“ستدفعون ثمن ضياع أطفالكم”.. تحذيرات عراقية من الهواتف الذكية
2022-10-15
شفق نيوز/ حذّر خبراء صحيون وتربويون واجتماعيون، من استعمال الأطفال للهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية دون تقنين وتحكم بها، لما تسببه من مخاطر اجتماعية ونفسية وصحية عليهم.
وتعتبر الهواتف الذكية وسيلة للترفيه والتواصل الاجتماعي عند الأطفال، لكن ازدياد المدة التي يقضونها باستخدام تلك الأجهزة، دفع الكثير من ذوي الأختصاص وولاة الأمور إلى دق ناقوس الخطر من الآثار السلبية التي قد تترتب على هذا الاستعمال المحفوف بالمخاطر والمطالبة بتقنينه.
الفضاء الإلكتروني
المواطن أبو علي من محافظة البصرة، والمواطنة أم رسل من محافظة كربلاء تحدثا لوكالة شفق نيوز، عن أهمية مراقبة الأهل لأطفالهم – بطريقة غير مباشرة حيث لا تلفت الانتباه – لمعرفة كيف يتعاملون مع الفضاء الإلكتروني عبر هواتفهم الذكية وطبيعة استعمالهم لها.
أم رسل التي لديها طفلتان الأولى 9 سنوات، والأخرى 12 سنة، أشارت إلى أنها “اضطرت إلى شراء تلك الهواتف لطفلتيها لانشغالها في العمل، وخوفاً من خروجهما إلى الشارع والتعرض لمخاطر مختلفة”.
وعي تكنولوجي
ويتساءل الكثير من الآباء والأمهات عن العمر المناسب لامتلاك الأطفال هواتف محمولة، وفي هذا الشأن، يقول جيري بوبريك اختصاصي علم النفس السريري، وخبير القلق في “معهد تشايلد مايند، إن “الأمر لا يتعلق بعمر معين بقدر ما يتعلق بالوعي الاجتماعي للطفل وفهم ما تعنيه التكنولوجيا”.
وتابع بوبريك: “يمكن أن يكون لديك طفل يبلغ من العمر 15 عاماً (غير ناضج) حقاً، لكنك تمنحه الهاتف لأنه يبلغ من العمر 15 عاما، في حين أن الطفل البالغ من العمر 12 عاما الناضج اجتماعياً يمكنه التعامل مع الأمر بشكل أفضل”.
استخدام مقنن
ولم يخفِ خبراء تأييدهم للاستخدام المقنن لهذه الهواتف، ويتحدثون عن فوائد ذلك، إلا أنهم يحذرون في الوقت ذاته من الاستخدام المفرط لها، وآثارها السلبية على تركيبة الطفل النفسية والاجتماعية وصولا لتسببه بأمراض نفسية.
وفي هذا السياق أوصت الباحثة الاجتماعية، د. فرح غانم، الأسر العراقية والأمهات بصورة خاصة بـ”الاهتمام بأولادهم وإبعاد الهواتف (الموبايل) والآيباد واللاب توب والأجهزة الذكية الأخرى عنهم، كونها تسبب أمراضاً اجتماعية ونفسية وصحية لهم”.
ثواب وعقاب
وشددت غانم، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، على أهمية الانتباه من خطر استعمال الهواتف الذكية خاصة مع بدء العام الدراسي، داعية إلى “اعتماد منهج الثواب والعقاب في استعمال تلك الأجهزة، بمعنى أن الذي يُكمل واجباته المدرسية يُسمح له برؤية هاتفه أو اللعب بألعابه الذكية”.
لكن الأفضّل – بحسب غانم – هو “إشغال الطفل بواجبات تربوية وأسرية وممارسة الأنشطة الاجتماعية والرياضية، وأن يقتصر استعمال التكنولوجيا على التعليم فقط”.
ويقترح مختصون تحديد أوقات محددة لاستخدام الطفل للهاتف المحمول، حتى لا ينشغل عن دراسته أو واجباته، وحتى لا يسبب استخدامه له شكل من أشكال الإدمان.
المخاطر
ومن مخاطر الهواتف الذكية ما توصلت إليه دراسة بريطانية من أن الإفراط في استخدام الهاتف الذكي يؤدي إلى الحرمان من النوم؛ حيث وجدت الدراسة أن كل ساعة يقضيها الطفل يفقد مقابلها 16 دقيقة نوماً.
ومن مخاطر الأجهزة الالكترونية والذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، هو التوحد والتأخّر الدراسي والتمرد، بحسب الباحثة الاجتماعية شهرزاد العبدلي، التي أكدت لوكالة شفق نيوز، أهمية “توجيه الطفل بالاعتماد على الدفتر والكتاب أكثر من الهاتف والبرامج الإلكترونية”.
تأخر النطق
ويؤثر الهاتف الذكي على نطق الطفل، وذلك بحسب دراسة أجراها باحثون في مستشفى كندي للأطفال، حيث تبين أن الصغار الذين يستخدمون هذه الهواتف لفترات طويلة يعانون من صعوبات في التحدث من قبيل التأخر في النطق، مُقارنةً بنظرائهم ممن لا يُسمح لهم بالتعامل مع مثل هذه الأجهزة بالقدر نفسه.
وشملت الدراسة نحو (900) طفل تتراوح أعمارهم بين (6) أشهر وعامين، مشيرة إلى أن كل (30) دقيقة يقضيها الطفل لاستخدام الهاتف الذكي تزيد فرص معاناته من مشكلات في النطق بنسبة (49%).
من جهتها أشارت الأستاذة المساعدة في جامعة ميشيغان الأميركية، جيني راديسكي، في تعليق على هذه النتائج إلى أنه “من المستحسن منع الصغار، الذين تقل أعمارهم عن عامٍ ونصف العام، من التعامل مع أي أجهزة إلكترونية”، داعية “الآباء والأمهات إلى أن ينخرطوا بدلا من ذلك – وبشكل مباشر – في التعامل مع أطفالهم في هذه المرحلة السنية”.
وبحسب مجلة “تايم” الأميركية، تفيد الدراسات التي جرت في هذا الشأن، بأن الأطفال في سن صغيرة مثل هذه، لا يستطيعون التفرقة بين العالم ثنائي الأبعاد الذي يشاهدونه على شاشات الوسائط الإلكترونية، وبين العالم ثلاثي الأبعاد الذي يحيط بهم.
ضعف النظر
ومن بين الآثار السلبية الأخرى على استعمال الأطفال للهواتف الذكية “ضعف النظر وتشتت التركيز والإدمان على استعمال الإلكترونيات، ما يسبب صعوبة في تعايشهم مع الواقع والذي قد يسبب لهم مرض التوحد”، وفق ما قالته رئيس منظمة أيسن لحقوق الانسان والتنمية المستدامة، انسام سلمان لوكالة شفق نيوز.
وعن فوائد تلك الهواتف تتحدث سلمان أن “من إيجابيات الأجهزة تحسين لغة الطفل الإنجليزية، وتشبع فضوله إذا كان ممن يرغبون بمعرفة التكنولوجيا”.
وخلصت رئيس منظمة أيسن لحقوق الانسان والتنمية المستدامة، إلى القول إن “ذلك يكون بعمر العشر سنوات فصاعداً، وبأوقات محددة (من ساعتين إلى ثلاثة في اليوم كحد أقصى)، وأن لا يؤثر على دراسته، وفي الوقت نفسه يجب أن يكون تحت مراقبة الأهل”.