“حرب على البيت”… إسرائيل المنقسمة بين نتنياهو ومعارضيه
تحذيرات من “صراع أشقاء” بسبب خطة الحكومة لتقويض القضاء وغانتس يحشد لـ”زلزال في الدولة”
إلى جانب المعركة ضد نتنياهو داخل الكنيست تتسع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة وسياستها اليمينية (أ ف ب)
احتدمت المعركة الإسرائيلية التي تخوضها المعارضة في الكنيست إلى جانب أحزاب سياسية وجمعيات فاعلة في حقوق الإنسان ضد حكومة نتنياهو لتصل ذروتها، أمس الإثنين، خلال اجتماعات الكتل الحزبية داخل الكنيست الإسرائيلي.
اتهم قادة أحزاب المعارضة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه “يجر إسرائيل إلى حرب أهلية خطيرة إذا ما تم تنفيذ خطة وزير القضاء ياريف ليفين التي تبنتها الحكومة ودعمتها أحزاب الائتلاف، وتتضمن تغييرات جذرية داخل جهاز القضاء بهدف تقويض صلاحية المحكمة الإسرائيلية العليا وجعل الكنيست المنبر الأخير للمصادقة على جميع القوانين والقرارات التي تعرضها وتهدف إلى تحقيقها الحكومة الإسرائيلية”.
وحذر رئيس حزب “المعسكر الوطني” ووزير الأمن السابق بيني غانتس، نتنياهو من نشوب ما سماه “حرب الأشقاء” وحمله المسؤولية الكاملة عن أية تداعيات لسياسته على المجتمع الإسرائيلي برمته.
وبحسب غانتس، الذي دعا الإسرائيليين وضمنهم من دعم اليمين ونتنياهو للانضمام إلى حملة الاحتجاج التي تشهدها إسرائيل، فإن “هذه الاحتجاجات ليست ضد نتنياهو ولا الحكومة، بل هي لمنع تفكيك الديمقراطية، ولعرقلة الخطوة الهدامة وغير الملجومة”. وأضاف “عليكم الانضمام لهذه الاحتجاجات، فقد حان الوقت لإحداث زلزال في الدولة”.
واعتبر غانتس، الذي يرى أن الحرب التي تجري تهدد المجتمع الإسرائيلي بكل شرائحه، في حديث له أمام أعضاء حزبه، أن خطة ليفين بدعم نتنياهو جاءت لتخدم مصلحة رئيس الحكومة أولاً. ودعا الإسرائيليين إلى منع تدهور إسرائيل إلى الهاوية.
حرب على البيت
إلى جانب خوض المعارضة المعركة ضد نتنياهو وليفين داخل الكنيست، تتسع الاحتجاجات الشعبية بعد التظاهرة الكبرى التي انطلقت في تل أبيب بمشاركة أكثر من ثلاثين ألف إسرائيلي “ضد الحكومة وسياستها اليمينية المتطرفة والمقوضة لحقوق الإنسان والديمقراطية”.
في هذه المرحلة تركز الحملات الاحتجاجية على الخطة التي وضعها ليفين كوزير للقضاء، وفي تفاصيلها ما يجعل المحكمة الإسرائيلية العليا مجرد محكمة شكلية، وهو ما حذر قانونيون وقادة أحزاب من أنه سيؤدي إلى تحويل عشرات القضايا التي كانت تبحثها المحكمة العليا إلى المحكمة الدولية ضد حكومة إسرائيل.
وبحسب القانونيين فإن “خطة ليفين تستهدف حقوق الإنسان وقدرة المواطن على الدفاع عن نفسه”. وأوضح النائب غدعون ساعر من “المعسكر الوطني”، أن حكومة إسرائيل عازمة على ضمان غالبية لها في لجنة تعيين القضاة لتحقق سيطرة كاملة للحكومة في الكنيست وكذلك في جهاز القضاء، مضيفاً “المسألة هنا ليست صراعاً بين سلطات القانون، بل تتعلق بحقوق مواطني إسرائيل قبل كل شيء”.
أما رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب “يوجد مستقبل” يائير لبيد، فحذر من “فوضى جراء خطة تسعى إلى القضاء على الديمقراطية”. وقال لبيد “دولة مسموح فيها بكل شيء وتلغى فجأة جميع التوازنات والكوابح لدى السلطة هي ليست دولة ديمقراطية، بل حكومة همها الأساس هو التمسك بالحكم من دون معارضة أو منازعة ولا حتى إجراءات تعرقل أي نشاط في غير صالح المواطنين، وهذه حرب على البيت بدأناها ولا نعرف كيف ستنتهي”.
