أطراف في «الإطار» منزعجة من تكرار لقاءات السوداني- رومانوسكي.. وتخشى تحجيم النفوذ الإيراني
بغداد/ تميم الحسن
يمر الاطار التنسيقي بموقف لا يحسد عليه اذ يتعرض الى ضغوط من ايران لمنع الاقتراب من واشنطن وتحرجه طهران في المقابل باستهداف بلدات في إقليم كردستان.
ويفترض ان يعقد البرلمان اليوم الثلاثاء جلسة «سرية» لمناقشة الهجمات الايرانية والتركية على حد سواء للمناطق الحدودية بذريعة ملاحقة المعارضين للدولتين المجاورتين.
وتصعد طهران من لهجتها تجاه العراق، بعد تسريبات عن تهديدات باجتياح بري، اذ تتهم الاولى العراق بانه لم يلتزم بتعهداته بايقاف خطر المعارضة.
وتقف بالمقابل الولايات المتحدة الى جانب العراق ضد ما تعتبره «انتهاكات ضد السيادة»، وهي بالمقابل تسعى الى تنفيذ مشروع ضخم لطرد النفوذ الايراني من بغداد.
مصادر سياسية شيعية رفيعة تحدثت لـ(المدى) عن ازمة الاطار التنسيقي الذي يمر بضغوطات من طهران التي تحاول خلط الاوراق لسد الطرق امام واشنطن.
مسؤول رفيع في حزب شيعي مشارك في الحكومة طلب عدم نشر اسمه، يؤكد ان «ايران تحاول منع صدور اية معلومات او توجيه اتهامات بخصوص مقتل المواطن الامريكي ستيفن ترول الذي قتل في بغداد قبل اسبوعين».
وبحسب معلومات حصلت عليها (المدى) بعد يوم من اغتيال ترول في منطقة الكرادة وسط العاصمة، افادت بتورط جماعات مرتبطة بإيران في الهجوم، فيما سارعت حينها جماعة مسلحة مجهولة تطلق على نفسها «سرايا أهل الكهف» لتتبنى الهجوم في محاولة للتشويش على التحقيقات.
ويعتقد اغلب الاطار التنسيقي ان الهجوم فيه بصمات اجهزة مخابراتية وبعيد عن عمل المجاميع التي تطلق على نفسها «مقاومة»، والتي في العادة تقوم بعمليات اختطاف لاجانب وان ولم تحصل على الفدية تقوم بتصفية المختطف بعد ذلك.
ووفق المعلومات ان «الاطار» كان غاضبا مما جرى، لان توقيت الاغتيال قد ضرب عمل الحكومة في ثاني اسبوع من عملها، وشوش على العلاقات الجديدة التي كان محمد السوداني رئيس الحكومة يبنيها مع الولايات المتحدة بتفويض من المجموعة الشيعية.
كما ان عملية الاغتيال كانت خروجا عن الاتفاق الشيعي بإيقاف الهجمات على السفارات والمصالح الاجنبية مع بداية استلام السوداني للسلطة، كبوادر حسن نية مع واشنطن التي بدت متحمسة للشراكة مع الحكومة.
ودفع الحادث الى ان تشارك واشنطن في التحقيقات التي اعلن عنها السوداني وكلف وزير الداخلية عبدالامير الشمري باجرائها، وهو ما أكده قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق في حديث تلفزيوني مساء الاحد.
وقال الخزعلي متحدثا عن اغتيال المواطن الامريكي وعلاقة مايصفه بـ»المقاومة» بتلك الحوادث، إن «رئيس الوزراء يجب أن يقوم بواجبه في ما يخص مقتل المواطن الأمريكي في بغداد».
وتابع أن «قتل المواطن الأمريكي في بغداد يعد جريمة ويجب معاقبة الفاعل»، مبينا أن «هناك تحقيقا مشتركا بين الجانبين العراقي والأمريكي بشأن قتل المواطن الأمريكي في بغداد».
وأردف بأنه «من الممكن الوصول قريباً إلى الجناة الذين استهدفوا المواطن الأمريكي»، فيما لفت الى أن «فصائل المقاومة ترفض بشكل صريح استهداف البعثات الدبلوماسية في العراق».
وفي اخر تصريح لرئيس الحكومة عن حادث الاغتيال قال السوداني قبل نحو اسبوع، ان لديه «من الخيوط ما يوصلنا الى الجناة، وأتابع شخصياً سير التحقيقات».
ومساء اول امس الاحد ناقشت الينا رومانوسكي السفيرة الامريكية في بغداد، مع رئيس الحكومة اخر التطورات بشأن حادثة اغتيال «ترول».
وقالت رومانوسكي في بيان عقب لقاء جديد مع السوداني بانها تثمن: «جهود الحكومة والجهات الأمنية العراقية في ملاحقة مرتكبي جريمة قتل المواطن الأمريكي ستيفن ترول، والتحرّك السريع على هذا المسار».
واضافت السفيرة في تأكيد على ترابط تلك الحوادث بعلاقة الحكومة الجديدة بواشنطن بان الادارة الامركية «تتطلع الى المزيد من التبادل والتنسيق الوثيق بين البلدين».
