حل الأزمة السياسية في العراق خارجي أم داخلي – شعبي؟
تحول الخلاف من آلية تشكيل حكومة ائتلافية أو أغلبية وطنية إلى حصره وتحديده في حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة
اندبندنت عربية الثلاثاء 23 أغسطس 2022 18:26
يعتبر الحراك الشعبي المحرك الرئيس للمشهد العراقي (أ ف ب)
دخل اعتصام “التيار الصدري” أمام مبنى مجلس النواب العراقي في المنطقة الخضراء ببغداد، تقابله في الجهة الأخرى اعتصامات “الإطار التنسيقي” المناهض لمطالب الصدريين، أسبوعه الرابع من دون وجود أي حلول للأزمة السياسية القائمة، ولعب العامل الخارجي في تشكيل الحكومات المتعاقبة بعد تغيير النظام السابق دوراً كبيراً، إلا أنه بات ضعيفاً هذه المرة خصوصاً بعد استمرار أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، واقترابها من مرور سنة كاملة على إجراء الانتخابات في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في حين يعتبر الحراك الشعبي المحرك الرئيس للمشهد العراقي اليوم، وهذا الدور تم تفعيله بواسطة احتجاجات أكتوبر 2019، وتبعته احتجاجات جمهور الأحزاب لاسيما “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي” كما نشهد اليوم.
العاملان الخارجي والشعبي
ويقول الباحث العراقي صالح لفتة إن “كلا العاملين الخارجي والشعبي له تأثير في تشكيل الحكومة العراقية، وكل منهما لعب دوراً مهماً في فترة من الفترات، لكن يبقى التأثير الأكبر للدور الخارجي المعقد، وعلاقة الأطراف السياسية العراقية بالمحيط الإقليمي، وتشابك تلك العلاقة وارتباطها بملفات لا تزال عالقة تبحث عن حلول، كالملف النووي الإيراني وحتى الملفين السوري واليمني”.
وتراجع العامل الخارجي لحساب العامل الشعبي خصوصاً بعد “احتجاجات تشرين”، وتشكيل حكومة بحسب رغبة مطالب الجماهير، وما زال العامل الشعبي قوياً ويحسب له حساب في الحكومة المقبلة، بحسب لفتة الذي أشار إلى احتجاجات جماهير الصدر وقدرتها التنظيمية العالية على شل وإسقاط أية حكومة قادمة خارج رغبتها.
ويرى الباحث أن “التعويل على العامل الخارجي أو الاحتكام للشارع لن يبني دولة وطنية قوية مستقلة القرار، وستكون رهينة التجاذبات والمزايدات السياسية الداخلية، وصراعات الزعامة بين القادة أو المصالح الإقليمية والدولية، ولن يهتم أحد بما يريده المواطن العراقي البسيط غير المشارك بالاحتجاجات ومن لا يدعم أي طرف خارجي، والأفضل احترام الدستور وعدم تجاوزه لأي سبب كان، والمضي بتشكيل الحكومة بحسب فقراته ومواده الواضحة، واحترام المدد الدستورية المحددة فيه”.
إلى ذلك، أكدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أن التضحيات العديدة التي بذلت لاستعادة مكانة العراق يجب ألا تذهب سدى.
وبحسب بيان للبعثة بذكرى تفجير مقر بعثة الأمم المتحدة ببغداد عام 2003 الذي أودى بحياة عشرات، فإن “التضحيات الكثيرة التي بذلت لاستعادة مكانة العراق يجب ألا تذهب سدى، وإنما يتعين حشد كل الجهود من أجل الحوار والحلول خدمة للصالح العام للشعب”.
وأضافت: “لقد واجه العراق مصاعب لا حصر لها في السنوات الأخيرة، وما الأزمة السياسية القائمة إلا آخر تحد مطول منها، ومع ذلك فليس من بين الخلافات الراهنة ما هو عصي على الحل، ولا يمكن اعتبارها أكثر أهمية من المصلحة الوطنية”، مجددة التأكيد على دعمها لشعب العراق.
