مقالات

العراق ليس للبيع.. كفى تطبيلاً لـ الاتفاقية الصينية!

في ديسمبر 26, 2022

سمير عبيد*

#تمهيد:
لا يظن البعض أنّي أُطبّل لأمريكا وللمشروع الأميركي في العراق، ولا حتى للمشروع الإيراني أو غيرهما. بل أنا أُحذّر من سيمفونية باتت مُلّلة جداً أسمها ” الاتفاقية الصينية “والتي أصبحت ” أمصيرف” لجيوب بعض الاعلاميين والناشطين وسياسيي الصدفة الذين امتهنوا الانتهازية والاستئجار. فمن المعيب والمخجل والمخزي يربدون بيع ما تبقى من العراق الى الصين هذه المرة من خلال شعارات وبرامج خادعة للشعب والرأي العام. فالدول لا تُقاد من خلال السذاجة والفاسدين. بل من خلال التخطيط ورجال الدولة !

# وقفة توضيحية !
١-نعم .. ان الصين دولة غنية وتقود ثورة تكنولوجية وذات زخم بشري واقتصادي هائل . وهي في حالة صعود ونمو لتحتل مقعداً متقدماً في قيادة العالم الجديد. وصحيح هي في حالة تحدي ل الولايات المتحدة لتزيحها من قيادة العالم لوحدها نحو قيادة متعددة للعالم. وهذا سيطول انتظاره . ولكن الصين لا تقل خطورة عن الولايات المتحدة والمشاريع الاستعمارية الأخرى. فالولايات المتحدة تغزو الدول التي تقرر غزوها عبر( الجيوش والبارجات والصواريخ والتكنلوجيا الحديثة، وحتى عبر الحروب الناعمة والجواسيس والجيوش الرديفة ) ومثلما حصل في افغانستان والعراق وليبيا وخارج الشرعية الدولية لأهداف اقتصادية ولوجستية وحتى لأهداف دينية عقائدية….
٢- ولكن الصين تغزو الدول من خلال ( المال والاغراء) فهي تستهدف الدول الضعيفة اداريا واقتصاديا وسياسيا .وتستهدف الدول التي تقودها حكومات فاسدة .وتستهدف الدول المضطربة لتغريها بالمنح المالية بحجة انقاذها وانتشالها من خلال الاعمار والاستثمار الذي ظاهرة شبه مجاني ولكنه بعد المدة المريحة التي تعطيها الصين لتلك الدول. تأتي المطالبة بالسداد وضمن الشروط الصينية الصارمة التي وافقت عليها حكومات الدول. وعندما تعجز الدول من السداد يصار على إجبارها على التنازل عن اصول تلك الدول مثل التنازل عن ( الموانىء، والمدن الصناعية الكاملة ، والمشاريع والمصانع الموانىء التي بنتها الصين لتصبح ملكيتها للصين نفسها ، … الخ ) وحينها يصبح استعمار صيني من نوع آخر !

#هكذا بلعت الصين أجزاءاً من الدول !
بدأت الصين مؤخراً تجني ثمار استراتيجية ديونها التي تكلمنا عنها أعلاه و التي أغرقت بها دول العالم الثالث. فعلى سبيل المثال :
١- مطار عنتيبي في أوغندا، المطار الدولي الوحيد في البلاد الذي بنته الصين ، وبعدما عجزت أوغندا عن سداد قرض سابق.استولت عليه الصين مقابل ديونها. و بلا تحكيم دولي . وكم حاولت اوغندا الضغط على الصين لتعديل بنود الاتفاقية فرفضت السلطات الصينية أيّ تعديل في الشروط الأصلية للصفقة.لان الصين تمارس لعبة الذكاء والاحتيال العلني !
٢- ومارست الصين اللعبة نفسها في (باكستان وكينيا وأستراليا واليونان ومونتينيغرو و ليتوانيا وغيرها من الدول) فاستولت على موانيء ومطارات ومصانع ومدن في تلك الدول من خلال استراتيجية و “دبلوماسية فخ الديون”،بغاية التفوق الصيني في الصراع الدائر مع الولايات المتحدة.
٣-ميناء مومباسا، الذي رهنته الحكومة الكينية نظير قروضها المتراكمة للصين، التي بلغت قيمتها أكثر من 5.5 مليار دولار، الأمر الذي سيعيد إلى الأذهان قصة ميناء هامبانتونتا السريلانكي الذي استحوذت عليه الصين لمدة 99 عاماً بعد عجز سيريلانكا عن سداد القرض الصيني الذي بلغت قيمته نحو 8 مليارات دولار بسعر فائدة مرتفع بلغ نحو 6.3%، بالإضافة إلى قصة ميناء جوادر الباكستاني الذي استحوذت عليه شركة صينية لمدة 40 عاماً.

بين الاخبار

#نقطة نظام
فوفقاً لمركز أبحاث (AidData) في جامعة ويليام أند ميري في ولاية فرجينيا الأمريكية، فقد أقرضت بكين أو منحت أموالاً لـ13427 مشروعا للبنية التحتية بقيمة 843 مليار دولار في 165 دولة حول العالم خلال الـ18 عاماً الماضية.يرتبط معظمها بمبادرة “الحزام والطريق” الصينية الطموحة. وخلال السنوات الماضية، أوقعت الصين عديداً من الدول في شراك قروضها .ونجحت في وضع يدها على عديد من البنى التحتية الحيوية في هذه الدول، الأمر الذي دفع المفكر والأكاديمي الهندي براهما تشيلاني إلى استحداث مصطلح “دبلوماسية فخ الديون” تعبيرا عن الخطط الصينية الخطيرة .

#الصين تريد بلع البصرة !
١-فحذاري من الفخ الصيني في البصرة والعراق . وحذاري من الابواق العراقية التي تعمل وتضغط سياسيا واعلاميا وشعبيا من اجل تمرير مايسمى بالاتفاقية الصينية. فالصين تسابق الزمن وتضغط وترش الرشاوى عبر اطراف عراقية وغير عراقية في سبيل تمرير الاتفاقيات الصينية بمحاولة منها اي الصين استغلال وجود الطبقة الفاسدة التي تحكم العراق واستغلال حاجة العراق الى الاستثمار في البنية التحتية والموانيء والكهرباء وخطوط سكك الحديد وغيرها .وهي تعرف جيدا اي الصين ان هذا الطبقة الفاسدة لن تفي بتعهداتها وربما حتى تهرب او تذهب للسجون قي حالة محاربة الفساد جديا .وبالتالي سوف تستولي هي على البصرة والفاو والموانىء وكل شيء وتصبح القضية أمر واقع .
٢-وهذا ماترفضه الولايات المتحدة تماماً. وتتفاوض عليه بريطانيا سراً مع الصين لتكون هي الضامن وهي اللاعب الرئيسي في العراق. وهاتين الدولتين لا تحبان العراق والعراقيين. بل تفكران بمصالحهما في العراق .وبريطانيا تريد الصعود عالميا كدولة شريك في قيادة العالم من خلال ورقة العراق والبصرة وباب المندب واليمن والكويت. ولهذا صنعت الفوضى بداخل ايران لتخرجها من العراق والجنوب العراقي !

#الخلاصة :
١-أحذروا المغريات الصينية . واحذروا الذين يبشرون بالخير الصيني. فوراء هذا الخير المزعوم بيع العراق ( تفصيخ ) !
٢-متى ماصار في العراق حكومة رجال دولة واختفاء الفساد والفاسدين حينها اهلا بالصين !

*كاتب ومحلل سياسي عراقي