1

تونس… هؤلاء ملاحَقون في ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب

24-09-2022 | 05:20 المصدر: النهار العربي

تونس-كريمة دغراش

تعود جذور ملف التسفير إلى فترة ما بعد ثورة 2011 وبدء نفوذ الإسلاميين.

تعود جذور ملف التسفير إلى فترة ما بعد ثورة 2011 وبدء نفوذ الإسلاميين.

A+A-يواصل القضاء التونسي التحقيق في قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، وهي واحدة من القضايا التي شغلت على امتداد السنوات العشر الأخيرة ولا تزال تشغل الرأي العام في تونس.  وشملت التحقيقات سياسيين، أغلبهم من قيادات حزب “حركة النهضة” وأحزاب حليفة له، إضافة إلى أئمة وكوادر أمنية من الصفين الأول والثاني.وتؤكد مصادر متطابقة لـ”النهار العربي” أن عدد المتورطين في هذه القضية تجاوز الـ800 متهم، مرجحة أن يصل مع تقدم التحقيقات إلى ألف. ومنذ الأسبوع الماضي، شرع القضاء التونسي في التحقيق مع المشتبه بهم في هذه القضية التي تعود إلى بداية الثورة في تونس سنة 2011، حين سافر الآلاف من التونسيين إلى سوريا والعراق ولاحقاً ليبيا للقتال هناك إلى جانب التنظيمات الإرهابية. وتقول لجنة مكافحة الإرهاب الحكومية إن عددهم ناهز الـ3 آلاف، فيما قدرتهم تقارير دولية بنحو 9 آلاف مقاتل، 60 في المئة منهم توجهوا إلى سوريا، فيما التحق 30 في المئة منهم بليبيا. والأربعاء قرّر قطب مكافحة الإرهاب إخلاء سبيل كل من رئيس مجلس النواب المحلول ورئيس “حركة النهضة” راشد الغنوشي، ونائبه وزير الداخلية علي العريض، والنائب السابق عن “النهضة” أيضاً الحبيب اللوز، كما أُخلى سبيل النائب السابق عن حزب “ائتلاف الكرامة” حليف “النهضة” محمد العفاس. 

 وقال العفاس لـ”النهار العربي” إن قاضي التحقيق أصدر حظر سفر على 817 شخصاً شملهم التحقيق في هذه القضية، وهو رقم أكده في تصريح إلى إذاعة محلية المحامي مختار الجماعي، عضو لجنة الدفاع عن عدد من المتهمين. والخميس أُخلى سبيل رجل الأعمال والنائب السابق عن “النهضة” محمد الفريخة والموقوف أيضاً على ذمة القضية. وقال النائب عن “النهضة” وزير العدل السابق نور الدين البحيري لـ”النهار العربي” إنه لم يتلق دعوة رسمية للمثول أمام قاضي التحقيق في هذه القضية، لكنه أوضح أنه بلغ لعلمه أن وزارة العدل أبلغت فرع هيئة المحامين في تونس بتوجيه دعوات إلى التحقيق معه ومع المحاميين أنور أولاد علي وعبد الرؤوف العيادي. وسبق أن أوقف البحيري في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بسبب شبهات متعلقة بالفساد والإرهاب، ووُضع تحت الإقامة الجبرية وأخلي سبيله في آذار (مارس) الماضي. وفي بيان نشره الأربعاء، قال حزب “حراك تونس الإرادة”، إن رئيسه الشرفي ورئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي شملته الإحالة في هذه القضية، معتبراً أن “إثارة هذا الملف تندرج ضمن حملة استهداف المعارضة، بصفة خاصة المنصف المرزوقي، وكذلك قيادات حركة النهضة، بهدف طيّ صفحة الحرية والديموقراطية، وصرف انتباه الرأي العام عن قضاياه الحقيقية وعن الوضع المتردي جداً الذي تعيشه البلاد على كل الصعد”.   في المقابل، أصدر قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بطاقات إيداع بالسجن، في حق كل من فتحي البلدي، المكلف مهمة سابقاً في ديوان وزير الداخلية، ومحرز الزواري، المدير العام الأسبق للمصالح المختصة في وزارة الداخلية، وسيف الدين الرايس، الناطق الرسمي سابقاً باسم تنظيم “أنصار الشريعة”  المصنف تنظيماً إرهابياً، وعبد الكريم العبيدي رئيس فرقة حماية أمن الطائرات في وزارة الداخلية. وبحسب مصادر “النهار العربي”، ستشمل التحقيقات مديراً عاماً سابقاً للأمن الوطني محسوباً على حزب “حركة النهضة”، وعشرات المسؤولين الأمنيين من الصف الثاني.على ذمّة التّحقيقاتوينتظر أن يمثل المخلى سبيلهم أمام التحقيق مجدداً نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وتقول النائبة السابقة فاطمة المسدي، وهي جهة مشتكية في القضية إن إخلاء سبيل المشتبه بهم لا يعني حفظ القضية، لافتة إلى أنهم سيمثلون مجدداً أمام القضاء “ما يعني أن التهم التي تلاحقهم جدية” وفق تعبيرها. 

