1

تكلفة باهظة لـ”الدعوة إلى المثلية الجنسية”… انقسام حيال مشروع قانون في برلمان إقليم كردستان

12-10-2022 | 05:30 المصدر: النهار العربي

رستم محمود

من حملة لمنظمة "راسان" الداعمة لحقوق المثليين، السليمانية 2018.

من حملة لمنظمة “راسان” الداعمة لحقوق المثليين، السليمانية 2018.

A+A-في خطوة لافتة، أعلنت كتلة “الاتحاد الإسلامي الكردستاني” في برلمان إقليم كردستان العراق إعدادها مسودة مشروع قانون “حظر الدعوة إلى المثلية الجنسية” في الإقليم. وقال نائب رئيس الكتلة إسماعيل سكيري، إن حزبه الذي يملك ستة مقاعد برلمانية، من أصل 111، تمكن من الحصول على تواقيع أكثر من 85 برلمانياً حتى الآن، لطرح مشروع القانون على البرلمان، لمناقشته وإقراره.
وتتألف مسودة القانون المقترح من ست مواد فحسب، تتضمن فرض عقوبات على الجهات والأشخاص والجماعات والمنظمات والشراكات التي “تروج أو تشجع على المثلية الجنسية”.
مشروع القانون ترافق مع المطالبة الرسمية التي وجهتها النائبة في برلمان إقليم كردستان هلز أحمد إلى وزارة التربية في الإقليم بـ”إزالة علم قوس قزح من المقرر الدراسي لمادة العلوم في المدارس الأساسية لأنها ترمز الى شعار المثليين”.
البرلمانية المنتمية الى كتلة “الاتحاد الإسلامي الكردستاني”، قالت في تصريحات إعلامية إن “الصورة الموجودة على غلاف كتاب مادة العلوم مؤلفة من ستة ألوان فحسب، في تطابق مع علم المثليين، وليس سبعة ألوان، كما هو قوس قزح”.
انقسام في الرأي العامالرأي العام في إقليم كردستان منقسم بحدة حيال موضوع تشريع قانون خاص بالمثلية الجنسية، كما أظهرت مئات التعليقات وأشكال التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي طوال الأسبوعين الماضيين. ففي حين أشارت غالبية واضحة من المعلقين إلى أن إقرار القانون سيحمي الفضاء العام والسلام الاجتماعي في الإقليم من أي خضات أو شروخ اجتماعية، وسيضع معايير واضحة تحدد الإطار القانوني لهكذا سلوكيات، وحصرها في المجال الخاص، أصر عدد من النشطاء المدنيين والحقوقيين على أن مثل هذا القانون إنما يدخل في إطار الحد من الحريات الشخصية والعامة في الإقليم، من خلال إثارة رهاب جماعي تجاه الجمعيات والجهات الساعية الى حماية المثليين وحقهم في توفير منصات مناصرة مدنية.
الباحثة والناشطة الحقوقية مايا أحمد شرحت في حديث مع “النهار العربي” أن هذا القانون يأتي كخطوة أولى في إطار سلسلة من الأعمال والاستراتيجيات التي تحاول بعض القوى السياسية والتنظيمات المحافظة تكريسها بالتقادم، لخلق نوع من “العدو الوظيفي” داخل البنية المجتمعية، وتالياً بناء جبهة سياسية وإيديولوجية مختلقة، توفّر شعبية ما لهذه الجهات.
وأضافت: “كان إقليم كردستان طوال السنوات الماضية يمتاز عن محيطه العراقي، والإقليمي، بنوع واضح من الحريات المدنية واحترام منظومة حقوق الإنسان، ولو بشكل نسبي فحسب. لكن افتعال برامج سياسية مضادة ومناهضة لواحدة من أهم بنى الحريات العامة، ألا وهي الحريات الجسدية، إنما يستهدف في المحصلة تكبيل هذه الميزة التي يمتلكها الإقليم وفقدانها. يصح ذلك حتى لو وافقت أغلبية أعضاء البرلمان على إقرار القانون، لأن هذا النوع من الحريات إنما هو جزء من الحريات الأولية والأساسية، ولا يمكن إلغاؤها قطعاً، في نظام يعتبر نفسه ديموقراطياً”. 

موقف الحكومةوكانت حكومة إقليم كردستان أكدت في أكثر من مناسبة أن “قضية مجتمع المثليين الجنسيين مناطة بالسلطة القضائية التي تتمتع بالاستقلالية في تفسير النصوص القانونية التي تناولت الموضوع ضمنياً”. حكومة الإقليم ذكرت إنها ستدعو المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال “حماية حقوق مجتمع الميم” إلى المناقشة، للتعرف الى ملاحظتها بشأن التعديلات التشريعية المقترحة.
تصريحات حكومة الإقليم جاءت في بيان رسمي من مكتب “منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كردستان”، بعد تقرير أصدرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” في شهر آذار (مارس) الفائت. الرد الحكومي قال إن “إقليم كردستان يستمر في كونه ملاذاً آمناً لممارسة الحريات الفردية والجماعية التي تُحترم دائماً من دون تمييز، لتعزيز وحماية المبادئ الأساسية وسيادة القانون”، مطالباً الحكومة والمجتمع المدني بالعمل معاً، مضيفاً أن “هناك مجموعة متنوعة من المواقف غير النظامية التي لا توفر لها اللوائح القانونية الحالية سبل انتصاف دقيقة، أحدها هو حقوق المثليين وحدودهم القانونية. لذا فإن المحاكم المستقلة عن الحكومة تبني استنتاجاتها على تفسيرات النصوص التي تتناول هذه القضايا ضمنياً، وإن كان ذلك مع الاستدلال الضروري والمقنع”.
لكن المنظمة الدولية عادت في أوائل شهر أيلول (سبتمبر) الماضي ونشرت نصاً تحليلياً للكاتبة والباحثة المختصة في برامج “حقوق المثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي” رشا يونس، وصفت فيه مشروع القانون المقترح بأنه “مشين ومن شأنه إذا اعتُمد أن يعاقب أي فرد أو مجموعة تدافع عن حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التفضيل الجنسي، ومتغيّري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)”.
وتفيد التقارير بأن مشروع القانون يكتسب زخماً بين أعضاء البرلمان. وطبقاً لـ”قانون حظر الدعوة إلى المثلية الجنسية”، سيواجه أي شخص يدافع عن حقوق مجتمع الميم أو “يدعو إلى المثلية الجنسية” عقوبة بالسجن حتى عام، وغرامة تصل إلى خمسة ملايين دينار (3,430 دولاراً أميركياً). كما سيعلّق مشروع القانون، لمدة تصل إلى شهر، تراخيص شركات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني التي “تدعو إلى المثلية الجنسية”.

التعليقات معطلة.