الشعب مصدر السلطات
وكان خطيب صلاة الجمعة السيد مهند الموسوي، أكد أن الشعب مصدر السلطات والخروج ضد الفساد ليس خروجاً على الدولة، مبيناً أن “الإعلام المزيف أصبح أبواقاً للفساد”.
وقال الموسوي خلال صلاة الجمعة أمام مبنى البرلمان، إن “التضليل الإعلامي وصناعة الرأي المزيف يمارسان ضد حركات الإصلاح والتغيير، واليوم هناك إعلام موجه ومنظومة التزييف والتضليل من الجيوش الإلكترونية أصبحا أبواقاً للفاسدين الذين يقفون ضد انتفاضة الإصلاح من خلال ترويج الإشاعات والكذب والتحريف وإخفاء الحقائق عن الجمهور عبر التعتيم”، مشيراً إلى أن “الشعب اكتوى بالفساد والإدارات الفاشلة”.
اقرأ المزيد
- استقالة وزير المالية العراقي تفتح ملف الفساد مجددا
- كيف يرى المحللون اجتماع الساسة العراقيين من دون الصدر؟
- تحالف جديد يعيد القوى السنية العراقية التقليدية إلى الواجهة
- أنصار التيار الصدري بدأوا الانسحاب من أمام مجلس القضاء الأعلى
وأضاف الموسوي أن “من خلاله الشعب يكتب الدساتير وهو المكون الأساس للدولة”، مؤكداً أن “إرادة الشعوب أقوى من الطغاة”، وتابع أن “الحوارات السياسية لا نقيم لها وزناً”.
وعلى الرغم من المبادرات والتدخلات لحل الأزمة السياسية إلا أنها بقيت تراوح مكانها، وتحول الخلاف من آلية تشكيل حكومة ائتلافية أو أغلبية وطنية إلى حصره وتحديده في حل البرلمان من عدمه وإجراء انتخابات مبكرة.
طريقة واحدة فقط
وفي هذا السياق، أكد “ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، أن حل مجلس النواب يكون من خلال طريقة واحدة فقط، وليس هناك من طريقة أخرى.
وقالت عالية نصيف، النائب عن “ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، في تصريح صحافي، إن “حل مجلس النواب يكون من خلال طريقة واحدة فقط، وهي عبر المادة الـ64 من الدستور عبر السلطة التشريعية، وذلك بجمع تواقيع 110 نواب أو من خلال السلطة التنفيذية عبر طلب رسمي تقدمه رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية”.
ولفتت إلى أن “حكومة الكاظمي حكومة بلا صلاحيات كاملة وفقاً لقرارات المحكمة الاتحادية العليا، ولهذا هي لا تملك أية صلاحية لتقديم أي طلب لحل مجلس النواب، ولهذا حل البرلمان يتطلب في البداية تشكيل حكومة جديدة”.
سياقات دستورية وقانونية
في الأثناء، شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان على أهمية اعتماد السياقات الدستورية والقانونية لحل الأزمة السياسية، فيما أشار إلى أن القضاء يقف على مسافة واحدة من الجميع.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر طالب في وقت سابق بحل البرلمان وفق الدستور عن طريق مجلس القضاء الأعلى، الذي أعلن أنه لا يملك صلاحية لحل مجلس النواب، موجهاً دعوته أيضاً إلى المحكمة الاتحادية لتشارك دستورياً في حل البرلمان، في حين أن المحكمة الاتحادية أوضحت بأنها ستبت موضوع الحل في الـ30 من الشهر الحالي.
إلى ذلك، رهن النائب عن “الإطار التنسيقي” وليد السهلاني، الموافقة على إجراء الانتخابات المبكرة بشروط عدة، أبرزها فتح الحوار المباشر مع التيار وإعادة إحياء البرلمان.
وقال السهلاني في تصريح صحافي إن “إبقاء الوضع السياسي كما هي الحال غير ممكن أو مبرر، وعليه فإن الحل الأمثل يكون بإعادة إحياء البرلمان”.
وأضاف أن “الانتخابات التي يطالب بها التيار يجب أن تخضع لمعايير عدة، من ضمنها قبول القوى الفاعلة من عدمه والدخول بجولة حوارات مباشرة مع الإطار”.