هجمات عنيفة شمالي العراق.. أكراد تحت النيران الإيرانية والتركية
الحرة – واشنطن21 نوفمبر 2022
يشتد القصف على مواقع يتمركز فيها معارضون أكراد في المنطقة الجبلية من إقليم كردستان العراق، ففي الأيام الأربعة الأخيرة، نفذت تركيا وإيران هجمات عنيفة بالصواريخ والطائرات المسيرة والمقاتلة شمالي العراق، ضمن عمليات أمنية تثير القلق من إمكانية ارتفاع مستويات التصعيد والمواجهة المسلحة.
وأغارت المقاتلات التركية بعشرات الغارات على شمالي العراق وسوريا، الأحد، فيما وصفه مسؤولون أتراك بـ “حملة لمكافحة الإرهاب والقضاء على المتشددين” الذين اتهموا بتدبير هجوم بالقنابل المميتة الأسبوع الماضي في إسطنبول، وفقا لتقرير لصحفية نيويورك تايمز.
وفي الوقت نفسه، تهاجم إيران قواعد المعارضة على سفوح الجبال بالصواريخ والطائرات بدون طيار، مما يجبر المقاتلين على التفرق في خيام منتشرة في أعلى الجبال.
آخر هذه الهجمات كانت، الأحد، وفقا لمعارضين من الكرد الإيرانيين تحدثوا لموقع “الحرة” قائلين إن “قوات الحرس الثوري تشن هجمات على مقرات الحزب في أربيل بالصواريخ المسيرة وطائرات الدرون”.
ويقول الخبير السياسي والمقرب من حكومة الإقليم، كفاح محمود، إن “حكومة إقليم كردستان وحتى الحكومة الاتحادية لا يمتلكان آليات لمواجهة القصف الإيراني أكثر من الإدانة والاستنكار، وربما الطرق الدبلوماسية الأخرى وفي أقصاها الذهاب إلى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن”.
لكن الموضوع مختلف فيما يتعلق بالمعارضين الأتراك، وفقا لمحمود، الذي يقول لموقع “الحرة” إن وجود حزب العمال الكردستاني في قنديل وسنجار “يمنح تركيا مبررا لاستخدام القوة ضدهم مستندين على اتفاقيات من زمن النظام السابق غضت الحكومات السابقة كلها النظر عنها”.
وتقول نيويورك تايمز إن الحكومة المركزية العراقية، “تريد أن تنزع الجماعات الإيرانية سلاحها”.
وأسفرت هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار على قواعد المعارضين الكرد في نهاية سبتمبر عن مقتل 18 شخصا على الأقل، بينهم امرأتان وطفل، وفقا لجماعات المعارضة ومسؤولي المستشفيات.
المعارضون الإيرانيون
تتواجد عدة أحزاب إيرانية – كردية معارضة في إقليم كردستان، وخاصة في أربيل حيث النفوذ الإيراني أقل نسبيا من نفوذها في السليمانية، المحاذية لإيران.
ومن تلك الأحزاب كومالا، الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب الحرية الكردستاني، وحزب سربستي كردستان.
فقدت أغلب هذه الأحزاب أعضاء فيها خلال القصف الإيراني المتكرر في الشهرين الأخيرين.
وتمتلك حكومة كردستان العراق علاقات “جيدة” مع أحزاب المعارضة الإيرانية، وفقا للمحلل السياسي الكردي، ياسين عزيز.
ويقول عزيز لموقع “الحرة” إن “هذه الأحزاب تراعي إلى حد بعيد الوضع الاستثنائي لحكومة الإقليم، والإقليم بشكل عام، وإن مبررات عمليات القصف الإيرانية لا أساس لها من الصحة”.
وتمنع حكومة الإقليم توجه المقاتلين الكرد الإيرانيين للقتال في إيران، لكن إيران تتهم أحزاب المعارضة الكردية بالمسؤولية عن تأجيج الاحتجاجات الأخيرة ضد النظام والتي تجتاح مناطق عدة من إيران.
ونفذت إيران، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، عملية أمنية واسعة في المنطقة الكردية في البلاد بطائرات هليكوبتر وعربات مدرعة، وأطلقت الذخيرة الحية وداهمت المنازل بحثا عن المعارضين.
وملأ المحتجون في مهاباد والمناطق المحيطة بها شوارع المدينة السبت، وفقا للسلطات وشهود عيان. وبعد انتشار شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي بأن السلطات تستعد للهجوم، أضرم متظاهرون يرتدون خوذات مؤقتة النار في صناديق القمامة. وفقا للقطات نشرتها “تافانا”، وهي منظمة مدنية إيرانية مقرها الولايات المتحدة، وحسابات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي. ثم حاصر المتظاهرون شريانا رئيسيا في مهاباد بكتل رماد وأبواب خشبية، وفقا لشهود عيان ولقطات.
