“النهار العربي” يكشف تفاصيل تعاون استثنائي بين البيشمركة والجيش العراقي… ما أسبابه؟
29-11-2022 | 05:30 المصدر: النهار العربي
رستم محمود
قوات مشتركة بين الجيش العراقي والبيشمركة.
A+A-فيما أعلنت الحكومة المركزية العراقية وضعها “استراتيجية لتأمين الحدود مع إيران وتركيا”، حصل “النهار العربي” على معلومات موثوقة عن تفاصيل تنامي التعاون الأمني والعسكري بين وزارة الدفاع المركزية ونظيرتها وزارة البيشمركة في إقليم كردستان. ألوية وانتشار ورواتبويشمل هذا التعاون تعزيز التنسيق من خلال ألوية مشتركة لتأمين الفراغات الأمنية الفاصلة بين الإقليم والمناطق المتنازع عليها، وإدراج رواتب ألوية من البيشمركة وتسليحها من موازنة وزارة الدفاع العراقية، وكذلك انتشار وحدات من الجيش العراقي في كامل الشريط الحدودي للإقليم مع كل من تركيا وإيران.
التناغم الأمني والعسكري بين الطرفين يأتي بعد أسابيع من زيادة وتيرة المواجهات العسكرية على حدود الإقليم مع الدولتين الجارتين، إذ زادت إيران من هجماتها الصاروخية وعبر الطائرات المسيرة على معسكرات اللاجئين الأكراد الإيرانيين داخل إقليم كردستان، بما في ذلك بعض المناطق في العمق العراقي، في مدينة بردي بين محافظتي أربيل وكركوك. كما أعلنت تركيا إطلاق عملية “المخلب السيف” على كامل الشريط الحدودي بين تركيا والإقليم، حيث وصلت عمليات القصف الجوي في بعض المناطق إلى عمق 200 كيلومتر داخل الأراضي العراقية. شروط إيرانية
كان “النهار العربي” قد نشر معلومات خاصة بشأن اشتراط إيران انتشار الجيش العراقي على كامل الشريط الحدودي مع إيران، لوقف الهجمات الصاروخية على مخيمات الأحزاب الكردية الإيرانية داخل الإقليم، حددها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة العراقية بغداد قبل أسبوعين. واستدعى الأمر سلسلة لقاءات عقدها رئيس أركان وزارة البيشمركة الكردستانية مع وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين، اتفق خلالها مع الجهات العسكرية والأمنية المركزية على زيادة التعاون وإرسال تعزيزات أمنية إلى المناطق الحدودية مع إيران، لتلافي أي “ادعاءات إيرانية” بتسرب الأسلحة والمقاتلين من إقليم كردستان إلى داخل الأراضي الإيرانية وزعزعة الأمن داخلها.
الكاتبة والباحثة جيانا آميد شرحت في حديث مع “النهار العربي” أن هذه الإجراءات تأتي من باب “سد الذرائع”، وأن للطرفين الإيراني والتركي مشكلة سياسية مع إقليم كردستان وبعض القوى السياسية الكردية المتمركزة داخله، وأنهما يتذرعان بذلك لتبرير هجماتهما على الإقليم.
تصدير الأزمات
أضافت آميد: “لم يحدث أن نفذت الأحزاب الكردية الإيرانية أو أجنحتها العسكرية أي عملية داخل إيران منذ عشرات السنوات، وهي لو رغبت في ذلك فإنها تملك آلاف المناصرين داخل المدن والمناطق الكردية، ولا تحتاج لإرسال أي مقاتلين أو أسلحة عبر الحدود، لكنها أساساً لا تؤمن بهذه المنهجية، ومجموع ما تملكه من مقاتلين هو لتأمين مخيماتها وبعض قادتها السياسيين ليس أكثر. الأمر بالدرجة ذاتها ينطبق على تركيا. لكنّ الدولتين ترغبان في تصدير أزمتيهما الداخليتين إلى الخارج، بالذات من خلال افتعال أعداء وظيفيين، أو لأجل زيادة الضغط على إقليم كردستان وتفكيك تجربته، التي ربما تكون خطراً على الدولتين، بحسب النظامين السياسيين القوميين داخلهما”.
وفي السياق، وبحسب المعلومات التي حصل عليها “النهار العربي”، فإن وزارة البيشمركة في إقليم كردستان اتفقت مع الحكومة المركزية العراقية على تفاصيل مخصصات “اللواء 20” من البيشمركة، الذي من المفترض أن يشترك مع قطاعات من الجيش العراقي في تأمين المناطق المتنازع عليها في محافظتي كركوك ونينوى (الموصل). تعداد اللواء يقارب 2700 مقاتل، يقابله عدد مماثل من وزارة الدفاع العراقية، وستتلقى كامل رواتبها وأسلحتها من وزارة الدفاع المركزية، كجزء من الموازنة السيادية العراقية، التي يدفع إقليم كردستان نسبة من حصته من الموازنة العامة لمصلحتها.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد ثمن خلال لقائه رئيس أركان قوات البيشمركة ما سماها “شجاعة قوات حرس الإقليم والتضحيات التي قدّمتها خلال الحرب ضد عصابات داعش الإرهابية”، الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة تعبير عن سريان الاتفاق السياسي بين قوى الإطار التنسيقي والأحزاب الكردية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، حيث اتفقت مسبقاً على تفاصيل الملفات النفطية/المالية والعسكرية وتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي.
رئيس أركان البيشمركة عيسى عزير كان قد أكد بعد لقائه رئيس الوزراء حصوله على تأكيدات لاستعداد الحكومة الاتحادية للتعاون مع وزارة البيشمركة “من أجل تحقيق الاستقرار في العراق”، مشيراً إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق وتعاون من أجل تفصيلين بين الطرفين، يتعلق الأول بـ”ضرورة مشاركة البيشمركة في الدورات التأهيلية لوزارة الدفاع العراقية”، والآخر هو حصول “كامل أفراد قوات البيشمركة على رواتبهم ومستحقاتهم المالية من ضمن تخصيصات الدفاع في الموازنة العامة العراقية”.
وزارة الدفاع العراقية ذكرت أن ذلك يجب أن يخضع للمناقشة بين الطرفين، لافتة إلى “أهمية الاهتمام بالبيشمركة في الموازنة التشغيلية لوزارة الدفاع العراقية”، إذ إن تشغيل اللواءين المشتركين 20-21 بين وزارة البيشمركة والجيش العراقي سيدخل مجال التطبيق في المناطق المتنازع عليها مباشرة بعد إقرار الموازنة، التي من المفترض أن تتضمن هذه التفاصيل الخاصة برواتب قوات البيشمركة وإعاشتها وتسليحها من ضمن موازنة وزارة الدفاع العراقية، بدعم ورعاية من قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.