نواب أميركيون يضغطون على الإدارة لحل الخلافات النفطية بين بغداد وأربيل
21-08-2022 | 05:35 المصدر: النهار العربي
شركات أميركية عديدة لها مصالح نفطية في إقليم كردستان.
A+A-في وقت واحد، وبشكل متناغم، أعلنت أكثر من جهة تشريعية واقتصادية أميركية استعدادها لممارسة ضغوط على إدارة الرئيس جو بايدن، لتتدخل في الخلاف السياسي – القانوني في ملف استخراج النفط وتصديره، بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً إلى مزيد من الانخراط الأميركي في القضايا العراقية الداخلية العالقة، ولمصلحة إقليم كردستان، الجهة التي تطالب دوماً بتدخلات دولية لحل الملفات العالقة بينها وبين الحكومة المركزية. ثلاثة من أعضاء الكونغرس، من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وجهوا رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، طالبوا فيها بممارسة المزيد من الضغوط والعمل لحل مشكلة النفط والغاز بين بغداد وأربيل، كي يتمكن الإقليم من “تطوير قطاع النفط والغاز، والتعامل معه باستقلالية”، معتبرين أن الدستور العراقي ينص على ذلك، ويُقره خصوصاً في المادتين 111 و112 منه. رسالة أعضاء الكونغرس استندت إلى المصالح الجيوسياسية الأميركية، مذكرة بالدور الإيراني في تعطيل قطاع النفط والغاز في الإقليم، ومعتبرة أن الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران في 13 آذار (مارس) 2022 على منزل المدير التنفيذي لشركة “كار كروب”، سببه أن طهران ترى في تصدير نفط وغاز إقليم كردستان “تهديداً” لسوق الطاقة الخارجية الخاص بها. أعضاء الكونغرس مايكل والتز ودينا تيتوز ودوغ لامبورون أكدوا في رسالتهم أن الحكومة العراقية لا تقوم بما هو واجب عليها، وأن سلوكها واستراتيجيتها يتعارضان مع المصالح العليا للولايات المتحدة، وجاء في الرسالة: “نحن نشعر بالقلق من أن تؤدي هذه الخطوات إلى زعزعة الاستقرار في العراق وتصعيد التوترات في المنطقة والإخلال باستقرار سوق النفط الدولية أيضاً. لهذا فإن المصلحة القومية للولايات المتحدة تقتضي التعاون للتوصل إلى حل للخلافات بين حكومتي العراق وإقليم كردستان”. أعضاء الكونغرس طالبوا وزارة الخارجية بالتباحث مع حكومتي بغداد وأربيل والمساعدة في حل الخلافات، والتأكد من أن حقوق الحكم الذاتي والحقوق الاقتصادية للإقليم محفوظة، والتأكد من أن العراق سيبقى بلداً تعددياً واتحادياً بمنأى من التدخلات الإيرانية. إعادة نظر أميركيةالكاتب والباحث شفان رسول شرح في حديث لـ”النهار العربي” كيف أن هذه الآلية الجديدة تشبه ما كان يمارسه الكونغرس في تسعينات القرن المنصرم في الملف العراقي، حينما كان يتأكد أنه وصل إلى حالة إنسداد، فكان يُصدر توصيات وقوانين مُلزمة للإدارة الأميركية، لا تستطيع إلا التجاوب معها. وأضاف رسول أنه “طوال المراحل السابقة، كانت الإدارة الأميركية الحالية تعمل حسب الإطار الكلي للاستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، والتي كانت طوال السنوات الماضية منسحبة وشديدة المحافظة تجاه قضايا الشرق الأوسط، وبالذات الداخلية منها، في دولة مثل العراق، شهدت واحداً من أكثر تجارب الولايات المتحدة فشلاً. لكن التوصية الأخيرة، والتي قد يليها المزيد من التحركات التشريعية، سيدفع أي إدارة أميركية للتحرك، لأنها ستعرف أنه في المحصلة ثمة محاسبة تشريعية”. في خط موازٍ، حضّت غرفة التجارة في الولايات المتحدة الإدارة الأميركية على تكثيف جهودها للتقريب بين أربيل والحكومة المركزية، معتبرة أن ذلك يدخل في خدمة المصالح الاقتصادية الأميركية، التي تُعبر عنها الغرفة. والجدير بالذكر أن مئات الشركات الأميركية تعمل في إقليم كردستان العراق، وفي مختلف القطاعات، خصوصاً في قطاعي النفط والغاز، وبحجم اقتصادي يصل إلى قرابة عشرة مليارات دولار، حيث أن الخلافات القانونية والسياسية والاقتصادية بين الحكومة المركزية والإقليم تعوّق تلك النشاطات الاقتصادية ومصالح الشركات. مصالح متضررةتحصل الشركات الأميركية العاملة في إقليم كردستان على تسهيلات من مؤسسات التمويل الحكومية الأميركية، مثل “مؤسسة تمويل التنمية الدولية” الحكومية، الأمر الذي يحوّل مسألة الشراكة الاقتصادية مع إقليم كردستان إلى نوع من الشراكة الحكومية. كذلك فإن “مجلس الأعمال الأميركي – الكردستاني”، وهو مؤسسة شراكة اقتصادية ومنصة ضغط سياسي وتشريعي، يعتبر أن خلق فضاء من النشاط الاقتصادي السليم والآمن والمستدام هو جوهر مساعيه الثنائية. رجل الأعمال والاقتصادي بهرم مصطفى شرح في حديث الى “النهار العربي” كيف أن الولايات المتحدة هي القوة الدولية الوحيدة التي تملك مصالح وشراكة اقتصادية بهذا الحجم مع إقليم كردستان، وتتدخل في سبيل تحسين وضع الإقليم سياسياً واقتصادياً، خصوصاً مع الحكومة المركزية، وهو أمر لا تفعله باقي الدول، وبالذات روسيا والصين، مع أنهما تملكان مجموعة من المصالح والتداخلات الاقتصادية التي لا تقل عن تلك الأميركية. وأضاف مصطفى: “لأنها فقط التي تستطيع أن تمارس فاعلية حقيقية، ولأنها القوة العسكرية والسياسية الأكثر حضوراً في العراق، ولأمر أولي يتعلق بالهوية الأميركية في تأسيس العراق الجديد، فإن التدخل الأميركي في عشرات الملفات العالقة بين أربيل وبغداد قد يأتي بنتيجة ما، خصوصاً أن مختلف التجارب التي خاضها الإقليم خلال السنوات الماضية، أثبتت أن الإقليم لا يمكن أن يتوصل لحلول لقضاياه مع بغداد، إذ ثمة إرادة سياسية صلبة وحازمة في المركز، مصرة تماماً على اعتبار الإقليم مجرد كيان ملحق وغير ذي حقوق دستورية تمكّنه من إيجاد مساحات خاصة به”.