أهالي الناصرية يشكون حرائق الطمر الصحي وتفاقم التلوث
ذي قار/ حسين العامل
في وقت كشف مواطنون عن تفاقم معاناتهم من حرائق الطمر الصحي في الناصرية وما نجم عنها من سحب دخانية تتسبب بحالات اختناق واضرار صحية وبيئية كبيرة، اكدت مديرية بيئة ذي قار مخالفة معظم مواقع الطمر الصحي في المحافظة للمحددات الرسمية، مشيرة الى مقاضاة الدوائر المعنية امام المحاكم المختصة.
وتضم محافظة ذي قار أكثر من 12 موقع طمر صحي تتوزع على اقضية ونواحي المحافظة غير ان موقعين او ثلاثة منها فقط مطابقة للمحددات والضوابط البيئية المعتمدة، وهو ما دعا مديرية البيئة الى ملاحقة الدوائر المسؤولة عنها عبر الاجراءات القانونية والقضائية، اذ يشير المسؤولون في المديرية الى توجيه عدة انذارات ورفع أكثر من شكوى على الدوائر المعنية امام المحاكم المختصة.
وازاء ذلك وأثر موجة دخانية خانقة أطلق العشرات من السكان المحليين في مناطق الشموخ والاسكان الصناعي ومناطق اخرى من صوب الشامية في الناصرية نداءات استغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي داعين الحكومة المحلية الى التدخل العاجل لإنقاذ السكان من الاضرار البيئية والصحية الناجمة عن دخان حرائق الطمر الصحي.
ومن بين من أطلقوا تلك النداءات الكاتب المسرحي المعروف علي عبد النبي الزيدي الذي كشف في حديث مع (المدى)، عن معاناته ومعاناة السكان المحليين قائلا إن “مشكلة الطمر الصحي في مدينة الناصرية، وتحديداً في منطقة الاسكان الصناعي التي أسكن فيها تتفاقم يوماً بعد آخر منذ عشرين عاماً”. وأشار الزيدي، إلى “تسجيل اصابات بأمراض مزمنة ومسرطنة بين سكان المناطق التي يبلغها دخان حرائق الطمر الصحي”.
وأوضح، أن “دخان الطمر ورائحته الكارثية تجتاح البيوت كل يوم دون أي حل لهذه المشكلة التي أهملت واستفحلت”، مبينا ان “مطالبات أبناء المناطق لا تعد ولا تحصى منذ 2003 لغاية الوقت الحاضر”.
ووصف الزيدي ما يحصل بـ “جريمة (شروع بالقتل) بشعة تستهدف أبناء هذه المناطق”، ويجد أن “ذلك يستدعي تدخلاً فورياً من قبل الدولة لإنقاذ الأرواح من هذا التهديد اليومي”.
ونوّه، إلى أن “الحكومات المحلية المتعاقبة التزمت الصمت، وهو ما عده إهمالاً متعمداً لمشكلة كبيرة تفتك بصحة وحياة المواطنين”.
ويرى الزيدي ان “المعالجات الحكومية مازالت ضمن إطار الأوهام والمشاريع الكاذبة من قبيل محاولات لإنشاء (مصنع لتدوير النفايات) وسواها من هذه الأكاذيب التي صارت على شكل نُكات يتندر بها أبناء المحافظة”، على حسب قوله.
وتابع، أن “المشكلة يمكن أن تحل خلال يوم أو يومين من خلال نقل موقع الطمر الصحي الى منطقة بعيدة عن سكن المواطنين”.
وتحدث الزيدي عن، “استخدام الدوائر البلدية طرقا بدائية ومتخلّفة للتخلص من القمامة وذلك عبر تركها عرضة للحرق من قبل (النباشة) من الاشخاص الباحثين في القمامة عن مصدر رزقهم”.
ودعا، إلى “الاستفادة من تجارب الدول المجاورة والدول المتقدمة في معالجة وتدوير النفايات والاستفادة منها اقتصاديا عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة”.
