انقسام الأحزاب العربية يغير المشهد السياسي في إسرائيل

1

مثّل تفكك القائمة المشتركة التي تضم عدداً من الأحزاب العربية في إسرائيل، مفاجأة سياسية في إسرائيل، في ظل سباق محموم قبل نحو شهر ونصف على إجراء انتخابات الكنيست الخامسة خلال أربع سنوات، بعد فشل أي من الكتل الإسرائيلية في تشكيل تحالف سياسي مستقر.

وأعلن حزب التجمع الوطني الديمقراطي برئاسة سامي أبو شحادة، خوض انتخابات الكنيست بشكل مستقل عن القائمة المشتركة التي كانت تضم إلى جانبه، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة برئاسة أيمن عودة، والحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي.

وهذا هو ثاني انشقاق تشهده القائمة، بعد ذاك الذي حدث عام 2019، حين أعلن رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس، خوض الانتخابات بشكل منفرد، وتمكن من أن يكون جزءاً من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي.

ويعلل حزب التجمع، انفصاله عن القائمة المشتركة بضرورة رفض مشاركة القائمة في دعم أي من القطبين المتنافسين في إسرائيل، سواء كتلة زعيم المعارضة بنيامين نتانياهو اليمينية، أو الكتلة المنافسة له بقيادة شخصيات عدة أبرزها رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي يائير لابيد، لكن مصادر عدة تشير إلى أن الانقسام حدث بسبب خلاف على آلية مقاعد في القائمة التي كان يتم تحضيرها للانتخابات ومراكز كل حزب في هذه القائمة.

فرصة لنتانياهو
جاء هذا الانشقاق بمثابة هدية لزعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتانياهو، الطامح للعودة للحكم في إسرائيل، حيث أن جميع الأحزاب العربية هي في المعسكر المناهض له، وانقسامها يعني تقليل حظوظها في انتخابات الكنيست المقبلة، أو حجب بعضها بسبب عدم قدرتها على تجاوز نسبة الحسم من الأصوات (3.25% من الأصوات) التي تؤهلها لدخول الكنيست.

كما سيؤثر ازدياد عدد الأحزاب التي من المتوقع ألا تحصل على نسبة الحسم على فرص كتلة اليمين، من خلال انخفاض الأعداد اللازمة للحصول على مقاعد، وهذه الميزة وإن كانت مفيدة لكتلة نتانياهو والكتلة المناهضة على حد سواء، إلا أن تماسك كتلة اليمين بشكل أكبر سيجعلها الأكثر استفادة من هذه المتغيرات.

ووفق الواقع الحالي، فإن الأحزاب العربية ستخوض الانتخابات بثلاثة قوائم منفصلة هي القائمة العربية برئاسة منصور عباس، والقائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي برئاسة سامي أبوشحادة، الذي ترجح استطلاعات الرأي في إسرائيل عدم تجاوزه نسبة الحسم اللازمة لدخول الكنيست، وسيكون فاقد الأصوات من أنصار هذا الحزب لصالح نتانياهو وكتلة اليمين.

تعزيز حظوظ لابيد
وبينما يبدو انقسام القائمة المشتركة مفيداً لإسرائيل، سلطت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، الضوء على مدى استفادة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي لابيد من هذا الانقسام، وحظوظه في الانتخابات المقبلة.

وبحسب الصحيفة، فإن غياب حزب التجمع بزعامة سامي أبوشحادة، وهو الحزب الأكثر تشدداً في رفض التحالف مع لابيد لتكوين ائتلاف حكومي، سيجعل قرار الأحزاب المتبقية في القائمة أكثر مرونة لدعم لابيد.

وإذا ما تحقق ذلك، فإن لابيد سيحظى بدعم الحزبين المتبقيين في القائمة المشتركة، إضافة إلى القائمة العربية الوحدة بزعامة منصور عباس المتحالفة معه أصلاً، حيث تشير أحدث استطلاعات الرأي في إسرائيل إلى أن القائمة المشتركة والقائمة العربية سيحصلان معاً على 8 مقاعد، ما سيزيد من عدد المقاعد الداعمة لكتلة لابيد في الكنيست، وزيادة فرصه في تشكيل الحكومة المقبلة.

تراجع التمثيل العربي
وبحسب صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، فإن الواقع السياسي للأحزاب العربية والانقسامات المتكررة، قد تقود لأن ينخفض الإقبال في التصويت في المجتمع العربي إلى مستوى غير مسبوق بنسبة 39٪، مقارنة مع نحو 60% في انتخابات عام 2020.

وترجح استطلاعات الرأي الإسرائيلية حصول الأحزاب العربية على 8 مقاعد في الانتخابات الحالية، وهو عدد يمثل نصف المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب العربية عندما كانت متحدة في انتخابات عام 2019، حيث حصلت على 15 مقعداً.

استمرار الأزمة السياسية
ورغم الهزة السياسية التي أحدثها انقسام الأحزاب العربية في إسرائيل، إلا أن انتهاء الأزمة السياسية في إسرائيل لم يبد قريباً حتى اللحظة، مع استمرار عدم قدرة أي كتلة في إحداث اختراق حاسم يقود لتشكيل تحالف مستقر يحظى بثقة أكثر من 61 نائباً في الكنيست من أصل 120.

وبحسب “جيروزاليم بوست” فإن أحدث استطلاعات الرأي تشير إلى أن كتلة اليمين التي يقودها نتانياهو، والتي تبدو أكثر تماسكاً وتنظيماً قد تحصل على 60 مقعداً، بفارق مقعد واحد عن العدد اللازم لتشكيل الائتلاف الحكومي، في حين ستحصل الكتلة المناهضة لنتانياهو على 57 مقعداً، وستحصل القائمة المشتركة غير المحسوبة على أي من الكتلتين على 4 مقاعد.

وإذا ما استمر هذا الانقسام، فإن إسرائيل ستكون على عتبة انتخابات سادسة تشهد متغيرات أكبر قبل حدوثها بما يدفع نحو إنهاء الأزمة السياسية في إسرائيل.

التعليقات معطلة.