المتحدث الإقليمي للخارجية الأمريكية لـ24: علاقاتنا مع الإمارات أقوى من أي وقت مضى
محمد طارق
تطورات سريعة ومتلاحقة طرأت على المنطقة والعالم في الأونة الأخيرة، فبعيداً عن الأزمة الأوكرانية الروسية ظهرت على السطح العديد من الأزمات الدولية بدءاً من الأزمة في تايوان بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مروراً بمقتل زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري، انتهاءً بالتوترات في قطاع غزة والتصعيد بين حركة “الجهاد الإسلامي” وإسرائيل.
ساميويل وربيرغ، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية تحدث في حوار لـ”24″ عن رؤية بلاده ومواقفها باعتبارها من أكبر اللاعبين على الساحة الدولية، والذي قال فيه إنه لا يوجد مُبرر لما تفعله الصين تجاه تايوان، وأن العالم أصبح أكثر أماناً بعد مقتل الظواهري، مؤكداً أن “حل الدولتين” هو الأمثل للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى العلاقة القوية التي تتمتع بها العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات، وإلى نص الحوار:
كيف تابعت الولايات المتحدة التوترات في قطاع غزة الأسبوع الأخير؟
إن الولايات المتحدة تابعت التوترات وأعمال العنف بقلق بالغ، ونحن نقدم تعازينا لذوي الضحايا ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين. وهذه التوترات لا تصب أبداً في مصلحة كلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وتعرقل المحاولات للوصول إلى حل الدولتين الذي بالنسبة لإدارة بايدن هو الحل الأنسب لهذا الصراع.
كنا على تواصل دائم مع كل أطراف التصعيد في غزة بالإضافة إلى مصر والأردن وقطر |
لقد رحبنا بشكل كبير باتفاق وقف إطلاق النار الذي حدث، ومازلنا منخرطين الآن في العمل مع كل الأطراف لضمان صمود هذا الاتفاق ولتعزيز الهدوء. وبدون شك سنواصل العمل في الأسابيع والأشهر المقبلة لتنفيذ المبادرات التي أعلن عنها الرئيس بايدن خلال زيارته لإسرائيل والضفة الغربية في يوليو الماضي لتحسين حياة الشعب الفلسطيني ولضمان حصول الفلسطينيين والإسرائيليين على نفس القدر من الحرية والازدهار والديمقراطية.
هل كانت الولايات المتحدة على تواصل مع أطراف الأزمة؟
بدون شك لقد كنا على تواصل دائم مع كل أطراف الصراع بالإضافة إلى مصر والأردن وقطر، وهنا لا بد أن نشكر الحكومة المصرية على كل الجهود التي بذلتها لضمان وصول الأطراف إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
نشكر الحكومة المصرية والرئيس السيسي على جهودهم في وقف التصعيد بغزة |
نحن نثمن كثيراً الدور الذي لعبته الحكومة المصرية للمساعدة في التوسط في هذا الاتفاق، ونشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي والمسؤولين المصريين رفيعي المستوى الذين لعبوا دورا مركزيا في هذا الجهد الدبلوماسي.
ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية؟
كما رأينا خلال زيارة الرئيس بايدن لإسرائيل والضفة الغربية، قام الرئيس بالإعلان عن عدد من المبادرات لدعم الشعب الفلسطيني، وتشمل هذه المبادرات “تعزيز قطاعات الرعاية الصحية والتكنولوجيا، ودعم شبكة اتصالات الجيل الرابع (4G)، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي والحوار لدعم السلام”.
وبالنسبة لمبادرات تعزيز العلاقات بهدف تحقيق السلام، أعلن الرئيس بايدن عن منحتين جديدتين بقيمة تصل إلى 250 مليون دولار على مدى خمس سنوات لتنفيذ مشاريع يقودها كل من الإسرائيليين والفلسطينيين لتهيئة البيئة اللازمة لتحقيق سلام طويل الأمد.
“حل الدولتين” هو الحل الأنسب للصراع.. والشعب الفلسطيني يستحق العيش في دولة مستقلة وذات سيادة |
هذا التعاون على المستوى الشعبي سيعمل على بناء الثقة المتبادلة والتفاهم بين المجتمعين، هذه الخطوات من شأنها تسهيل الطريق لبدء مناقشات مباشرة للتوصل إلى حل الدولتين. وقد أكد الرئيس بايدن خلال كلمة ألقاها في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم، أن الولايات المتحدة من الداعمين لحل الدولتين والتزامه بذلك لم يتغير، وأضاف أن الشعب الفلسطيني يستحق العيش في دولة مستقلة وذات سيادة، والولايات المتحدة لن تتخلى عن السلام وعن حل الدولتين، ويجب إنهاء والتوقف عن كل الإجراءات أحادية الجانب والعنف الذي لا يصب في مصلحة أحد.
