بواسطة كاثرين كليفلاند
عن المؤلفين
كاثرين كليفلاند كاثرين كليفلاند هي زميلة أقدم في معهد واشنطن ومحررة منتدى فكرة.تحليل موجز
رغم توافق العديد من نتائج استطلاعات الرأي الحالية مع تلك التي اجريت سابقاً، إلا أن أحدث استطلاع للرأي العام الإماراتي، يكشف عن وجهات نظر مثيرة للاهتمام حول إيران والاقتصاد وقضايا أخرى.
في استطلاع نادر للرأي العام أجرته شركة تجارية إقليمية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بتكليف من معهد واشنطن، عبّر المواطنون الإماراتيون عن آرائهم حول قضايا السياسة الخارجية الرئيسية للإمارات والمخاوف الداخلية.
وتتماشى الآراء التي عبّر عنها 1000 مواطن إماراتي ممن شملهم الاستقصاء- من أصل عدد سكان يقدر بحوالي مليون إجمالاً – مع الكثير من المقاربات التي تنتهجها حكومتهم تجاه السياسات الإقليمية والحكم المحلي، وليس جميعها.
والجدير بالذكر أن الإماراتيين ينظرون بشكل متزايد إلى الصين وروسيا كونهما بدائل للعلاقات مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، توخى المواطنون الإماراتيون الحذر عند الرد على الأسئلة المتعلقة بالاضطرابات الإيرانية الداخلية، والرد الإقليمي على برنامج طهران النووي. ورغم الرفض العام تقريبا لنتيجة الانتخابات الإسرائيلية، لا يبدو أن الآراء بشأن اتفاقيات إبراهيم ولا العلاقات غير الرسمية مع الإسرائيليين قد تأثرت.
وفي ما يتعلق بالقضايا المحلية، أفاد عدد كبير من المستجيبين أن الجهود الوطنية التي تُبذل لمكافحة الفساد وتأمين مستوى معيشي مقبول للمواطنين كافية. وعلى الرغم من أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة أن كل سياسة تحظى بتأييد عام، فإن معظم الإماراتيين يرفضون فكرة الاحتجاجات الجماهيرية ضد الحكومة، وذلك على الرغم من أن هذا الموقف لم يكن سائدا قبل عامين فقط، بأي حال من الأحوال. ومع ذلك، وعلى الرغم من التوافق بين الرأي العام وسياسة الحكومة بشأن عدد من القضايا، فإن نصف الإماراتيين غير مقتنعين ان الحكومة الإماراتية تبذل جهودًا كافية للاهتمام بآرائهم.
تغير المواقف تجاه القوى العالمية
في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة سياسة التزام الحذر في رهاناتها لجهة الحفاظ على العلاقات مع القوى العالمية. ويبدو أن الرأي العام يتماشى مع هذه الاستراتيجية، بما أن المزيد من المواطنين الإماراتيين يشيرون إلى عدم اقتناعهم بقدرة الولايات المتحدة على المحافظة على دورها في منطقتهم. خلال العام الماضي، زادت نسبة تأييد التصريح القائل بأن “بلادنا لا يمكنها الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام، لذا يجب أن نتطلع أكثر إلى دول أخرى مثل الصين أو روسيا” بعشر نقاط مئوية، لتبلغ الآن 61% من الإماراتيين. وفي المقابل، قال 10% فقط إنهم يعارضون “بشدة” هذا الطرح.
يظهر هذا التحول أيضًا في تقييم الرأي العام لعلاقات الإمارات مع هذه القوى. ردًا على السؤال المتعلق بأهمية الحفاظ على علاقات ثنائية جيدة، يعتقد أقل من نصف الإماراتيين (44%) الآن أن ذلك مهم إلى حد ما على الأقل فيما يتعلق بالولايات المتحدة. وفي المقابل، يقدر 56% العلاقات الجيدة مع روسيا والصين على التوالي. لقد تحسنت المواقف تجاه العلاقات مع روسيا على وجه الخصوص خلال نصف العقد الماضي، إذ ازداد عدد الأشخاص الذين يعتبرون هذه العلاقات مهمة بنسبة 16 نقطة مئوية منذ طرح السؤال للمرة الأولى في استطلاع في تشرين الأول/أكتوبر 2017.
