نحو 340 دولاراً)، بينما يكلّف الآن مليون دينار (نحو 680 دولاراً)، فضلاً عن انخفاض أسعار البيض في السوق المحلية نتيجة زيادة ما يصل من مستورد في الأسواق”.
العاملون في الشارع
وتابع ماجد أن الخسائر التي تعرضنا لها في الحقل أدت إلى خفض عدد العمال من 400 إلى 50 عاملاً، مرجحاً انقراض مشاريع الدواجن في العراق إذا ما استمر الاستيراد العشوائي وعدم تطبيق قانون التعرفة الجمركية على المستورد، وأوضح أن كثيراً من مشاريع الدواجن أغلق في المحافظة أو قلّص عدد العاملين، إذ كان عدد العاملين في تلك المشاريع 20 ألفاً، والآن أصبح 3000 فقط، بينما انخفض عدد المشاريع العاملة بنسبة 80 بالمئة، لافتاً إلى أن حقله كان يضم نحو مليون ونصف مليون دجاجة وما تبقى فيه حالياً 500 ألف بعد ذبح البقية لعدم التمكن من توفير الأعلاف فضلاً عن انخفاض الإنتاج اليومي من البيض من 700 ألف بيضة إلى 360 ألفاً.
وحسب إحصاءات وزارة الزراعة العراقية، فإن العراق استطاع، عامي 2020 و2021 إنتاج نحو سبعة مليارات بيضة، في العام الواحد، بعد أن كان انتاجه قبل عام 2019 لا يتجاوز ملياراً ونصف مليار بيضة.
تداعيات وخيمة
وحذر علي المظفر رئيس جمعية رعاية منتجي الدواجن من تداعيات وخيمة على مستقبل قطاع الدواجن بالعراق بعد تعرّض المربين إلى خسائر فادحة نتيجة غزو المنتوج المستورد، وقال المظفر إن “حقول الدواجن بدأت تتكبد خسائر كبيرة جداً يومياً، وغالبيتها أغلقت نتيجة دخول المنتج الأجنبي من الدجاج وبيض المائدة من دون تعرفة جمركية”، مبيناً أن “هذه المشاريع لم تستطع المنافسة مع تلك المنتجات لا سيما في ظل عدم وجود دعم من قبل الدولة وزيادة أسعار الأعلاف وتكاليف الكهرباء”.
اقرأ المزيد
- فتح استيراد المنتجات الحيوانية يزعزع قطاع الدواجن في العراق
- 65 مليون دولار خسائر مزارعي الدواجن في مصر
- النفط يشعل أسعار الغاز في مصر والدواجن إلى ارتفاع
قرار متوقف
ولفت المظفر إلى أن مجلس الوزراء أصدر قراراً بحماية المنتج المحلي بتسعيرة جديدة، وأحالوا كتاباً إلى الهيئة العامة للجمارك بتطبيقه، على أن ينفّذ خلال سبعة أيام، إلا أن الأمر لم يتمّ، مرجحاً أن تتوقف كل مشاريع الدواجن أو غالبيتها إذا لم يتم تطبيق قانون التعرفة الجمركية، وبيّن أن أسعار البيض كانت مناسبة، وتم فتح الاستيراد من دون تعرفة جمركية، في وقت زادت خسائر مربي الدواجن أضعافاً مضاعفة لا سيما وأن اسعار الدواجن والبيض أقلّ ثمناً مما هي من دول الجوار، مؤكداً أن آلاف العمال تم تسريحهم بعد الخسائر التي تعرضت لها حقول الدواجن خلال الأشهر الماضية.
وأوضح أن العراق أحرز، سابقاً، الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة نتيجة إنشاء آلاف الحقول، إلا أنه بعد هذه الخسائر، توقفت المشاريع، معتبراً أن قرار مجلس الوزراء بفرض ضرائب على المنتج الأجنبي هو قرار صائب، إلا أن قرار إيقاف الاستيراد غير صحيح كونه سيعطي المجال للتهريب، وكان الجهاز المركزي للإحصاء التركي أعلن أن حجم صادرات الدجاج إلى العراق بلغت في 2021 أكثر من 247 مليون دولار بارتفاع بلغ نسبة 31 بالمئة مقارنة بعام 2020.
وكانت تركيا تصدر نحو 400 ألف طن من لحوم الدواجن سنوياً، ونحو مليار بيضة إلى العراق بكلفة تتجاوز 400 مليون دولار سنوياً حتى مايو (أيار) 2019 موعد قرار منع الاستيراد.