لكن هذا أدى إلى التحاق عدد كبير نسبيا من الشباب بمعسكرات الأحزاب المعارضة في العراق، وفقا لنيويورك تايمز، التي تقول إن القمع وفر “إمدادات من الشباب للأحزاب الكردية المعارضة” التي يريد قياداتها وجود عناصر من الجيل الشاب بين صفوفها.
المعارضون الأتراك
ويقول الخبير كفاح محمود إنه لا توجد علاقات للأحزاب الكردية العراقية الرسمية مع المعارضين من PKK الكردي التركي المعارض، وإنما “يتواجد أكراد تركيا في مخيم للاجئين في منطقة مخمور – بين أربيل والموصل – وتعتقد تركيا إن مقاتلي الحزب ينطلقون من هناك”.
وتدير الأمم المتحدة هذا المخيم.
أما الوجود الأكثر قلقا لأنقرة فهو القواعد العسكرية التي يمتلكها مسلحو الحزب في جبال قنديل، وهي قواعد أقيمت “خلسة وعنوة” وفقا لمحمود، الذي يقول إن هناك مقاتلين من الحزب في سنجار أيضا، بـ”دعم كبير من بعض الفصائل والميليشيات العراقية”.
وفي مايو من عام 2021، توترت العلاقات بين سلطات الإقليم ومقاتلي حزب العمال إلى درجة الاصطدام أحيانا، وقتل العديد من بيشمركة كردستان (قوى الأمن) في هجمات وكمائن لمسلحي حزب العمال.
كما تقول وسائل إعلام تابعة لحزب العمال إن هناك قتلى بين صفوف قوات “الكريلا” التابعة للحزب بهجمات من مقاتلي الحزب الديمقراطي، واتهمت تركيا بمحاولة “جر الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى المواجهة مع حزب العمال”.
وتعد الولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية، ودخل الحزب في صدامات عسكرية متفرقة على مناطق النفوذ مع الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ تسعينات القرن العشرين، مع هذا فإن حكومة أربيل أدانت القصف التركي عدة مرات، خاصة حينما تسبب بسقوط ضحايا بين المدنيين.
وأدى قصف – اتهمت تركيا بالمسؤولية عنه – استهدف مجمعا سياحيا في دهوك في يوليو الماضي إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين، مما أثار إدانات عراقية واسعة.
ويقول المحلل السياسي الكردي، ياسين عزيز، إن “على الحكومة الاتحادية أن تمارس دورها السيادي سواء مع إيران وتركيا أو عبر المحافل الدولية للضغط سياسيا ودبلوماسيا وحتى اقتصاديا”.
ويضيف أن “العراق ليس في موقف يؤهله في هذه المرحلة الدخول في مواجهة عسكرية مع أي من الدولتين”.
ويقول إن الـ”PKK” لا يلتزم ولا يعترف بسلطة حكومة الإقليم ويرى أن من حقه التصرف حسب مقضيات وضعه الخاص، لكن هذا يجلب الضرر والحرج لحكومة الإقليم”.
وقالت الميليشيا التي يقودها الأكراد والتي تدير شمال شرق سوريا إن 14 مدنيا ومقاتلا واحدا قتلوا في الهجمات التركية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، وتعهدت الجماعة، المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية، بالرد على تركيا، لكنها لم تذكر متى أو كيف.
وقالت تركيا إنها قتلت 20 من مقاتلي الحزب في هجماتها.
وبعد تفجير أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة عشرات آخرين في شارع مزدحم للمشاة في إسطنبول الأسبوع الماضي، نشرت السلطات التركية صورا لامرأة قالت إنها زرعت القنبلة واتهمتها بالعمل لصالح حزب العمال الكردستاني، وتم اعتقال عشرات المشتبه بهم الآخرين في الوقت الذي تسعى فيه السلطات للكشف عن كيفية ارتكاب الجريمة.
وكان هذا التفجير أول هجوم من نوعه في تركيا منذ أكثر من خمس سنوات، وأثار مخاوف من أن تركيا يمكن أن تعود إلى الأيام التي كانت فيها مدنها مستهدفة بانتظام من قبل حزب العمال الكردستاني أو من قبل داعش.
وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان، الأحد، إن طائراتها الحربية ضربت 89 هدفا في شمال العراق وسوريا وكلها بنية تحتية عسكرية تابعة لحزب العمال.
وقالت الوزارة إن الحملة تهدف إلى “صد الهجمات الإرهابية من شمال العراق وشمال سوريا وتوفير أمن الحدود وتدمير الإرهاب من مصدره”.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن من بين القتلى مدنيا واحدا و14 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية، و12 جنديا من الجيش النظامي السوري.الحرة – واشنطن