لا تعني هذه الآراء بالضرورة أن الإماراتيين يدعمون السياسات الروسية على نطاق واسع، أي غزوها العسكري لأوكرانيا. يرى 19% فقط هذه الأعمال العسكرية من منظور إيجابي، في نسبة مشابهة لتلك المسجلة عند طرح السؤال للمرة الأولى في آذار/مارس 2022 مباشرةً في أعقاب الغزو. من ناحية أخرى، لا يبدو أن أعمال روسيا قد انعكست على تقييم الإماراتيين للعلاقات مع روسيا. على العكس، ارتفعت نسبة الأشخاص الذين صرحوا بأن هذه العلاقات مهمة بسبع نقاط مئوية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
حذر تجاه إيران.
بخلاف الآراء المنقسمة حول القوى العالمية، لا يعتبر معظم الإماراتيين (81%) أن العلاقات مع إيران مهمة، إلا أن حدة هذا الرفض تراجعت إلى حد ما مع الوقت. فقد تراجعت نسبة الذين يقولون إن هذه العلاقات “ليست مهمة على الإطلاق” من 59% عام 2017 إلى 43% في الاستطلاع الأخير هذا. بالإضافة إلى ذلك، لا يعبر المواطنون الإماراتيون بأي شكل من الأشكال عن موقف موحد في ما يتعلق بدعم الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران التي اندلعت خلال الأشهر الماضية. فيما يعبر 38% عن رأي إيجابي فقط ويعرب ثلث الأغلبية تقريبًا عن وجهة نظر “سلبية للغاية”.
تنقسم آراء الإماراتيين كذلك حول كيفية التعامل مع الانتشار النووي الإقليمي. يوافق ثمانية وثلاثون في المئة على الاقتراح القائل: “بما أن إيران أوشكت اليوم على حيازة قنبلة نووية، فقد حان الوقت لتحذو دولة عربية حذوها أيضًا”. وفي الوقت عينه، لا يوافق 60%. قد يُعزى هذا الرفض جزئيًا إلى عدم تحديد دولة عربية ستتبع هذا المسار.
تشاؤم تجاه إسرائيل، لكن دعم إقامة علاقات مع الإسرائيليين ظلت ثابتة
بعد فترة من الإيجابية الأولية عبر عنها نحو نصف الاماراتيين (%47) بشأن اتفاقيات إبراهام، خلال استطلاع تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، يرى فقط ربع الإماراتيين آثار الاتفاقيات على المنطقة من منظور إيجابي إلى حد ما. كما تستمر هذه الآراء الحالية في اتجاه التشاؤم العام، الذي بدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 واستمر حتى الاستطلاع اللاحق. وتعبر نسبة أقل حتى عن وجهة نظر متفائلة بشأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة: أعرب 79% عن وجهة نظر “سلبية للغاية” بشأن النتيجة، وأفاد 12% آخرون أنهم يرونها من منظور “سلبي إلى حد ما”.
من ناحية أخرى، لا يبدو أن نتيجة الانتخابات الإسرائيلية – المقرر لها إعادة بنيامين نتنياهو وشركائه اليمينيين المتطرفين الجدد إلى الحكومة – قد بدلت من مواقف الإماراتيين تجاه اتفاقيات إبراهام، خاصة مع بقاء النسب المئوية دون تغيير فعلي منذ فترة ما قبل الانتخابات.
لا يبدو أيضا أن التغيير في الحكومة قد غير من مواقف الإماراتيين تجاه العلاقات غير الرسمية مع الإسرائيليين، حيث لا يزال 43% من الإماراتيين يعتبرون أن “الأشخاص الذين يرغبون في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح لهم بذلك”، وهو رقم ظل ثابتًا نسبيًا منذ توقيع اتفاقيات إبراهام. وفي المقابل، وافق 14% فقط على هذا الطرح في تموز/يوليو 2020. ويظهر انقسام مماثل في المواقف تجاه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تم توقيعها مؤخرًا بين لبنان وإسرائيل، حيث أعرب 41% عن رأي إيجابي تجاه المسألة.
