زئير الأسود يلغي الحدود
مجدي زهران
بصراحة لم أكن راضياً عن بداية المنتخب المغربي أمام إسبانيا، وكانت الشكوك قد بدأت تتسلل إلى نفسي، فهممت مباشرة بعد نهاية الشوط الأول لأسأل أستاذنا الإعلامي الكبير سعد الرميحي عن هذا المستوى الذي يقدمه المغرب ولا يتناسب مع طموحات ملايين العرب- من وجهة نظري- الذين يتابعون اللقاء ويدعون من كل قلوبهم أن ينصر الله أسود الأطلس، فقال إن ما تراه ذكاء وتخطيط كبير فالمدرب يخطط للوصول إلى ضربات الجزاء لذلك كان يتحفظ دفاعياً وعينه على خطف هدف، رافعاً شعار الدفاع ولا شيء غيره.
وبالفعل حدث ما توقعه الصحفي الكبير بو محمد، فالمغرب وصل لمبتغاه وحقق المراد وأسعد العباد وتألق الأسود وقادهم بونو الفدائي لربع النهائي، وهو الأمر الذي يُعد إنجازاً عربياً يحدث لأول مرة منذ ١٩٣٠.
الأسود لعبوا مباراة يجب أن تُدرس تكتيكياً، فهم حددوا الهدف وحددوا الطريق الذي يوصلهم إليه، فالمغرب يمتلك هوية لعب قد بناها منذ فترة، أوصلته لكأس العالم فخاض بها النهائيات بالشكل الاحترافي الذي رأيناه خلال مجريات البطولة، واللافت أنهم في موقعة إسبانيا استمروا في الدفاع القاتل الذي خنق الماتادور وأجهز على الثور داخل المستطيل الأخضر.
أكد الركراكي مدرب الأبطال أنه كبير ومتفوق على الأسماء الرنانة في دنيا المدربين و»الكوتشات» العظام، وأكد أيضاً أن المدرب الوطني هو الوصفة السحرية لمنتخباتنا العربية، فكما صنع المعلم حسن شحاتة المجد مع الفراعنة وكذلك جمال بلماضي مع الجزائر وقبلهما عمو بابا في العراق، والآن الركراكي مع المغرب هو إثبات آخر بأن أبناء الوطن هم خير من يمثل الوطن، وجميل أن نرى الفرق العربية تتخلى عن عقدة الخواجة.
المدرب المغربي أثبت أنه صاحب مكر تكتيكي وعقلية كروية فذة فهو لم يخش قوة ولا سطوة ولا اسم ولا تاريخ ولا بطش الماتادور الإسباني بكل ما حمله فريقهم من نجوم وتاريخ، وهذه الروح قد انتقلت للاعبين الذين ظلوا مسيطرين بقوة كبيرة على مجريات وأحداث اللقاء .
وبأسلوب لعب متحفظ حاول الركراكي أن يخطف هدفاً في عدة مرات خلال مجريات المباراة، وقد اقترب الأسود أكثر من مرة من عرين أوناي سيمون حارس منتخب إسبانيا الذي بدا منزعجاً من زئير الأسود وأسلوب لعب نجومه، وبالعودة إلى الركراكي فإن تكتيكه من بداية اللقاء هو بسط السطوة الدفاعية والوصول لضربات الجزاء التي خطط لها بكل إصرار ولو فعل غير ما فعله لكان المغرب خسر المباراة.
وبعد العبور العظيم ووسط أفراح وليالٍ ملاح، وانتظاراً للقاء البرتغال الكبير عندي أمل أن المغرب سيواصل المفاجآت والزئير لإسعاد الملايين من العرب المحبين.
والأهم من هذا وذاك أن كرة القدم كما نقول دائماً مقياس لروح الشعوب، فالجماهير العربية ما زالت حية تنادي بوحدتها وقوميتها وعروبتها وتماسكها، وكلنا أمل أن نكسر قيد الانقسام في يوم من الأيام.