النظام التعليمي العراقي المعطوب

1

زهير هواري

لا تختلف وزارة التربية في العراق بالنسبة للقوى السياسية المتنازعة عن باقي الوزارات، رغم أنها مسؤولة عن ملايين الطلاب والأساتذة والإداريين، وعن مستقبل البلاد، لكنها أيضاً مفتوحة على السمسرات والمحسوبيات والتنفيعات، فضلاً عن سرقة الأموال العامة على نحو مفضوح وإخراجها من البلاد، وترك الأوضاع المتردية من دون حد أدنى من المعالجة. 
الكارثة إذن مزدوجة، تتعلق أولاً بخيرات البلاد المنهوبة، ثم بتأخير إمكانية النهوض التي تعتمد على التعليم، خصوصاً ونحن نتحدث عن بلد كان في طليعة دول المنطقة بمستواه التعليمي، ومساهمات كبار أساتذته في الآداب والإنسانيات والعلوم. لكن يبدو أن ذلك كله صار من الماضي.
في مطلع الموسم التعليمي 2022– 2023 عاد التعليم الحضوري إلى ما كان عليه خلافاً للعامين السابقين عندما حط كورونا على الكوكب. لكن العودة لم تترافق مع الاستعدادات اللازمة لانطلاقة طبيعية. انطلاقة تحلل ما حدث من وقائع، وتعمل على ردم الفجوة التي ظهرت، وأثبتتها كل الدراسات والتقارير. 
وهكذا كانت البداية معطوبة على نحو واضح. يرتبط هذا كله بما صار إليه وضع العراق خلال العقدين الماضيين مع كل ما تخللهما من عثرات، ومن دون عودة بعيدة إلى الوراء، يمكن فقط الإشارة إلى أن البناء الطائفي للدولة الذي هندسه الحاكم الأميركي بول بريمر ما زال قائماً. 
خلال هذه السنوات، استكملت البنية التعليمية المؤسسية انهيارها، خصوصاً مع عملية النزوح التي واكبت الانفجارات الكبيرة التي لم تطاول الأهالي فحسب في العديد من المناطق والمحافظات، بل جرفت في طريقها التلاميذ والمدرّسين، وحولت الكثير من المدارس إلى أطلال. حتى أن التجهيزات المدرسية البسيطة باتت مفقودة، كالكتب والكراسي والطاولات، فضلاً عن الأدوات المكتبية اللازمة للعمل اليومي.موقف

التعليم المباشر وسط الغابات العربية

لم تعد بغداد أو عواصم المحافظات مراكز تنوير ترسل الكوادر إلى الأرياف والمناطق النائية لتنهض بمستواها التعليمي، الأمر الذي قاد إلى خلل مضاعف في البُنية التحتية، وفي الموارد البشرية بعد سنوات من التعثر.
واللافت أن العراق خلال السنوات العشر الأخيرة لم يعالج هذه المعضلة المزدوجة، سواء على صعيد توفير الأبنية المدرسية وتجهيزاتها، أو على صعيد الكادر التعليمي. الأسوأ أن نظام المحاصصة الطائفي المناطقي بات قيداً يحول دون الشروع في العلاج. فالوزارة تُحسَب ضمن منطق المحاصصة الطائفية، دون اعتبار لخصوصيتها وتأثيرها، ما يعني أن من يتسلمها قد لا يكون له أي علاقة بالتعليم، يكفي فقط أن ترشحه قوة سياسية. 
(باحث وأكاديمي)

التعليقات معطلة.