 وتنفي المسدي، في تصريح إلى “النهار العربي”، أن تكون الشكاية التي تقدمت بها قائمة على حجج واهية، كما قال الدفاع عن المتهمين، قائلة: “من الطبيعي أن يقول الدفاع ذلك، لكن شكايتي التي ضمت 200 صفحة استندت إلى أدلة وبراهين صحيحة، وهي ثمرة عمل “لجنة التحقيق في شبكات التسفير” البرلمانية، إضافة إلى شهادات ووثائق جمعتها بمجهودي الخاص”، وتضيف: “لو كان الأمر كذلك لكان القضاء العسكري حفظ القضية منذ البداية”. وكشفت المسدى أنه تم إعلامها بتوفير حماية أمنية لها على خلفية هذه القضية.“توظيف سياسي”ويوصف ملف التسفير بأنه واحد من أخطر ملفات عشرية حكم الإسلاميين في تونس، والذي حاول أغلب الفاعلين توظيفه واستغلاله، إما بالعمل على وأده أو السعي لإثارته في إطار معارك سياسية وانتخابية. وتعتبر “النهضة” في معظم التصريحات الصادرة عن قيادييها، إثر إخلاء سبيل أعضائها المحقق معهم، أن “التهم واهية” مثلما أكد النائب عنها بلقاسم حسن لـ”النهار العربي”، مشدداً على أن هناك “توظيفاً سياسياً للملف للتغطية على الأزمة الاقتصادية في البلاد”، بينما يرى خصومها أنها تتحمل المسؤولية كاملة عما حدث. وتتساءل المسدي: “كيف يعقل توقيف مديرين في وزارة الداخلية وإطلاق سراح رئيسهم وزير الداخلية الذي لم يكن حينها سوى علي العريض؟”. 

 وتتوقع المسدي أن يسقط هذا الملف “آخر أوراق الإخوان في تونس”، لأنه “سيكون منطلقاً لفتح ملفات أخطر تورطت فيها “النهضة”، كالاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية التي استهدف الأمن والجيش التونسيين”. ويقول الناطق الرسمي باسم حزب “التيار الشعبي” المساند للرئيس قيس سعيّد، إن مؤتمر “أصدقاء سوريا” الذي احتضنته تونس بدعم من الرئيس المرزوقي حينها، أعطى الضوء الأخضر لانطلاق عمليات تسفير الشباب إلى بؤر الإرهاب، مضيفاً في تصريح إلى “النهار العربي” أن حزب “النهضة” الذي اخترق كل أجهزة الدولة ووضعها تحت تصرفه وأنشأ أمناً موازياً أو ما يعرف بـ”الجهاز السري”، يتحمل المسؤولية القانونية والسياسية كاملة عن هذه الشبكات.  وتأتي ملاحقة قياديي “النهضة” وحلفائها في وقت انحصر نفوذها في البلاد، بعدما أبعدها الرئيس سعيّد عن الحكم في تموز 2021.

التعليقات معطلة.