وفي جلسة لكتلة حزبه أضاف لبيد “نحن أمام حكومة لا نجادلها حول السياسة، بل نعمل ونناضل من أجل استمرار وجود إسرائيل، وفكرة الحياة المشتركة التي تريد هذه الحكومة القضاء عليها”.
مستمرون بدعم الناخبين
كل التحذيرات والتهديدات التي أطلقت لم تحرك ساكناً لدى الحكومة وأحزاب الائتلاف بل استمروا في خطواتهم لضمان إجراء التغييرات التي يريدونها في جهاز القضاء والمحكمة العليا على وجه الخصوص.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اعتبر أن هذه الاحتجاجات والتهديدات مجرد تحريض ضد الحكومة، قائلاً “تلقينا تفويضاً واضحاً من الجمهور لتنفيذ ما وعدنا به في الانتخابات وسنفعل ذلك، وهذا هو جوهر الديمقراطية، إنه تحقيق إرادة الناخبين، نحن لا نخاف من الحملة الإعلامية أحادية الجانب ضدنا، ولا نتوانى في وجه التحريض المستشري”.
جاءت خطة ليفين لإخراج نتنياهو من أزمته القضائية، وما قد يصدر عن محاكمته في شأن تهم الفساد الموجهة ضده، إلى جانب ضمان تعيين زعيم حزب “شاس” إرييه درعي وزيراً للداخلية، وتحقيق أهداف حكومة اليمين المتطرف، وتنفيذ الوعود التي شملتها اتفاقيات الائتلاف بين نتنياهو ورؤساء الأحزاب.
ويضع ليفين في مقدمة خطته، التي أطلق عليها اسم “إصلاحات قضائية”، إلغاء ما هو معروف بـ”حجة عدم المعقولية” التي تستخدمها المحكمة العليا لإلغاء قرارات لسلطات رسمية وحكومية في حال تبين أنها تناقض قوانين أساس تعتبر دستورية، من خلال تعديل “قانون أساس القضاء” بحيث ينص التعديل على أن “المحكمة لا تتدخل في قرارات الحكومة من خلال دوافع معقولة لترجيح الرأي”.
وتشمل الخطة تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة بحيث لا تشمل مندوبين عن نقابة المحامين، وسن قانون يمنع المحكمة العليا من شطب قانون أجازه الكنيست بسبب تناقضه مع قوانين أساس.
ويبذل الائتلاف الحكومي جهوداً للإسراع في سن “بند التغلب” عبر تشريع يمنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين أقرها الكنيست وتتناقض مع أحد “قوانين الأساس”. وبحسب ليفين فإن الائتلاف سيعمل على سن هذا القانون بغالبية 61 عضو كنيست.
وأوضح ليفين أنه “بموجب قانون الالتفاف على المحكمة العليا، سيتم سلب المحكمة صلاحية إلغاء قوانين، إلا إذا اجتمعت بكامل هيئتها (15 قاضياً) واتخذت قراراً بغالبية خاصة، كما سيجرى تعديل على عملية تعيين المستشار القضائي للحكومة والمستشارين القضائيين للكنيست والوزارات المختلفة، بحيث يكون التعيين سياسياً وخاضعاً لرغبة المسؤول المعني، خلافاً لما كان في السابق، حيث يتم التعيين بناءً على قرار لجنة مهنية متخصصة تخضع لمكتب المستشار القضائي للحكومة أو وزارة القضاء”.
وشدد ليفين لدى عرضه الخطة على أنه “يجب على المحكمة أن تصدر قراراتها وفقاً للقانون وليس للقيم أو المعقولية، وهذا تعديل بسيط لقانون أساس القضاء”.
من جهته هاجم الرئيس الأسبق للمحكمة العليا القاضي المتقاعد أهارون باراك، خطة ليفين بالقول “الوزير ليفين جمع جميع المقترحات السيئة التي طرحت خلال سنوات طويلة وربطها معاً في سلسلة تخنق الديمقراطية الإسرائيلية، ونتيجة ذلك سيتم إلغاء النقد القضائي في إسرائيل، وهذا انقلاب دستوري خطير”.
وتطرق باراك إلى تداعيات الملفات التي يقدمها الفلسطينيون ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية قائلاً “سيتم على الفور اعتقال رئيس أركان الجيش ووزراء لدى سفرهم إلى خارج البلاد، وسيحاكمون دولة إسرائيل وقادتها في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وستحدث كثير من الأمور أخطرها مصادرة حقوق الإنسان بالجملة”.