وكان العشرات من أهالي منطقة الإسكان الصناعي (8 كم جنوب الناصرية) تظاهروا مؤخراً احتجاجا على تكرار حرق نفايات موقع الطمر الصحي وانتشار الدخان الكثيف الذي بات يغطي مناطقهم ويشكل تهديدا لحياتهم.
وبدوره، قال مدير بيئة ذي قار كريم هاني في حديث مع (المدى)، إن “المديرية شخّصت المخالفة البيئية في موقع الطمر الصحي في الناصرية منذ فترة سابقة واتخذنا اجراءات قانونية بحق النشاط وفق قانون 27 لسنة 2009”.
وأكد هاني، “توجيه انذار الى بلدية الناصرية الجهة الحكومية المسؤولة عن ادارة الموقع كونه مخالفا للمحددات البيئية وغير حاصل على الموافقة الرسمية ويتسبب بضرر للسكان المحليين”.
ولفت، إلى أن “الدائرة المعنية وبما انها لم تستجب وتبادر بإزالة المخالفة، تقرر غلق الموقع من قبل وزارة البيئة بسبب استمرار المخالفة”.
واستدرك هاني، أن “العمل في الموقع مازال مستمراً وهذا ما استدعى اقامة دعوى قضائية على الدائرة المعنية امام المحاكم المختصة”، متابعاً أن “القضية حاليا امام انظار القضاء ولم تحسم لغاية الوقت الحاضر”.
وأفاد، بأن “استمرار عمل الموقع بهذه الصورة المخالفة يشكل ضرراً بيئياً كبيراً ليس فقط على المناطق المحيطة بالموقع بل يمتد الى مناطق اخرى أوسع؛ كون انبعاث دخان الحرائق اخذ يغطي مساحات واسعة من بعض الاحياء في مدينة الناصرية”.
ولفت هاني، إلى أن “محافظة ذي قار تضم 12 موقع طمر صحي تتوزع على الاقضية والنواحي معظمها مخالفة للمحددات البيئية”.
ويواصل، أن “موقعين او ثلاثة منها فقط مطابقة للمحددات”، وتحدّث عن “ملاحقة النشاطات البيئية المخالفة في هذا المجال سواء من خلال الإجراءات القانونية المتمثلة بتوجيه الانذار او الدعاوى القضائية امام المحاكم المختصة”.
وتشكل النفايات وعمليات الحرق العشوائي في مواقع الطمر الصحي بمحافظة ذي قار، خطراً كبيراً على الاهالي والمناطق القريبة منها، اذ يعاني الكثير من سكان المناطق من امراض تنفسية ناجمة عن السحب الدخانية والروائح الكريهة المنبعثة من حرائق النفايات وهو ما دفع مجاميع من السكان الى تنظيم وقفات وتظاهرات احتجاجا على عدم معالجة مشكلة النفايات.
واعلنت الحكومة المحلية في ذي قار يوم (10 ايلول 2022) عن توقيع مذكرة تفاهم للتوأمة بين مدينة براتو الايطالية ومحافظة ذي قار، كشفت عن مشروع مشترك لتدوير النفايات في مركز مدينة الناصرية سينطلق نهاية تشرين الاول الجاري.
وقال محافظ ذي قار محمد هادي الغزي في حينها، إن “المرحلة الثانية من مذكرة التوأمة تشتمل على تطبيق خطة عمل بشكل تجريبي لمشروع تدوير النفايات على أحد الاحياء السكنية في الناصرية”، مشيرا الى ان “المشروع يغطي نحو 200 منزل في مرحلته التجريبية الأولى”.
وأوضح الغزي، أن “ذلك لمعرفة مدى تقبل المجتمع لفكرة اعادة فرز النفايات وفصلها بحاويتين حاوية (للنفايات الصلبة) وحاوية (للنفايات الرطبة) ومن ثم شحنها الى معمل التسميد المجهز لهذا الغرض من قبل الاتحاد الأوروبي”.
ومضى، إلى أن “المرحلة الثالثة والاخيرة تتضمن إعمام المشروع في جميع الاحياء السكنية في الناصرية”.