الكتل الخرسانية تخنق بغداد… جسور مغلقة وانتشار أمني كثيف
السلطات شددت إجراءاتها قبل أيام من إحياء ذكرى تظاهرات أكتوبر
اندبندنت عربية الاثنين 3 أكتوبر 2022 4:02
العراقيون يدفعون ثمن سوء إدارة الأزمات التي تعيشها البلاد (أ ب)
ضيقت السلطات العراقية الخناق على العاصمة بغداد وشوارعها ومناطقها التي تربط بين جانبي الكرخ والرصافة خلال الأيام القليلة الماضية، في محاولة للسيطرة على التظاهرات الشعبية الغاضبة على الطبقة السياسية الحاكمة ومنع وصول أكبر عدد من المتظاهرين إلى ساحات الاحتجاجات.
وانتشرت طيلة الأسبوع الماضي عناصر الأمن في بغداد وشددت السلطات العراقية الإجراءات الأمنية قبل أيام من تظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) التي انطلقت يوم السبت بمناسبة مرور الذكرى الثالثة على انطلاقها وقطعت الشوارع والتقاطعات وعملت أيضاً على قطع الجسور الرابطة بالكتل الخرسانية حيث خنقت العاصمة بغداد وأصبحت حركة السكان محدودة.
وبعد انتهاء التظاهرات، كشفت مديرية المرور العامة، يوم الأحد، وجود انسيابية بحركة السير في بغداد رغم الكثافة المرورية، فيما أشارت إلى عدم وجود قطوعات باستثناء جسري الجمهورية والسنك.
وقال مدير العلاقات والإعلام في المديرية العميد زياد القيسي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه “بتوجيه وإشراف من مدير المرور العامة، باشرت دوريات المرور في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد بتنظيم حركة والسير والمرور في جميع التقاطعات والشوارع الرئيسة منذ الساعة 6:30 صباحاً”، مبيناً أن “ذلك تم بإشراف مباشر من مدير المرور ومديري مرور الكرخ والرصافة”.
وأضاف أن “بغداد تشهد كثافة مرورية مع انسيابية بحركة السير والمرور”، مشيراً إلى أنه “لا توجد قطوعات في جانبي العاصمة باستثناء جسري السنك والجمهورية”.
وأكد أن “العاصمة تشهد اليوم كثافة بدخول مركبات من خارج العاصمة لأن قسماً من الموظفين الذين يسكنون المحافظات القريبة يدخلون إلى بغداد وتحدث هنا كثافة مرورية”، لافتاً إلى أن “قسماً من المحال التجارية والصناعية كانت مغلقة يوم السبت بسبب التظاهرات السلمية، واليوم بدأت الناس بالتبضع وكذلك وتوجهت إلى الأحياء التجارية والصناعية، وهذا يسبب أيضاً كثافة مرورية”.
اقرأ المزيد
- عشرات الجرحى في مواجهات ذكرى احتجاجات أكتوبر العراقية
- هل تدخل “احتجاجات تشرين” العراق في حرب الشوارع من جديد؟
- الفوضى تعود إلى الشارع والبرلمان العراقي
لتجنب خسائر الأرواح
ويلفت الباحث السياسي، صالح لفتة، إلى أن “مجريات الأحداث والأزمة السياسية القائمة وما سبق من أحداث مؤسفة راح ضحيتها أبرياء خصوصاً في اقتحام المنطقة الخضراء وعرّض الحكومة للنقد من أطراف عديدة في طريقة التعامل مع الأزمة وعجزها عن حماية المقرات الحكومية، دفعت بالحكومة لتشديد الإجراءات وتقييد حركة المواطنين وغلق الشوارع والجسور الرئيسية لتجنب وقوع ما لا يحمد عقباه من تصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية أو استهداف المتظاهرين من جهات مجهولة لتشجيع الفتنة”.
وتابع “تظاهرات أكتوبر وقع فيها مئات القتلى والتظاهرات الأخيرة هي إحياء لذكرى هذه الاحتجاجات. ومطالبة العديد من المتظاهرين بمحاسبة القتلة وتقديم المتورطين للعدالة وربما تدفع بعض الشباب المتظاهر لاستخدام الأسلحة أو مهاجمة القوات الأمنية وهي بدورها ترد وتتوسع الأحداث، لذلك إجراءات الحكومة بهذا الشكل هي الوحيدة المتوفرة ولا بديل آخر لتجنب وقوع خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات وهي تدابير مؤقتة ترفع بعد انتفاء الحاجة لها وانسحاب المتظاهرين ولا فائدة من النقد لتعذر وجود إجراء بديل مناسب وآمن لحقن الدماء”.
المواطن دفع الثمن
في المقابل، يقول الباحث السياسي علي البيدر، تحاول حكومة تصريف الأعمال الوقوف على الحياد في معترك الصراع على السلطة أولاً وفي جهة منع المتظاهرين من تجاوز المناطق المرسومة لهم وبذلك تكثف جهودها لمواجهة أي تحرك قد يربك المشهد.
واعتبر البيدر، “كل ذلك كان على حساب المواطن الذي يدفع ثمن سوء إدارة الأزمات التي تعيشها البلاد، مبيناً أن طريقة إدارة الملف الأمني في البلاد غير منطقي ويتم الاعتماد على إحداث حالة من الفوضى والتضخيم في أي خطة أمنية تحصل من أجل إشعار الجميع بخطورة الوضع وبالتالي يتم منح المؤسسات الأمنية مساحة أكبر من الاهتمام وزيادة مخصصاتها على حساب بقية المؤسسات الحكومية”.
وأضاف “السلطة ما تزال قلقة وتخشى سحب البساط من تحتها لذلك تعمد إلى تحصين نفسها بهذه الخطط ولا تكترث لصورتها أمام الرأي العام أو المواطن البسيط الذي يكسب قوته عبر العمل وقد تكون تلك الإجراءات قد تسببت في إيقاف عمله”.