كيف سيكون موقف الولايات المتحدة الأمريكية حال هجوم الصين على تايوان؟
لن ندخل في سيناريوهات قد تحصل أو لا تحصل، ولكن الأعمال الاستفزازية التي قامت بها الصين كانت تصعيداً كبيراً.
لقد رأينا كيف حاولت بكين تغيير الوضع الراهن في تايوان منذ فترة وحتى الآن، على سبيل المثال، مضاعفة عدد الطائرات فوق خط الوسط الذي يفصل بين الصين وتايوان خلال العامين الماضيين وممارسة الإكراه الاقتصادي والتدخل السياسي والهجمات الإلكترونية ضد تايوان والآن قاموا بأفعال خطيرة وتصعيد إلى مستوى جديد.
لقد نقلت الولايات المتحدة رسالة إلى جمهورية الصين الشعبية باستمرار وبشكل متكرر مفادها أننا لا نسعى إلى أزمة ولن نتسبب فيها، ولكن الصين اختارت المبالغة في رد الفعل واستخدام زيارة رئيسة مجلس النواب بيلوسي كذريعة لزيادة النشاط العسكري الاستفزازي في مضيق تايوان وحوله.
الأعمال الاستفزازية التي قامت بها الصين في أزمة تايوان كانت تصعيداً كبيراً.. وليس هناك أي مبرر لتصرفات بكين غير المنطقية |
توقعنا أن تتخذ الصين خطوات من هذا القبيل وتحدثنا عن مثل هذا السيناريو من قبل، والحقيقة أن زيارة رئيسة مجلس النواب كانت سلمية ولا يوجد أي مبرر لهذا الرد العسكري المتطرف وغير المتناسب والتصعيد.
لم يتغير شيء بشأن سياسة “صين واحدة”، التي يسترشد بها قانون العلاقات مع تايوان والبيانات المشتركة الثلاثة والتأكيدات الستة، لا نريد تغييرات أحادية الجانب للوضع الراهن من أي جانب.
نحن لا نؤيد استقلال تايوان ونتوقع حل الخلافات عبر المضيق بالطرق السلمية وليس بالإكراه أو بالقوة، ونحن لسنا وحدنا في هذا الموقف فقد أصدرت رابطة دول جنوب شرق آسيا بياناً حول الحاجة إلى تهدئة التوترات في مضيق تايوان كما أن مجموعة السبع رفضت محاولة بكين إكراه وترهيب تايوان.
لا نؤيد استقلال تايوان ونتوقع حل الخلافات عبر المضيق بالطرق السلمية.. وبكين تحاول تغيير الوضع الراهن |
هناك مخاوف جدية ليس فقط لتايوان، ولكن من احتمال أن تؤدي هذه الأعمال من قبل بكين إلى زعزعة استقرار المنطقة الأوسع. لن يتم استفزاز الولايات المتحدة، وسنواصل القيام بما قمنا به لفترة طويلة، سندعم السلام والاستقرار عبر المضيق وحرية منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وسنلتزم بحلفائنا وشركائنا وسنعمل معهم ومن خلال المنظمات الإقليمية لتمكين حلفائنا في المنطقة من اتخاذ قراراتهم الخاصة، دون إكراه، وسنتخذ المزيد من الخطوات لإظهار التزامنا بأمن حلفائنا في المنطقة.
وما مُبرر الصين في ممارساتها مع تايوان كما تراه الولايات المتحدة الأمريكية؟
ليس هناك أي مبرر لتصرفات الصين غير المنطقية، وهذا التصعيد دون أي سبب. ولكن هذا النهج من الإكراه واستخدام القوة ليس بجديد بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية، لقد رأينا مثل هذه التصرفات في تايوان من قبل ودول أخرى، وبشكل عام فإن سياستنا كانت ولازالت منذ أربعة عقود قائمة على سياسة “صين واحدة” وإن التزامنا تجاه تايوان ثابت للغاية ويساهم في الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان وداخل المنطقة.
ستواصل الولايات المتحدة دعم الحل السلمي للقضايا عبر المضيق، بما يتفق مع رغبات ومصالح الشعب في تايوان، ونحث بكين على وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية ضد تايوان والانخراط بدلا من ذلك في حوار هادف مع تايوان.
