يسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقوة للانضمام إلى حلف الناتو من أجل تعزيز قوة بلاده في الحرب ضد روسيا، التي اقتطعت مؤخراً أجزاء واسعة من أوكرانيا بعد استفتاء مثير للجدل.
وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد الرئيس الأوكراني، أن كييف سوف “تسرع” من مسعى انضمامها إلى حلف الناتو، باعتباره رداً سريعاً ورمزياً على ضم فلاديمير بوتين لأربع مناطق استراتيجية في أوكرانيا.
وقبل اندلاع الحرب في فبراير (شباط) الماضي، سعت أوكرانيا جدياً للانضمام إلى الحلف القوي، لكن عقبات كثيرة اعترضت مساعيها، ومنعتها من إتمام طلب العضوية الشائك.
عقبات رئيسية
ومن العقبات الرئيسية في طريق انضمام أوكرانيا إلى الناتو الآن، الحرب الدائرة على أراضيها. وبحسب البند الخامس من معاهدة الحلف، فإن العضوية لا تمنح لأي دولة متورطة بنزاع إقليمي. ومن شأن انضمام أوكرانيا حالياً إلى الناتو، أن يجبر كل الدول الأعضاء في الحلف على الدفاع عن سيادة كييف، التزاماً بالمادة الخامسة أيضاً من معاهدة الناتو، التي تؤكد على دفاع الدول الأعضاء المشترك في حال تعرض إحداها للهجوم.
كما يطالب الناتو الدول الساعية للانضمام إليه على اتباع سياسة ديمقراطية، وشفافية عالية، كشروط للموافقة على الدخول في الحلف الدفاعي. وتعاني أوكرانيا من مستويات فساد مرتفعة، تضع عقبة إضافية في طريقها إلى الناتو. وفي تحليل أجري عام 2020، صنفت منظمة الشفافية الدولية، وهي هيئة مراقبة لمكافحة الفساد، أوكرانيا في المرتبة 117 من بين 180 دولة على مؤشر الفساد الخاص بها، أي أقل من أي دولة في الحلف، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
أيضاً، يطالب الناتو المرشحين إلى عضويته بضرورة تطبيق مستوى حرية فردية مرتفع في بلدانهم إلى جنب دعم حكم القانون. وبينما يقول القادة الأوكرانيون إنهم استوفوا هذه العتبة، يجادل بعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين بخلاف ذلك.
تعد الولايات المتحدة لاعباً رئيسياً في فريق الناتو، وهي من الدول القوية التي يعطي دعمها لأي دول أخرى فرصة أقوى بالانضمام إلى الحلف، وفي الآونة الأخير ارتفع مستوى الدعم العسكري الأمريكي إلى أوكرانيا لكن مع ذلك فهي لا تؤيد بقوة انضمام الأخيرة إلى الحلف.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن الرئيس الأمريكي طالب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائهما في المكتب البيضاوي ببذل مزيد من الجهود في مجال إصلاح سيادة القانون، وتحديث قطاع الدفان، وتوسيع النمو الاقتصادي. وكل تلك المطالب مؤشرات على بعد أوكرانيا عن عضوية الحلف.
دول تعارض
وتعارض دول عدة انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وكانت آخرها بلغاريا، والتي قال رئيسها في تصريحات صحافية في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إنه لا يؤيد فكرة الإعلان المشترك لدول شرق ووسط أوروبا بهذا الصدد.
وأوضح راديف في بيان له، أن “بلغاريا طرف في إعلان قمة الناتو في بوخارست عام 2008 بشأن انضمام أوكرانيا إلى الحلف في المستقبل، لكن هذا الإعلان تم تبنيه في ظروف أمنية مختلفة تماما”.
وتابع أن “العمليات القتالية على أراضي أوكرانيا تتطلب اليوم مناقشة عضويتها ضمن الإطار الكامل لمجلس شمال الأطلسي وألا يؤدي ذلك إلى انجرار دول الناتو للحرب بشكل مباشر”.
وتعارض سلوفاكيا أيضاً انضمام أوكرانيا إلى الحلف، وقبل أيام، وصف النائب السلوفاكي في البرلمان الأوروبي ورئيس حزب الجمهورية ميلان أوهريك طلب أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو بأنه “مطلب مجنون”، محذراً من أن ضمها سيعني وبشكل تلقائي تورط الحلف بشكل مباشر في حرب مع روسيا، وبالتالي حصول حرب عالمية.
وأضاف أوهريك في موقف نشره على موقعه الإلكتروني، إن “كل من سيصوت لصالح ضم أوكرانيا إلى الناتو سيعني عملياً تصويته لصالح انضمام بلاده إلى الحرب”.
ويرجح أن تكون الدول التي تمتنع عن تقديم مساعدة كاملة لأوكرانيا الآن هي نفسها التي ستعارض العضوية للأسباب نفسها، كما تقول ليا شونمان، نائب مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي في مركز “سكوكروفت” للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسي. وأضافت أن “دعم سياسة الباب المفتوح الذي ينتهجها الناتو من جهة، وإدخال أوكرانيا إلى الحلف من جهة أخرى هما مسألتان مختلفتان كلياً. فالناتو غير جاهز ككل أن يبت في طلب أوكرانيا، وفقاً لما ذكره موقع “اندبندنت عربية” أمس.
من جهته، علق أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ برد غير رسمي خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي حيث أشار إلى أن “كل ديمقراطية في أوروبا لديها الحق بتقديم طلب الانضمام لعضوية الناتو”، مضيفاً أن القرار المتعلق باحتمال انضمام أوكرانيا يعود إلى الدول الأعضاء الـ30.
لكن موقف رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، لم يحمل هذا القدر من التأييد، إذ رفضت تقديم دعمها لطلب زيلينسكي، واقترحت في المقابل تقديم ضمانات أمنية موازية. وصرحت يوم الجمعة قائلة، “نحن ملتزمون إلى أبعد حد بالديمقراطية في أوكرانيا. فلنفز بهذه الحرب. لكنني أؤيد إعطاءهم ضمانات أمنية”.
من جهتها، قالت نائبة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية فيكتوريا جيه نولاند، إن الولايات المتحدة مستعدة بجدية لمناقشة انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، كونها ديمقراطيات مستقرة منذ فترة طويلة، وراسخة.
وأشارت نولاند إلى أن الأمر مختلف فيما يتعلق بأوكرانيا، قائلة: “ستكون هذه المحادثة مختلفة قليلاً عما هي عليه مع الدول التي تنتقل إلى الأنظمة الديمقراطية وتتعامل مع مشاكل مكثفة للفساد والإصلاح الاقتصادي والاستقرار الديمقراطي، وما إلى ذلك”.