تقرير بريطاني: الكل يخادع في أوكرانيا

1

لفتت الكاتبة في مجلة “نيو ستيتسمان” البريطانية كايتي ستالارد إلى أن المحللين كانوا منقسمين حيال ما إذا كانت روسيا أو أوكرانيا تفوز بالحرب وما الذي سيعنيه الانتصار لأي منهما.

كرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحرب كانت تسير وفقاً للخطة مشيداً بسقوط مدينة ماريوبول في أبريل (نيسان) ومعلناً الانتصار في منطقة لوغانسك في الرابع من يوليو علماً أن الأوكرانيين يصرون على أن جزءاً من المنطقة لا يزال متنازعاً عليه. وفي 7 يوليو تفاخر قائلاً: “على العموم، لم نبدأ لغاية الآن بأي شيء جدي”.

خداع روسي
ترى ستالارد أن بوتين يخادع. لقد عانى الجيش الروسي من خسائر كبيرة. يقدر مسؤولون بريطانيون أن الروس فقدوا نحو 25 ألف جندي في أوكرنيا وهو رقم أكبر من خسائر الاتحاد السوفياتي في حرب أفغانستان التي امتدت على مدى عقد من الزمن. بينما امتنع بوتين حتى اليوم عن إعلان تعبئة عامة، يبدو أن “تعبئة خفية” جارية حالياً، مع عرض مكافآت نقدية ورواتب مضخمة على الاحتياط للانخراط في الحرب ووعد السجناء بالعفو إذا وافقوا على القتال. ويلعب المرتزقة من مجموعة فاغنر شبه العسكرية دوراً متزايداً في النزاع إلى جانب متطوعين من الجمهوريتين المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا ووحدات شيشانية موالية للزعيم المؤيد لبوتين رمضان قاديروف.

أوكرانيا تخادع أيضاً
لن يكون الدفاع عن مكاسب روسيا سهلاً مع وجود خط أمامي يمتد مئات الكيلومترات وحصول الجيش الأوكراني على أسلحة طويلة المدى مثل أنظمة المقذوفات العالية الحركة التي استخدمها لضرب مراكز قيادية روسية ومخازن عدة للذخيرة. وزعم وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي رزنيكوف أن البلاد تعد مليون جندي لشن هجوم مضاد واستعادة الأراضي التي سيطر الروس عليها في الجنوب. وهذا أيضاً خداع حسب الكاتبة.

تتكبد أوكرانيا أيضاً خسائر ثقيلة واشتكى مسؤولون كبار من أن الجيش الروسي يفوق نظيره الأوكراني عتاداً وعدداً بعشرة إلى واحد. ألقى محللون غربيون ظلالاً من الشك على احتمال حشد قوة من “مليون” رجل، ناهيكم عن القدرة على تدريب جميع المجندين.

وتظهر الشروخ الخطيرة الأولى في إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. فقد أقال الأخير رئيس الوكالة الأمنية والاستخبارية الأساسية في البلاد إيفان باكانوف والمدعية العامة إيرينا فينيديكتوفا في 17 يوليو. وزعم زيلينسكي أن كلتا الهيئتين تعرضتا للاختراق من مسؤولين يتعاملون مع روسيا.

الغرب ليس بعيداً من الشبهة
قد يكون تصميم الغرب الظاهر على استدامة دعمه أوكرانيا مجرد خدعة أيضاً. في مواجهة التضخم وارتفاع أسعار الوقود، ستجد أوروبا والولايات المتحدة صعوبة في مواصلة المستوى الحالي من المساعدة إلى أجل غير مسمى. بينما تعهدت مجموعة السبع في يونيو (حزيران) بالوقوف إلى جانب أوكرانيا “مهما لزم الأمر”، ثمة خطر في التراجع عن هذا القرار مع استمرار ارتفاع كلفة هذا الدعم. من المحتمل مثلاً أن تواجه ألمانيا تقنيناً ونقصاً في الطاقة هذا الشتاء إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي. وقد تغرق البلاد في الركود.

ماذا عن الولايات المتحدة؟
في الولايات المتحدة التي تؤمن الغالبية الساحقة من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، أعرب البنتاغون عن مخاوفه من استنفاد ترساناته الخاصة من بعض الأسلحة مما قد يؤثر على الجاهزية القتالية للبلاد. وجد استطلاع رأي لشركة راسموسن في أوائل هذا الشهر أن 63% من الناخبين الأمريكيين يظنون أنه يجب على أوكرانيا مواصلة قتال روسيا حتى تنهي الغزو، في انخفاض بتسع نقاط عن استطلاع سابق أجري في أبريل. بين الجمهوريين الذين يرجح فوزهم بالكونغرس في الانتخابات النصفية، كان الرقم 60%. وانخفض تقييم زيلينسكي نفسه بين الجمهور الأمريكي من 79% في أبريل إلى 67% أوائل الشهر الحالي.

ترضي بوتين
ترى الكاتبة أن الاتجاهات لا تتحرك بالسرعة التي يحبها بوتين لكنها بالتأكيد تتحرك نحو الوجهة التي يريدها. يأمل بوتين أن يسيطر “التعب من أوكرانيا” على الغرب في الأشهر المقبلة. يحتمل أن يفترض الرئيس الروسي أن الإعلانات الأخيرة عن الوحدة الغربية خاطئة وأنه بمجرد أن تبدأ الدول باختبار عدم الارتياح سيضغط قادتها على أوكرانيا للقبول بالشروط التي تعجب الرئيس الروسي قبل أن يخففوا العقوبات.

لم يبدأوا بدفع الثمن
لغاية اليوم، دفع القادة الغربيون القليل مقابل دعمهم لأوكرانيا. في الواقع، كان من المفيد سياسياً بالنسبة إلى العديد منهم أن يصوروا أنفسهم قادة في زمن الحرب يقاتلون على الخطوط الأمامية في المعركة من أجل الديموقراطية، كما كانت الحال مع بوريس جونسون. لكن مع الاقتراب من الخريف، ستصبح الكلفة الحقيقية لهذا الدعم واضحة مع شعور الناخبين بالتداعيات الاقتصادية. تعتقد ستالارد أنه لا يزال ممكناً الكشف عن خداع بوتين وتحقيق أوكرانيا الفوز في الحرب، لكن حان الوقت للقادة السياسيين أن يبدأوا الحديث بنزاهة مع ناخبيهم حول ما الذي سيعنيه ذلك وعن سبب الإبقاء على هذا المسار.

التعليقات معطلة.