سر صعود الجمهوريين
شهد الديمقراطيون صيفاً ذهبياً. أدى قرار «دوبس» إلى زيادة في تسجيل الناخبين. ومنح الناخبون الديمقراطيين سلسلة من الانتصارات الجميلة في أماكن غير متوقعة – مثل ألاسكا، وكانساس، وجاءت الأنباء الطيبة من شمال ولاية نيويورك.
غير أنَّ الزخم لم يصمد طويلاً في وجه السقوط.
على مدى الشهر الماضي أو نحوه، كان هناك هدير في جميع أنحاء البلاد، والأخبار ليست جيدة للفريق الديمقراطي. وفي آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» رفقة «سيينا كوليدج»، قال 49 في المائة من الناخبين المحتملين إنهم يعتزمون التصويت لصالح المرشح الجمهوري في الكونغرس، وقال 45 في المائة إنهم يعتزمون التصويت لصالح المرشح الديمقراطي. وكان الديمقراطيون قد تقدموا بنقطة واحدة الشهر الماضي.
تضمن الاستطلاع بعض الأرقام المثيرة للأنظار. يعول الديمقراطيون على حقوق الإجهاض باعتبارها قضية كبيرة، الأمر الذي يكسبهم دعماً واسعاً بين الناخبات. غير أنها لا تبدو قضية ناجحة. على مدى الشهر الماضي، تبخرت الفجوة بين الجنسين، التي كانت تصب في مصلحة الديمقراطيين. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فضلت النساء – اللاتي اعتبرن من الناخبات المستقلات – الديمقراطيين بـ14 نقطة. والآن يفضلن الجمهوريين بنسبة 18 نقطة مئوية.
يتقدم الجمهوريون بشكل عام 10 نقاط على المستقلين.
لفهم كيف تفكر الأحزاب في سير الحملة الانتخابية، انظر أين ينفقون أموالهم. وكما أشار هنري أولسن في صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً، يضخ الديمقراطيون الأموال في دوائر مجلس النواب التي ينبغي أن تكون آمنة – وهي الأماكن التي فاز فيها جو بايدن بأرقام مزدوجة عام 2020. على سبيل المثال، تصنف التوقعات الانتخابية لمجلة «بوليتيكو» السباق في الدائرة 13 بولاية كاليفورنيا والدائرة 6 بولاية أوريغون، بأنه قرعة انتخابية محضة (مسألة حظ). وقبل عامين، وفقاً لـ«بوليتيكو»، فاز بايدن بهذه المناطق بنحو 11 و14 نقطة.
إذا كان الجمهوريون قادرين على المنافسة في أماكن من هذا القبيل، ربما ننظر إلى انتخابات الموجة الجمهورية الحمراء التي سوف تمكنهم بسهولة من استعادة مجلس النواب، وربما مجلس الشيوخ.
كيف ينبغي للديمقراطيين تفسير هذه الاتجاهات؟ هناك تفسير الحد الأدنى: انتخابات التجديد النصفي عادة ما تكون صعبة بالنسبة لحزب الرئيس، وكان من المحتم أن تكون الصعوبة مضاعفة بسبب التضخم العالمي.
إنني أتخذ موقفاً أكثر اعتدالاً منه إلى التطرف، وأقول إن الأحداث الأخيرة كشفت عن بعض نقاط الضعف الخطيرة في المقاربة السياسية للحزب:
من الصعب الفوز باستمرار إذا لم يثق الناخبون بك في أهم القضايا. وفي استطلاع حديث أجرته وكالة «أسوشييتد برس – نورك»، يثق الناخبون بقدرة الجمهوريين على القيام بعمل أفضل في قضايا الاقتصاد، بنسبة تتراوح بين 39 و29 بالمائة. وخلال العامين الماضيين، حاول الديمقراطيون بناء برنامج اقتصادي مقنع عبر استثمارات فيدرالية ضخمة في التكنولوجيا، والبنية التحتية، ورعاية الأطفال. لكن لا يبدو أن هذه السياسات قادرة على تحريك الناخبين. وكما ذكر جيم تانكيرسلي من صحيفة «التايمز»، فإن المرشحين الديمقراطيين في انتخابات مجلس الشيوخ لا يتحدثون إلا بالكاد عن خطة الإنقاذ الأميركية البالغة قيمتها 1.9 تريليون دولار، والتي تضمنت مدفوعات مباشرة للمواطنين.
كنت أعتقد أن التوسع في الائتمان الضريبي للأطفال سوف يحظى بشعبية واسعة النطاق، وقد يساعد في خلق أغلبية حاكمة ديمقراطية. لكن تبين أن شعبيته أقل مما توقعه الكثيرون، وتبعه عويل اجتماعي طفيف للغاية مع انتهاء صلاحيته. ربما كان لدى الناخبين شعور متأصل بعدم الارتياح إزاء إعادة توزيع الدخل والإنفاق الفيدرالي.
يواجه الديمقراطيون مشكلة الجريمة. قال أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين إن جرائم العنف مشكلة رئيسية في الولايات المتحدة، بحسب استطلاع للرأي أجرته مؤخراً « بوليتيكو – مورنينغ كونسولت». وفي تسعينات القرن العشرين، عمل بيل كلينتون وجو بايدن بجدية لمنح الديمقراطيين المصداقية فيما يتصل بهذه القضية. فقد تخلى كثير من الديمقراطيين عن السياسات المعتمدة لدى الحزب آنذاك، غالباً لأسباب وجيهة. لكن يتعين عليهم أن يعملوا على إيجاد مجموعة أخرى من السياسات الكفيلة بجعل الشوارع أكثر أماناً.
لم يحقق الديمقراطيون تقدماً كبيراً في كسب ود «الهسبانيين: الأميركيين ذوي الأصول اللاتينية». في عام 2016، فاز دونالد ترمب بنسبة 28 في المائة من أصواتهم. وفي 2020، كانت النسبة تصل إلى 38 في المائة. وفي هذا العام، كما لاحظ ويليام غالستون من صحيفة «وول ستريت جورنال»، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الجمهوريين سوف يكسبون مرة أخرى بنحو من 34 إلى 38 في المائة من أصوات الهسبانيين. وفي فلوريدا، يتقدم الحاكم رون ديسانتيس على الديمقراطي شارلي كريست بـ16 نقطة بين الناخبين الهسبانيين المرجح لهم المشاركة في التصويت.
* خدمة «نيويورك تايمز»