حراك حكومي للسيطرة على الأدوية المهرّبة وإصلاح النظام الصحي
بغداد/ فراس عدنان
كشفت لجنة الصحة النيابية عن حراك حكومي للسيطرة على ملف العلاجات، مؤكدة وجود سعي لتقليل نسبة الأدوية المهرّبة، داعية إلى تحديث الآليات المتبعة من قبل الوزارات المعنية بهذا الشأن.
وقال عضو نائب رئيس اللجنة ماجد شنكالي، إن «جميع التقارير الدولية تشير إلى أن 70% من الأدوية الداخلة إلى العراق هي خارج الفحص وغير مسجلة رسمياً».
وتابع شنكالي النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ان «هذه الأدوية مهربة ومجهولة المصدر، وغير معلوم مدى صلاحياتها للاستعمال البشري».
وأشار، إلى أن «المهمة الأكبر في هذا الجانب تقع على عاتق وزارة الصحة العراقية»، مبيناً ان «دولة بحجم العراق الذي يبلغ عدد سكانه 42 مليون شخص، ليس من المعقول أن يوجد لديها مذخر واحد للفحص والرقابة الدوائية».
وشدد شنكالي، على «ضرورة استحداث مختبر لفحص الأدوية الداخلة إلى العراق في كل محافظة وكذلك الحال بالنسبة للمنافذ الحدودية»، كاشفاً عن «وعود حكومية بهذا الشأن حتى وإن تطلب الامر الاستعانة بالشركات الاستثمارية من أجل تسهيل دخول الأدوية وتسجيلها».
وأورد، أن «الكثير من الشركات لا تسير على وفق السياقات الرسمية في إدخال الأدوية؛ لان العملية تعتريها صعوبات ومعرقلات وعمولات تدفع، ولذا يتم اللجوء إلى التهريب».
ولفت شنكالي، إلى أن «مجلس النواب شخص العديد من الشبهات على المؤسسات الرسمية المسؤولة عن تسويق الأدوية، وقد حصل تغيير في إدارتها»، مطالباً «وزير الصحة صالح الحسناوي بالتدقيق في جميع العقود المبرمة منذ عام 2017، خصوصاً تلك التي ابرمت اثناء جائحة كورونا لأنها كانت خارج الضوابط ومن دون أن تمر بتعليمات تنظيم العقود الحكومية».
وتحدث، عن «ضرورة أن تجري لجنة الصحة النيابية تحقيقاً في كل ما جرى»، مؤكداً أن «تحقيقاً كان قد حصل في شراء أجهزة (سيباب) للتنفس، الذي أشار إلى وجود هدر يقدر بـ 30 مليار دينار».
وأكد شنكالي، أن «مشكلة كبيرة حصلت في ملف شراء اللقاحات»، مبيناً أن «وزير الصحة الأسبق علاء العلوان استقال من منصبه بعد أن أرادت جهات فرض مبالغ كبيرة عليه عن شراء اللقاحات، فالمبلغ الحقيقي كان 14 مليون دولار، في حين أن تلك الجهات كانت تريد استيرادها بمبلغ 90 مليون دولار».
ولفت، إلى «وجود شخصيات نافذة وكتل سياسية وفصائل مسلحة مستفيدة مالياً من ملف الأدوية»، مشدداً على أن «الأدوية التي لم يتم فحصها لا يمكن الحكم عليها، لذا لا يمكن القول إن جميعها لا يصلح للاستهلاك، دون التأكد من ذلك».
ودعا شنكالي، إلى «سياسة دوائية جديدة مع الاتجاه إلى التصنيع بدلاً من اللجوء إلى الاستيراد من الخارج والاستفادة من افتتاح المصانع الدوائية في العراق وهي تجربة حديثة»، مؤكداً أن «وزير الصحة وعدنا في وقت سابق بتسهيلات في عمليات شراكة مع الشركات الأجنبية لدعم ملف الأدوية وتوفيرها».
ونوه، إلى «مشكلات تشريعية كبيرة يعاني منها الملف الصحي في العراق، أبرزها قدم القوانين التي تعمل بها الوزارة حيث أنها تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي»، مبيناً أن «النظام الصحي يحتاج إلى تحديث في مجمل عمله من جميع النواحي القانونية والإدارية والفنية».
ومضى شنكالي، إلى أن «جملة من الإجراءات سوف تتخذ من أجل تقليل نسب الأدوية المهربة وغير المسجلة لجعلها بنسبة 50% خلال السنة الحالية على اقل تقدير».
وكان معهد (جاثام هاوس) البريطاني قد كشف في تقرير ترجمته (المدى)، أن من بين «مجموع الادوية التي تصل الى الناس فان 30% فقط منها تعتبر مناسبة للاستهلاك في حين من المحتمل ان يكون الباقي مزورا أو منتهي الصلاحية».
وأكد التقرير، أن «قسماً من الادوية تكون قد انتهت صلاحيتها حتى قبل ان تصل الصيدلية، وهذا يعني ان اغلب الادوية المتوفرة تكون في أفضل الحالات غير فعالة وفي أسوأ الحالات تكون خطرة على الصحة».
وينقل عن وزير صحة سابق فان «سلسلة شبكة الجهات المتنفذة المسؤولة عن توريد هذه الادوية تحقق أرباحا ما بين 5 الى 7 مليارات دولار سنوياً».
ويجد التقرير، أن «صعوبة حصول المواطنين العراقيين على الادوية التي يحتاجونها، لا تعرض حياتهم للخطر فقط بل تقوض ثقتهم بالسلطات الصحية أيضا، وخلال جائحة وباء كورونا القيت تبعات هذه المنظومة المميتة على حياة الكثير من الناس».
ويتحدث، عن «مراحل وصول الدواء منذ وصوله الى الميناء في البصرة ومن ثم يقطع مسافة 530 كم ليصل الى بغداد».
وأكد التقرير، أن «سلسلة المراحل تشتمل على عدة حلقات متواصلة تتشكل من أطباء وصيادلة وأحزاب سياسية ومجاميع مسلحة ورجال أعمال، وتبدأ العملية اول الامر من وراء حدود العراق وتتسبب بمقتل مئات الناس سنوياً».