إيران وروسيا في سوريا قلق متعاظم لدى إسرائيل
“طهران تبدل كل الوقت أجهزة طرد مركزي قديمة بجديدة وسريعة أكثر وتواصل تخصيب اليورانيوم إلى درجة عسكرية”
خرجت إسرائيل بحملة دولية ضد طهران يقودها غانتس الذي دعا إلى إظهار القوة بوجه إيران في حال لم تتجاوب مع مطلب التوصل إلى اتفاق نووي محسّن (أ ف ب/ غيتي)
أعادت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية ملفّ الحدود مع سوريا إلى مقدّم أجندتها، وحذّر تقرير من الهدوء الذي يسود المنطقة معتبراً عمليات القصف الأخيرة التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف تقول تلّ أبيب إنها تساهم في تعزيز القدرات العسكرية لـ “حزب الله” عبر نقل الأسلحة له، باتت حاجة ضرورية لمنع استغلال الهدوء الحالي وتحويل المناطق الحدودية الشمالية لمنطقة قابلة للانفجار كل لحظة، سواء تجاه لبنان أو سوريا. واعتبر الجيش الإسرائيلي محاولة تسلل طائرة مسيرة من الحدود اللبنانية ونجاحها في الوصول إلى المنطقة المحيطة لمستوطنة “زرعيت”، بداية تصعيد خطير، وهدد بعدم الاكتفاء بإسقاط أي طائرة أو منع محاولة تسلل من الحدود الشمالية نحو إسرائيل من دون ردّ عسكري. وشدد الجيش على أن عناصره “ستواصل العمل من أجل منع أي انتهاك لسيادة إسرائيل”.
الجمع بين استخدام القوة واستعراضها
واعتبرت جهات عسكرية وأمنية إسرائيلية إيران العنصر المركزي والفاعل ضد أهداف تلّ أبيب داخل سوريا والحدود الشمالية. وخرجت إسرائيل بحملة دولية ضد طهران يقودها وزير الأمن السابق بيني غانتس الذي دعا إلى توجيه ضربات قاسية وإظهار القوة بوجه إيران في حال لم تتجاوب مع مطلب التوصل إلى اتفاق نووي محسّن. وشدد غانتس على ضرورة الاستفادة من الأوضاع الحالية التي تشهدها إيران “المشكلات الداخلية والصعوبات الاقتصادية إلى جانب ردود الفعل الدولية على تزويدها الأسلحة للهجمات الروسية على أوكرانيا تتطلب منا العمل على تعميق التعاون العسكري والاستخباراتي قبل أن تتجاوز طهران نقطة اللاعودة على الصعيد النووي، وفي الوقت نفسه، الضغط عليها لتوقيع اتفاق أفضل”، وفق غانتس الذي كان يتحدث أمام أكثر من 100 مراسل لوسائل إعلام دولية. وبحسب غانتس فإن تلّ أبيب، بالتعاون مع مختلف الدول، “بحاجة إلى الجمع بين استخدام القوة واستعراضها في مواجهة العدوان الإيراني وفي الوقت نفسه يتوجب تركيز الجهود والنشاطات لمنع إيران من التقدم في مشروعها النووي”.
روسيا وإيران و”حزب الله” ساحة تهديد مركزي
ووصف تقرير إسرائيلي الهدوء الحالي عند الحدود الشمالية، عموماً، والسورية بشكل خاص بالمخادع، معتبراً أن روسيا جعلت من سوريا معقلها المركزي في الشرق الأوسط وأنها إلى جانب إيران و”حزب الله” تشكل ساحة تهديد مركزية وخطيرة على إسرائيل. وجاء في التقرير أيضاً “على رغم الحرب في أوكرانيا، فلم يترك الروس المنطقة تماماً بل إنهم ينشغلون في محاولة التوسط بين رجب طيب أردوغان (الرئيس التركي) وبشار الأسد (رئيس النظام السوري). أما الإيرانيون، وعلى رغم التظاهرات والاحتجاجات الداخلية، فيواصلون التربص بتلّ أبيب والتخطيط لعمليات ضدها في مقابل محاولة تهريب سلاح متطور إلى حزب الله في لبنان حيث يواصل استعداداته لمواجهات مستقبلية ضد إسرائيل”.
