إقليم كردستان يتهيّأ لحلّ الخلافات مع بغداد جذرياً… لكن الأمر معقّد
13-11-2022 | 05:20 المصدر: النهار العربي
من قوات البيشمركة الكردية
يستعد وفد رفيع من حكومة إقليم كردستان العراق لعقد سلسلة من اللقاءات في العاصمة العراقية بغداد، تتركز حول الخطوات العملية لإقرار ثلاثة قوانين رئيسية خلال الشهور الستة المقبلة، ستشكل مجتمعة أرضية جديدة للعلاقة بين إقليم كردستان والسلطة المركزية، تتعلق بملفات النفط والغاز والموازنة العامة والمادة 140 من الدستور العراقي، وهي القضايا التي تشكل مصدراً للتوتر بين الطرفين منذ سنوات. زيارة الوفد الكردي تأتي ترجمة لاتفاق سياسي عقدته قوى “الإطار التنسيقي” خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مع الحزبين الكرديين الرئيسيين، كل على حدة. وقد وافق الحزبان على المشاركة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة مقابل تعهد القوى السياسية المنضوية ضمن تشكيلة “الإطار” تمرير ثلاثة قوانين متعلقة بهذه الملفات، إلى جانب وقف حملات التصعيد السياسية والاقتصادية ضد الإقليم، إلى حين إقرارها. “اختبار” بثلاثة قوانينمصدر سياسي كردي رفيع، كشف في حديث مع “النهار العربي” المضامين التفصيلية التي قد تحتويها القوانين الثلاثة، مذكراً بالصعوبات التي تنتظر الوفد الكردي، لأن التعهد بإقرار القوانين شيء، والتوافق بشأن تفاصيلها وتنفيذها أمر آخر تماماً، وإن كانت القوى السياسية المركزية تعهدت بأن يكون الدستور العراقي الإطار المُحدد لتفاصيل القوانين. المصدر أكد أن قانون الموازنة لعام 2023، والذي من المفترض أن يقره البرلمان قبل نهاية هذا العام، بموافقة قوى “الإطار”، التي تملك أغلبية برلمانية واضحة، سيضمن لإقليم كردستان الحصول على 200 مليار دينار عراقي شهرياً (قرابة 130 مليون دولار)، بالإضافة إلى جزء من عوائد صادراته النفطية والغازية، ونصف العائدات الجمركية. وسيتضمن الاتفاق البدء بالدفع اعتباراً من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. أما بخصوص المادة 140 من الدستور العراقي، المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين السلطة المركزية وحكومة إقليم كردستان، حيث تتهم هذه الأخيرة الحكومة المركزية بالمماطلة في تنفيذ تلك المادة الدستورية، فإن رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني تعهد دفع كل المستحقات المالية والإدارية الخاصة باللجان والهيئات المنفذة لبنود المادة الدستورية، بالذات في ما خص تعويض الفئات الاجتماعية المتضررة من المادة. الباحث والكاتب أرمانج راستاني شرح في حديث مع “النهار العربي” أن الصعوبة تكمن في إقرار قانون النفط والغاز، أما المادة 140 من الدستور فتحتاج إلى تفاهم مع القوى الإقليمية، بالذات تركيا وإيران، لأنها تزيد من نفوذ إقليم كردستان وتحوله إلى لاعب إقليمي، إن طُبقت.
يضيف راستاني: “قانون النفط والغاز سيكون محل جدل كبير، لأن التفسيرات بشأن المواد الدستورية الثلاث التي تُشير إليه هي محل خلاف كبير، فيما ليس لإقليم كردستان ثقة وقبول بالمحكمة الدستورية، التي يراها مرهونة لقوى سياسية بذاتها. لأجل ذلك، فإن الموضوع سيكون محل تفاوض سياسي أكثر مما هو مجرد إقرار تقني لقانون اقتصادي. فوضع قانون يسمح لإقليم كردستان بشيء من الاستقلال الاقتصادي الشرعي، إنما يعني فعلياً استقلال الإقليم عن السلطة المركزية، التي لا تملك من أدوات التحكم بالإقليم شيئاً خلا الاقتصاد”. ويشير راستاني إلى الأسس التي تدفع “الإطار التنسيقي” إلى التعامل بمرونة مع الإقليم، ويقول: “تتخوف قوى الإطار من تكرار تجربة انتخابات عام 2021، أي الخسارة وإيجاد الكرد والعرب السُنّة في تحالف مناهض لها. لكن إقرار قانون متعلق بالنفط والغاز، أو تطبيق المادة 140 من الدستور، هما نوع من التحرك السياسي الذي قد يغير التوازنات في العراق والمنطقة. لأجل ذلك، فإنها ستسعى إلى أشد أنواع التوازن السياسي بين العاملين المذكورين سابقاً”. أزمة “خدمة العلم”كانت الأسابيع الماضية قد شهدت خلافاً برلمانياً شديداً بين الكتل المركزية ونظيرتها الكردية بشأن “قانون خدمة العلم”، الذي اعتبرته حكومة إقليم كردستان أهم بالنسبة إليها من قانون النفط والغاز، لأنه يمس أمن الإقليم، مذكرة بعدم تأييدها القانون بأي شكل. وكانت التصريحات التي صدرت عن قيادات ومقربين من وزارة البيشمركة الكردستانية (بمثابة وزارة دفاع) قد شددت على أن الإقليم قد يوافق على “قانون خدمة العلم”، شرط أن تقوم وزارة البيشمركة بتنفيذ فقراته المتعلقة بالإقليم، وأن يترافق ذلك مع التزام السلطة المركزية دفع المستحقات المالية لوزارة البيشمركة، التي هي جزء من المجهود الدفاعي العراقي، بحسب الدستور. القانون الذي عُرض على البرلمان العراقي، والذي تضمن فقرات تفرض على الشبان العراقيين الخدمة العسكرية الإلزامية لمدد تراوح بين 3 أشهر و18 شهراً، تمت قراءته الأولية، لكنه سُحب من جدول أعمال البرلمان العراقي، لإغناء فقراته، كما قالت رئاسة البرلمان. لكن مراقبين أشاروا إلى حجم الاعتراضات التي واجهت مشروع القانون، من القوى المدنية والحقوقية، إلى جانب اعتراض حكومة إقليم كردستان والكتل البرلمانية الكردية، ما دفع القوى السياسية الأخرى إلى سحبه من التداول، مخافة أن يتسبب بالكثير من اللغط السياسي، وأن تقوم ضده بعض التحركات الشبابية الجماهيرية. لكن مراقبين أشاروا أيضاً إلى أنه قد يشكل أداة أخرى بيد الحكومة المركزية في وجه إقليم كردستان، خصوصاً أن المحكمة الاتحادية تؤيد التفسيرات المركزية لتشكيل القوات المسلحة.