صورة وزعها مكتب السوداني أثناء إطلاقه السلة الغذائيةبغداد: «الشرق الأوسط»
يستعد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير خارجيته فؤاد حسين، لزيارة واشنطن، كلٌّ على حدة، قريباً، حاملين ملفين أساسيين؛ «أزمة الدولار» واتفاقية «الإطار الاستراتيجي»، بين بغداد وواشنطن.
وبينما كان معلناً أن حسين سيزور الولايات المتحدة أواخر الأسبوع المقبل، خرج ليعلن عن زيارة السوداني أيضاً خلال الفترة المقبلة. ومع أن زيارة وزير الخارجية سوف تتركز بالدرجة الأساس على بحث اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» بين بغداد وواشنطن، لا سيما مع تجدد المطالبات بإخراج القوات الأجنبية من العراق، فإن قضية ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي عدَّلت من جدول أعمال الزيارتين؛ زيارة وزير الخارجية الوشيكة وزيارة رئيس الوزراء المتوقعة خلال الفترة القادمة. وكان الوزير العراقي قد أعلن طبقاً لتصريح له أمس (الاثنين)، أن «الحكومة العراقية مهتمة برفع قيمة العملة العراقية أمام الدولار الأميركي». وأضاف أن «السوداني على تواصل مع الولايات المتحدة من أجل إعادة رفع قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، وسنزور واشنطن قريباً لهذا الشأن».
ويقول الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات العراقية – الأميركية تسير نحو مسار متقدم في التعاون والشراكة وتنفيذ مسارات العلاقة في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين البلدين». وأضاف أن «الزيارات المرتقبة للولايات المتحدة الأميركية للوفد الحكومي العراقي ورئيس الوزراء تؤكد بشكل واضح أن هنالك مسارات تهدف إلى تعزيز هذه العلاقة من خلال بحث الملفات ذات الشأن في مجال السياسات المشتركة، خصوصاً فيما يخص الدولار والتعامل به من المؤسسات المالية العراقية الاتحادية بالإضافة إلى مناقشة الرؤى المشتركة في تعزيز الاستثمارات المتبادلة من جهة والاستثمارات والتعاقدات للشركات الأميركية مع العراق في مجال الرز ومحطات الكهرباء والطاقة المتجددة والقطاع المالي والمنتجات التجارية الأميركية، بالإضافة إلى استدامة السلاح ذي المنشأ الأميركي في القوات المسلحة العراقية».
وتزامن الإعلان عن زيارة السوداني لواشنطن مع قراره إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف، ومدير المصرف العراقي للتجارة «TBI» سالم الجلبي، على خلفية التراجع الكبير في أسعار صرف الدينار مقابل الدولار الأميركي. وسألت «الشرق الأوسط» الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، إن كانت هناء علاقة بين هذه القرارات وزيارة واشنطن، فقال: «من الواضح أن الإجراءات التي يسير عليها البنك المركزي العراقي لا تتلاءم مع ما يريده البنك الفيدرالي الأميركي، إلى الحد الذي أستطيع القول إنها إجراءات فاشلة رغم التحذيرات الأميركية». وعن الملفات التي يمكن أن يبحثها السوداني مع الإدارة الأميركية بشأن أزمة الدولار، يرجح المشهداني أن «يطلب مهلة من الأميركيين لمدة معينة لكي ينتقل العراق إلى الآلية التي يريد البنك الفيدرالي الأميركي للعراق اتّباعها»، كاشفاً أن «نافذة مزاد العملة قبل إجراءات (الفيدرالي) الأخيرة كان يتم بموجبها تهريب الأموال العراقية إلى عشرات الدول وليس إلى إيران أو لبنان أو تركيا أو سوريا بل إلى كلٍّ من روسيا وكوبا وكوريا الشمالية ودول أخرى». وبشأن ما كانت هذه الإجراءات قد أدت إلى منع تهريب مثل هذه الأموال، يقول المشهداني: «نعم تم إيقاف تهريبها، لكنّ الحكومة العراقية سوف تطلب من الأميركيين تخفيف الإجراءات حتى يتم القضاء نهائياً على هذه الظاهرة من خلال إيقاف البنوك التي كانت تتولى عمليات التحويل، فضلاً عن أن العراق سوف يطلب كيفية تحويل الأموال العراقية الموجودة بالبنك الفيدرالي الأميركي إلى العراق».
من جهته يرى الباحث السياسي العراقي الدكتور باسل حسين، رئيس مركز «كلواذ للدراسات»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «واشنطن تحاول أن تلعب بأوراقها المؤثرة على السوداني وحكومته من أجل حمله على اتّباع سياسة لن تضر بالمصالح الأميركية على نحو خارج المسموح به». وأضاف أن «هذا يعني من بين ما يعنيه أن الإدارة الأميركية ستضع بالضرورة شروطها على الطاولة حينما يزور السوداني واشنطن كمفتاح لحل أزمة الدولار، وهي شروط مركبة يتداخل فيها السياسي مع الاقتصادي» مبيناً أن «هذه الزيارة سوف تكون مفصلية بحيث ترسم ملامح واتجاهات العلاقة المستقبلية بين حكومة السوداني والإدارة الأميركية».
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية ببغداد الدكتور عصام فيلي، فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «طبيعة الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية إلى الولايات المتحدة سوف تمهّد الأجواء للزيارة القادمة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى أميركا والملفات التي سيبحثها، آخذين بنظر الاعتبار أنها أول زيارة تأتي بعد التغيير الذي حصل في العراق وجاء بحكومة جديدة»، مبيناً أن «هناك جملة من الملفات التي لا تزال عالقة بين الطرفين، مع أن السوداني كان واضحاً على صعيد طبيعة العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، وهي علاقة قائمة على أساس المصالح المشتركة فضلاً عن تأكيده أن الأميركان الموجودين في العراق صفتهم استشارية وليست قتالية». وأوضح فيلي أن «هذا التصريح من أعلى مسؤول تنفيذي بالدولة فضلاً عن تصريحات زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي يملك الكتلة الأكبر الداعمة للسوداني تعطي الدليل على أن هناك محاولة للاستقرار في العلاقة مع الأميركان». وحول موضوع الدولار والدور الأميركي، يقول فيلي إن «ارتفاع سعر الدولار يعود إلى طبيعة الإجراءات الأميركية بهذا الشأن، وهي ليست جديدة كجزء من محاولة معالجة موضوع غسل الأموال، بحيث إن واشنطن راجعت كل فواتير الأموال في مستوردات العراق ووجدت أن هناك خللاً واضحاً في الكثير من تلك الفواتير وهو ما أسهم في تهريب الدولار»، مبيناً أن «الملف الأهم بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية هو تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، وبالتالي فإن هذه الحكومة يجب أن تفكر بعلاقة جديدة مع الولايات المتحدة لا سيما أن الملف القادم بالنسبة إلى الأميركان هو الطاقة للفترة القادمة».