رأس السنة في العراق “من ليالي العمر”
قضايا وناس بغداد
زيد سالم
جولات رأس السنة في أسواق بغداد (علي مكرم غريب/ الأناضول)
تختلف أساليب الاحتفالات بين العائلات العراقية فتجهز بعضها الحلويات والمعجنات، وتوجه دعوات إلى الأقرباء وقد تتبادل الزيارات، فيما تفضل أخرى استقبال العام الجديد في المطاعم أو الفنادق أو القاعات المخصصة للمناسبات، وأيضاً في الشوارع والساحات العامة والميادين التي تتحوّل إلى تجمعات، في حين يسافر الميسورون إلى الخارج.
وتعم احتفالات رأس السنة مدن العراق، لكن أكبرها تقام في العاصمة بغداد التي يزورها قبل ليلة رأس السنة الجديدة آلاف من أفراد العائلات والشبان، ويتجولون ليلاً في الأسواق والمجتمعات التجارية، رغم الزحام، فهذه الليلة “واحدة من ليالي العمر القليلة”.قضايا وناس
ماذا يتمنى العراقيون في عام 2023؟
وبالطبع توفر الأعياد فرصاً لتحقيق أصحاب محلات بيع الهدايا والبائعين المتجولين أرباحاً مهمة، ويرتدي بعض هؤلاء البائعين أزياء بابا نويل، ويبيعون الورود والقبعات الحمراء وألعاب الأطفال.
وتُعد ساحات التحرير والفردوس والنسور وسط بغداد، إلى جانب شارع المتنبي، بين أهم مراكز الاحتفالات، لا سيما أن وزارة الثقافة تجهزها بالتعاون مع أمانة العاصمة لاستقبال نشاطات خاصة بالمناسبة، وتنصب شاشات عرض كبيرة، وتوفر عروضاً مسرحية وفنية، وتستضيف مطربين. وتترافق النشاطات مع توزيع أعلام عراقية وسط أجواء من الفرح والرقص تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، في ظل تأهب أمني لمنع حدوث أعمال عنف.
يقول محمد الكرادي (48 عاماً) لـ”العربي الجديد”: “ليست احتفالات أعياد رأس السنة مثل السابق، إذ تغيّرت أشكالها وآلياتها وحتى طرق التعامل معها، ففي السابق كان العراقيون يحتفلون في المنازل والحدائق العامة، ويقيمون جلسات لشواء اللحوم والأسماك، وذلك ضمن العائلات التي كانت لا تقبل أن يحتفل أحد أفرادها في الخارج، أما اليوم فيحتفل الشبان وحدهم والأب والأم بمفردهما، والبنات مع صديقاتهن، وهذا التغيّر ليس سلبياً، لكنه أفقد نكهة الاحتفال ضمن الأسرة الواحدة. وهذا الأمر لا ينطبق على الجميع أيضاً، فبعض العائلات تنظم احتفالين، الأول في البيت لتناول عشاء جماعي، والثاني في الشوارع والميادين العامة، حيث ينضمون إلى الناس في مشاهدة الألعاب النارية التي تستمر أكثر من 10 ساعات”.
من جهتها، ترى حليمة عدنان العبدلي (53 عاماً)، في حديثها لـ”العربي الجديد”، أن “الاحتفالات مهمة لأنها تقوّي العلاقات الأسرية وتجمع الأقارب عادة، لذا نستغل هذه المناسبات للاتصال بالأقرباء ودعوتهم إلى الاجتماع. وعادة ما تسفر أعياد رأس السنة عن زيجات باعتبارها أياما مهمة وتواريخ استثنائية”.
تضيف: “احتفال رأس السنة عادة عراقية مهمة يترافق مع تزيين المنازل، وإعداد مأكولات السمك والحلويات والمعجنات، وشراء الملابس الجديدة للأطفال”.
وتجد العبدلي أن “بعض العائلات ما زالت تحافظ على شكل الاحتفال بعيد رأس السنة، لكن أخرى باتت تفضل زيارة المطاعم والفنادق وحضور حفلات المطربين في القاعات، وهو تطور لا بأس به، شرط ألا يتجاوز حدود الآداب العامة. وكانت الاحتفالات توقفت لسنوات بسبب المشاكل الأمنية، لكن العائلات واصلت تنظيم جلسات هادئة داخل المنازل”.
من جهته، يقول حسن عبد الله (29 عاماً) من محافظة كركوك، لـ”العربي الجديد”: “أحب التجوّل مع زوجتي وطفلي في الشوارع خلال ليلة رأس السنة، ثم زيارة منزل والدي والسهر عندهم حتى الصباح”.
ويلفت إلى أن “الإقبال المفرط على شراء المفرقعات والألعاب النارية يتسبب في مشاكل أحياناً، لذا تخشى بعض العائلات أن يُصاب أحد أفرادها بأذى بسببها فتفضل البقاء في المنازل. وفي كل الأحوال أصبح العراقيون يبحثون عن أي مناسبة مفرحة كي يفرغوا ما في داخلهم من حزن وخوف”.قضايا وناس
عيد الميلاد في العراق: احتفالات بمن بقي
وتخبر زينب اللامي (21 عاماً) التي تقيم في مدينة النجف، “العربي الجديد” أن “السنوات السابقة شهدت غياب مظاهر الفرح والزينة خلال احتفالات رأس السنة، ثم تبدلت الأوضاع قبل سنتين، وصار يمكن أن للأهالي الاحتفال في المطاعم والخروج للتنزه ليلاً، وباتت النجف وكربلاء تشهد أفراحاً بعد السيطرة على بعض رجال الدين المتطرفين الذين يرفضون الاحتفال برأس السنة. والعراقيون ليست لديهم أفراح كثيرة، لذا ينتظرون الأعياد بفارغ الصبر”.
ويشهد العراق تناقصاً في أعداد المسيحيين الذين يفترض أن يتواجدوا في احتفالات رأس السنة، وذلك بسبب المشاكل الأمنية والتهديدات التي تعرضوا لها، حتى باتوا أقلية مهددة، لكن شوارع بغداد تتزين بأشجار عيد الميلاد.