الآراء المحلية تعتمد على القضايا
بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى على وجه الخصوص، أبدى المواطنون الإماراتيون مواقف متفائلة بوضوح من الفرص الاقتصادية والفساد، بينما كانت مواقفهم سلبية تجاه فكرة الاحتجاج. عند طرح هذا الموضوع للمرة الأولى عام 2018، كانت أغلبية الإماراتيين (35%) تعتقد أن الحكومة لا تبذل جهودًا تُذكر للحد من “الفساد في الاقتصاد والسياسة”. ولكن ترى حاليًا نسبة أكبر (41%) أن الدولة تبذل جهودًا كافية لمواجهة هذا التحدي الرئيسي، بزيادة عشر نقاط عن عام 2018. وكذلك، في ما يتعلق بما إذا كانت الدولة “تلبي احتياجات المواطنين لتأمين مستوى معيشي مقبول”، يعتقد 19% فقط أن الدولة لا تبذل جهودًا كافية. وترى الأغلبية أن الجهود المبذولة حاليًا هي إما كافية (42%) أو حتى أكثر من اللازم (35%) للبلاد.
لا تعني هذه الإجابات أن جميع السياسات الاقتصادية للحكومة تحظى بدعم الأغلبية ففي استجابة ربما لمباشرة الإمارات الإصلاحات الضريبية خلال السنوات الماضية، تعتقد أغلبية الإماراتيين (57%) أن الحكومة تبذل جهودًا حثيثة “لتقاسم الأعباء الضريبية والالتزامات الأخرى تجاه الحكومة بطريقة عادلة”.
وعلى الرغم من التوافق الواضح بين الرأي العام وسياسة الحكومة بشأن بعض القضايا، لا تعتقد مجموعة كبيرة من الإماراتيين أن وجهات نظرهم تؤخذ في الاعتبار بما فيه الكفاية، ويعتقد نصف الإماراتيين أيضًا أن الدولة لا تبذل جهودًا تُذكر من أجل “التنبه لآراء المواطنين العاديين مثلي”. يتناقض هذا الرأي مع رأي ثلث المستطلعين الذين يعتقدون أن الدولة تهتم بما يكفي بالرأي العام.
ولكن معظم الإماراتيين يوافقون على العبارة القائلة إنه” من الجيد أننا لا نشهد احتجاجات جماهيرية ضد الحكومة، كما شهدت بعض البلدان الأخرى مؤخرًا””. وتُظهر بيانات الاتجاهات أن عددًا أكبر بكثير من المواطنين تبنى هذا الموقف خلال السنتين الأخيرتين، بحيث ارتفعت نسبة الموافقون على هذا الطرح من 42% في تموز/يوليو 2020 إلى 81% اليوم. وفي شهر تموز/يوليو من نفس العام، صرح حوالي نصف الإماراتيين أن الدولة لم تفعل ما يكفي “للاهتمام بالرأي العام حول سياساتها”، مما يشير إلى أن الآراء حول العلاقة بين الرأي العام والسياسة لم تتبدل.
وعوضاً عن ذلك، فإن القمع العنيف وما تلاه من إخفاق الاحتجاجات الدرامية التي انطلقت في أواخر 2019 و2020 في البلدان المجاورة مثل العراق ولبنان – التي طُرح السؤال حولها في الأصل – إلى جانب النتائج الاقتصادية المحلية الجيدة، جميعها لعبت دورًا في تشكيل رأى الإماراتيين حول فكرة الاحتجاج. على النقيض من ذلك، لا يزال نصف المصريين (وجميع اللبنانيين تقريبًا) مقتنعين بهذا الطرح، مما يبرز مدى اتساع وجهات النظر حول هذا السؤال الرئيسي في جميع أنحاء العالم العربي.
ملاحظة منهجية
يستند هذا التحليل إلى نتائج مسح قائم على المقابلات الشخصية لعينة تمثيلية على المستوى الوطني من 1000 مواطن إماراتي، أجرته شركة تجارية إقليمية مستقلة وذات خبرة عالية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022. أُخذت العينات وفقًا لإجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. وتم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية طوال تلك الفترة. يمكن الاطلاع على نتائج المسح الكاملة على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية لمعهد واشنطن. ويمكن توفير تفاصيل منهجية إضافية، بما في ذلك التصنيفات الديموغرافية وغيرها من المعلومات ذات الصلة، بسهولة عند الطلب.