ويقول مستشار سياسي في حزب شيعي اخر لـ(المدى) طالبا عدم الاشارة الى هويته ان: «الولايات المتحدة تعمل على مشروع اقتصادي ضخم في العراق للحد من نفوذ ايران».
وبين المستشار السياسي ان «هذا التقارب يزعج اطرافا مقربة من الاطار التنسيقي والذين يمكن ان نسميهم بالجناح الايراني».
وانتقد ناشطون سياسيون مقربون من الاطار التنسيقي ما اعتبروه «خروج زيارات السفيرة الامريكية عن البروتوكول».
ودعا هؤلاء الناشطين المحسوبين على الجناح الايراني في «الاطار» الى «انقاذ السوداني وحكومته من ضغط واشنطن»، بعد تكرار زيارات رومانوسكي الى السوداني التي تجاوزت الـ4 مرات في غضون شهر.
وتحاصر طهران الحكومة والاطار التنسيقي بسبب استمرار القصف على بلدات كردستان بذريعة ملاحقة المعارضة الكردية هناك.
وادانت حكومة إقليم كردستان بشدة الهجوم الاخير الذي نفذته إيران بالصواريخ والطائرات المسيرة في الإقليم فجر امس الاثنين، في ثاني هجوم خلال اسبوع.
ولفت بيان حكومة الاقليم إلى ان تلك الهجمات «تشكل انتهاكاً صارخاً للأعراف الدولية وعلاقات حسن الجوار».
ودعت حكومة إقليم كردستان، «أصدقاءها وشركاءها في بغداد والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عامة، إلى اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الاعتداءات الإيرانية المستمرة».
وقال جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان إنّ «الحرس الثوري (الإيراني) استهدف مجدّدا أحزابا كرديّة إيرانيّة»، دون اعطاء تفاصيل عن حصيلة الخسائر.
وقبل ذلك الحادث باقل من اسبوع كان قد خلّف قصف صاروخي وضربات شنّتها إيران بطائرات بلا طيّار ضد جماعات المعارضة الكرديّة الإيرانيّة قتيلًا وثمانية جرحى في بلدة تقع بين اربيل والسليمانية.
وأكّد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وتنظيم «كومله» القومي الكردي الإيراني في بيانات، أنّ الضربات استهدفت منشآتهما في هذه المنطقة بشمالي العراق.
وأفادت وكالة الأنباء الرسميّة بـ»تعرّض مقارّ ثلاثة أحزاب إيرانيّة مُعارضة داخل إقليم كردستان لقصف بالصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانيّة».
بالمقابل ادانت القيادة المركزية للجيش الأميركي الهجوم. ووصف قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي، إيريك كوريلا، في بيان الهجوم بأنه «يعرض حياة المدنيين للخطر بصورة غير مشروعة، وينتهك سيادة العراق، ويعرض استقرار العراق والشرق الأوسط للخطر الذي تحقق بصعوبة بالغة».
وتتهم ايران حكومتي بغداد والاقليم بانهما لم تلتزما بالتعهدات في ايقاف ما اعتبرته طهران «الخطر على امنها».
وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية ناصر كنعاني، خلال حديث في مؤتمر صحفي، نقلته وكالة «تسنيم»، ان «إيران تتوقع بالتأكيد أن لا يكون هناك أي تهديد لأمن الجمهورية الإسلامية من أراضي العراق وأن لا تستخدم أراضي العراق كنقطة تهديد ضد إيران».
واضاف، «نتوقع أن تفي الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق بمسؤولياتها الدولية. للأسف، على الرغم من الوعود المتكررة التي تلقيناها من مسؤولي الحكومة العراقية ومسؤولي إقليم كردستان العراق، فإن هذا لم يحدث».
وترجح اطراف عراقية امكانية الجيش التصدي لتلك الخروقات الايرانية التي تتزامن ايضا مع هجوم تركي جديد على معاقل حزب العمال الكردستاني المعارض لانقرة في مناطق في كردستان وسوريا.
ويقول النائب هريم آغا وهو عضو في لجنة الامن والدفاع السابقة في حديث لـ(المدى) ان «العراق لديه الامكانيات في ايقاف الصواريخ والمسيرات لكن يحتاج الامر الى اتفاق سياسي».
ويعتقد آغا ان الاجتماع «الاستثنائي» و «السري» الذي سيعقده البرلمان اليوم الثلاثاء لمناقشة تلك الخروقات بانه بداية «التحرك الحقيقي لحل الازمة»، فيما كانت اطراف سياسية وفصائل مقربة من طهران قد حاولت عرقلة الاجتماع.
ويؤكد آغا وهو رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان ان «البرلمان سيقدم توصيات للحكومة في جلسة بعيدة عن الاعلام، لايقاف الهجمات اليومية على كردستان واستمرار خرق سيادة البلاد».
ويشير النائب الى ان بغداد «لديها ملفات اقتصادية يمكن ان تحركها ضد طهران وانقرة، كما يمكن اللجوء الى مجلس الامن والمنظمات الدولية في منع تكرار الهجمات».