1

“كردستان إيران” قد تخرج عن السيطرة… وطهران تهدد “كردستان العراق”

20-11-2022 | 05:55 المصدر: النهار العربي

رستم محمود

حشود أثناء تشييع ضحايا مواجهات مع القوى الأمنية في منطقة كردية إيرانية. (أ ف ب)

حشود أثناء تشييع ضحايا مواجهات مع القوى الأمنية في منطقة كردية إيرانية. (أ ف ب)

فيما شهدت المناطق والمدن الكردية شمال غربي إيران أوسع موجة احتجاج طوال الأسبوع الماضي على مستوى البلاد، نقلت وكالة “أسوشييتد برس” عن مصادر سياسية داخل العراق قولها إن قائد “الحرس الثوري” الإيراني إسماعيل قآني هدد القادة السياسيين العراقيين بشن عملية عسكرية برية داخل إقليم كردستان العراق تستهدف معسكرات اللاجئين ومخيماتهم والأحزاب السياسية الكردية / الإيرانية هناك.
 وبحسب معلومات خاصة حصل عليها “النهار العربي” فإن المدن والمناطق الكردية الإيرانية أورميا وسردشت ومهاباد وكرمانشاه وسيقز وخوي وسنندج شهدت تظاهرات يومية طوال الأسبوع الماضي، كان أكثرها عنفاً في مدينة مهاباد ليلة الأربعاء/الخميس، إذ أطلقت خلالها قوات الأمن الإيرانية النار على المعتصمين وسط المدينة، ما أودى بحياة اثنين منهم، بينما أصيب أكثر من عشرين شخصاً بجروح خطيرة.  احتجاجات يوميةمدينة بيرانشهير في أقصى غرب إيران، على الحدود مع إقليم كردستان شهدت خروج عشرات الآلاف من سكانها في جنازة الضحية أمير فراستيشاد الذي كان قد قُتل قبل أيام على يد الأجهزة الأمنية. الأمر نفسه تكرر في مدن أورميا وإيلام أثناء دفن الضحايا، حسبما نقلت وكالة “شافي نيوز” المحلية، التي تنقل أخبار المناطق الكردية من إيران، والتي أضافت نقلاً عن جهاز المخابرات التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني قولها “استشهد العقيد المقيم نادر بيرامي ضابط مخابرات “الحرس الثوري” الإيراني في مدينة ساهني في محافظة كرمانشاه على يد مثيري شغب خلال مهمة”. لكن ناشطين تواصل معهم “النهار العربي” قالوا إن محافظة كرمانشاه شهدت إضراباً شاملاً في الحياة العامة بعد قمع القوات الأمنية إحياء ذكرى زعيم الديانة البارسانية خليل علي نجاد، وإن مقتل الضابط الإيراني جاء أثناء الهجوم الواسع الذي شنته القوات الأمنية على مقر إقامة الاحتفالية. ليلة الخميس/الجمعة شهدت خروج مدينة بوكان وسط محافظة كردستان من سيطرة القوات الأمنية الإيرانية تماماً، بعد حدوث اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد مقتل العقيد في “الحرس الثوري” رضا الماسي، اذ احتفل سكان المدينة عبر الألعاب النارية، وتحصنوا في الأحياء القديمة من المدينة، فيما ارتفعت الأهازيج القومية الكردية من مساجد المدينة. الأمر نفسه حصل في مدن مهاباد وسنندج، لكن القوات الأمنية حصلت على أوامر بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرين.  الناشط المدني الكردي الإيراني هيمن درويشي شرح في حديث مع “النهار العربي” أن مختلف المناطق الكردية قابلة لأن تتصاعد فيها الاحتجاجات إلى مستويات غير متصورة، وذلك لمجموعة من الأسباب والخصائص المتعلقة بطبيعة الحياة الاقتصادية والسياسية والأمنية في هذه المناطق.  “وحدة حال قومية” وقال درويشي: “ثمة ما يشبه الشعور الجمعي بوحدة الحال القومية بين السكان الأكراد في تلك المناطق، الذين يزيد تعدادهم عن سبعة ملايين شخص، إلى جانب المشاعر الطائفية (السّنية). بناء على ذلك، ثمة غُبن تاريخي متراكم يشعر به السكان في تلك المناطق. لكن الفرق بينها وبين ما يحمله أبناء القوميات الإيرانية الأخرى هو وجود انتظام سياسي ما ضمن الأوساط الكردية الإيرانية، إذ ثمة نُخب سياسية ومجتمعية، تملك قدرات على تنظيم المجتمع وتوجيهه وضبطه، وهو ما يجعل الاحتجاجات في المناطق الكردية أكثر تنظيماً ومثابرة، وهو أيضاً ما يثير مخاوف السلطات الإيرانية، التي انطلاقاً من ذلك، تتهم الأحزاب الكردية الإيرانية المستقرة في إقليم كردستان العراق بإثارة الفتنة الداخلية وتسعى الى الضغط عليها”. ترافقاً مع ذلك، جاءت المعلومات المنقولة عن زيارة قآني متقاطعة مع تلك الأحداث. فبُعيد وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد ليلة الأثنين/الثلثاء، شنت قوات “الحرس الثوري” الإيراني موجة ثانية من الهجمات الصاروخية على معسكرات الأحزاب الكردية الإيرانية في إقليم كردستان ومخيماتها.  المعلومات التي قالت إن قآني التقى رئيس الجمهورية لطيف جمال رشيد ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ثم أجرى اجتماعاً مطولاً مع القوى السياسية العراقية المنضوية ضمن تحالف “الإطار التنسيقي”، وأكد خلال كل اجتماع شرطَيْ إيران لوقف الهجمات العسكرية على إقليم كردستان العراق، وهما تجريد الأحزاب الكردية الإيرانية من أسلحتها، ونشر قوات الجيش العراقي على الحدود بين إيران وإقليم كردستان، وإلا ستقوم إيران بعملية برية ضمن الإقليم.  المسؤولون السياسيون والعسكريون في الإقليم رفضوا ما نُسب إليه من تسهيل تدفق الأسلحة وعناصر الأحزاب الكردية الإيرانية من داخله إلى إيران، مطالبين الطرف الإيراني بتقديم اثباتات على ادعاءاته. المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قال في تصريحات إعلامية إن “الهجمات المقبلة ستستهدف المناطق المزدحمة بالسكان في كردستان العراق… إن منطقة بكرجو في محافظة السليمانية وقرية توبوز آباد من المناطق التي يسكنها مواطنون عاديون سنستهدفها بالتأكيد في العمليات المقبلة… وإذا كان أهالي هذه المناطق يريدون استتباب أمنهم فعليهم نبذ هؤلاء الإرهابيين”.   لكن الهجمات الإيرانية الأخيرة لاقت موجة رفض إقليمية ودولية، إذ نددت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب العديد من الدول العربية بتلك الهجمات، مطالبين الجانب الإيراني بعدم تصدير أزمته الداخلية إلى المحيط الإقليمي.

التعليقات معطلة.