وماذا حصدت جولة رئيس مجلس النواب الأمريكي من ثمار في جولتها الآسيوية؟
لن أتحدث نيابة عن رئيسة مجلس النواب، ولكن قبل الحديث عن نتائج الزيارة، يجب الإشارة إلى نقطة هامة هنا وهي أن الزيارة السلمية لرئيسة مجلس النواب بيلوسي وأعضاء آخرين في الكونغرس إلى تايوان لم تكن الأولى من نوعها.
سياستنا كانت ولازالت منذ أربعة عقود قائمة على سياسة “صين واحدة” والتزامنا تجاه تايوان ثابت.. وزيارة بيلوسي لتايوان ليست استثنائية أو فريدة أو جديدة |
لقد كان لدينا ما يقرب من عشرة وفود من الكونغرس في هذا العام فقط قاموا بزيارة المنطقة، وهناك تاريخ طويل من زيارات أعضاء الكونغرس لتايوان، لذلك فإن هذه الزيارة ليست استثنائية أو فريدة أو جديدة. هذه الزيارات بشكل عام تهدف إلى تعميق الروابط الدبلوماسية وتعزيز التعاون بيننا وبين أصدقائنا في العالم.
ما توقعات الإدارة الأمريكية بشأن فترة ما بعد الظواهري.. هل تتوقعون أي رد فعل من تنظيم القاعدة؟
لا شك أن العالم أصبح مكانًا أكثر أماناً بعد موت الظواهري، وستواصل الولايات المتحدة العمل بحزم ضد أولئك الذين يهددون بلدنا أو شعبنا أو حلفائنا وشركائنا، سواء كان هناك رد فعل من القاعدة أم لم يكن، فالولايات المتحدة تعمل مع شركائها للتصدي للتهديدات الإرهابية سواء في أفغانستان أو العالم.
عملية استهداف الظواهري كانت محسوبة بدقة عالية.. والعالم أصبح أكثر أماناً بعد موته |
لقد قال الرئيس بايدن العام الماضي بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان إننا لا نريد أن نرى أفغانستان ملاذاً آمناً للإرهابيين وبالفعل حققنا هذا الالتزام وسنواصل القيام بذلك في مواجهة أي تهديدات مستقبلية.
سنعمل مع شركائنا في كل مكان للتصدي لأي تهديدات سواء من القاعدة أو داعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية.
وما الاحتياطات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية لتجنب أي هجوم إرهابي؟
لا يمكننا الخوض في تفاصيل عسكرية أو استراتيجية ولكن يمكننا أن نؤكد أن الإنجاز الذي تم كان نتيجة لمهارة واحتراف زملائنا في وحدات الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بالتالي فإن العملية كانت محسوبة بدقة عالية جداً.
إلى أي مدى وصلت قوة العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والإمارات، وخصوصًا بعد زيارة بايدن للمنطقة ولقائه بالشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات؟
علاقة الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة اليوم أقوى من أي وقت مضى، نعتز بشراكتنا مع دولة الإمارات التي هي حليف قوي ومهم لنا في الكثير من المجالات، مثل استكشاف الفضاء والتصدي لآثار تغير المناخ والأمن الغذائي العالمي والسلام في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي والدبلوماسية الإقليمية والتجارة وغيرها الكثير.
نعتز بالشراكة مع الإمارات وهي حليف قوي ومهم لنا في الكثير من المجالات |
لا شك أن اللقاء الذي جمع بين الرئيس بايدن وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد كان تأكيداً على مدى متانة العلاقات الثنائية، وتاريخياً لطالما تمتعت الولايات المتحدة بعلاقات أكثر من ممتازة مع دولة الإمارات وسنستمر في تعزيزها بشكل دائم عبر التواصل مع المسؤولين الإماراتيين في واشنطن وعبر بعثاتنا الدبلوماسية في دولة الإمارات.
نحن نقدر قيادة صاحب السمو الرئيس محمد بن زايد في عدة قضايا إقليمية من ضمنها ملف اليمن وحل الدولتين وقيادة دولة الإمارات في إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتعميق التعاون مع الدول الإقليمية الأخرى. لقد اتفق الرئيسان خلال لقائهما الأخير على تعزيز التواصل والتعاون بشأن عدة قضايا إقليمية ودولية، ونحن نتطلع إلى مزيد من الشراكة والتعاون.