وتطرق التقرير إلى الجهود الإيرانية لتعزيز القدرات النووية مشيراً إلى أن “إيران تبدل كل الوقت أجهزة طرد مركزي قديمة بجديدة وسريعة أكثر، وتواصل تخصيب اليورانيوم إلى درجة عسكرية، وهي اليوم تقف على مسافة أسابيع قليلة من جمع الكمية اللازمة لإنتاج قنبلة واحدة”.
ارتفاع 420 في المئة في عدد أحداث الاحتكاك
إعلان إسرائيل عن إسقاط طائرة مسيرة تجاوزت حدودها من لبنان نحو مستوطنة “زرعيت” دفع جيشها إلى تعزيز دورياته ونشاط وحدات المراقبة عند الحدود الشمالية، وباشر أعمال ونشاطات عدة بينها أعمال هندسية في نطاق “الخط الأزرق”.
وأفاد التقرير الإسرائيلي بأن “حزب الله” لم يعد قادراً على السيطرة على مقاتليه في مناطق الجنوب المحاذية للحدود، مشيراً إلى أنه خلافاً للمرات السابقة، يصل نشطاء الحزب خلال عمل الجيش الإسرائيلي في المناطق الحدودية أو عند “الخط الأزرق”، وهم لا يراقبون عن كثب نشاط الجيش، وحسب، بل “ينفذون أعمالاً شبه عسكرية، مثل فتح محاور عبر سيارة وعلى الأقدام أو دوريات على طول الحدود. وهم مجهزون بكاميرات ويوثقون ما يجري. وهؤلاء يخفون، بشكل عام، السلاح على أجسادهم لكن في كثير من المرات يتجولون وهم يظهرون أسلحتهم عمداً أمام الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف التقرير أن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعاً بنسبة 420 في المئة من أعمال الاحتكاك في المنطقة الحدودية مع لبنان. ونُقل عن مسؤول أمني خشيته من تصعيد مفاجئ في الميدان وقال إن عناصر “حزب الله” يحاولون إحداث أضرار عند الحدود “لقد شوهد بعضهم وهم يدفعون بصخور كبيرة نحو السياج الحدودي بهدف إحداث أضرار فيه، كما يحاولون خلق احتكاك مع الجيش الإسرائيلي. وقد نصبوا عشرات المواقع على طول الحدود، والتخوف هو أن أعمال نشطاء أفراد هي التي ستؤدي إلى احتدام التوتر في الحدود”.
الاستعداد للخيار العسكري؟
من جهته، دعا الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تمير هايمن إلى ضرورة الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران. وقال “تواصل طهران تعزيز قدراتها في مجال التخصيب، وتوشك أن تصبح قريباً دولة على حافة نووية، وفي الوقت نفسه أصبحت جزءاً جوهرياً من محور الشر بسبب مساعدتها الفاعلة لآلة الحرب الروسية في أوكرانيا”.
أضاف هايمن أن القفزة الإيرانية الكبيرة في البرنامج النووي في الأشهر الاخيرة لم تعد تسمح بالعودة إلى الاتفاق الأصلي “لقد كان من الصواب العودة في حينه إلى الاتفاق لكونه أهون الشرور، لكن الواقع تغير بشكل دراماتيكي”، وتابع “الخيار الأفضل هو قتل الاتفاق تماماً. الوضع الانتقادي الحالي لا يعمل إلا في صالح إيران. فهي تراكم قدرات نووية ولا تدفع أي ثمن على ذلك. وفور إلغاء الاتفاق، وبالتوازي مع إعداد الخيارات العسكرية، على الولايات المتحدة والقوى العظمى أن تعمل كي تضع على الطاولة اتفاقاً أفضل، أطول وأقوى. هذا لا يزال الخيار المفضل لأجل منع قنبلة نووية إيرانية”. وبالنسبة لإسرائيل، رأى هايمن أن عليها الاعتراف بأن “غياب العمل هو الأسوأ. فاستمرار التسويف في الوقت سيؤدي بنا إلى إيران نووية وخطرة أكثر بعد أن تزال أيضاً القيود القائمة اليوم ابتداء من العام 2025″، ودعا المسؤولين إلى إعداد خيار عسكري مسنود بالولايات المتحدة واستمرار تعزيز القدرات العسكرية لدى الجيش الإسرائيلي، وختم “إذا ما وصلنا إلى عمل عسكري كخيار أخير، يجب الاستعداد لمعركة إقليمية واسعة تضم حزب الله أيضاً. وحتى لو لم تكن مثل هذه المعركة مؤكدة، ينبغي الاستعداد للسيناريو الأخطر”.