ترجمة: حامد أحمد
أفاد تقرير أميركي بان بغداد تشهد حملة عمرانية غير مدروسة، لافتاً إلى أن الاستثمار في العقار أصبح أداة لغسيل الأموال. وذكر تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية ترجمته (المدى)، “على امتداد الطريق السريع لمنطقة الدورة جنوبي بغداد تشخص امام الأنظار جذوع أشجار النخيل المبتورة عبر ارض رملية كأنها انامل تبرز من قبر، وهي أثر لبساتين كانت في يوم ما نضرة يتم تجريفها على نحو كبير جراء انتعاش عمراني متوسع تشهده العاصمة”.
وأضاف التقرير، أن “الكثير من حدائق وبساتين بغداد قد تمت التضحية بها لحملة عمرانية غير مدروسة على مدى العشر سنوات الماضية تقلصت على إثرها المساحات الخضراء التي كانت تساهم في تخفيف حرارة الجو”.
وأشار، إلى “حركة اعمار، قانونية وغير قانونية، تتصاعد في بغداد وسط ازمة سكن شديدة وما وصفها كذلك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على انها عملية تبييض أموال يتم تسخيرها في استثمارات عقارية ضخمة”.
وقالت مريم فيصل، وهي محاضرة بجامعة الفارابي في بغداد، “نحن نفقد رئة بغداد النابضة يوما بعد يوم”.
وأضافت فيصل، أن “المساحة الخضراء في العاصمة تقلصت عبر العقدين الماضيين من نسبة 12% الى أكثر من 28%”.
وأوضح التقرير، أن “المناطق المظللة في بغداد هي أكثر برودة من المناطق الأخرى التي تخلو من الاشجار بخمس مرات”.
وبين، أن “الاسطح الاسمنتية والمعدنية التي هي بدون أشجار ونباتات تقوم بامتصاص الحرارة ومن ثم تشعها مرة أخرى، مشكلة بذلك ما يعرف بسخونة الجزر السكنية”.
ونوه التقرير، إلى أن “العراق بانحسار مناسيب المياه فيه وانتشار التصحر وزيادة تعداده السكاني على نحو متسارع، يعتبر كأحد أكثر البلدان عرضة لعواقب التغير المناخي في العالم. ولكن وفقا لأخصائيين في مجال البيئة فان الحكومات المتعاقبة قد تجاهلت هذه الأزمة المتفاقمة بشكل كبير”.
ويقول مدير التخطيط في بلدية بغداد محمود عزيز، إن “فقدان المساحة الخضراء قد تفاقم منذ العام 2003″، مشيرا الى “ضعف الدولة العراقية وضعف الإجراءات الرقابية”.
ويعود التقرير، ليؤكد؛ “في مدينة حيث درجات حرارة الصيف تتجاوز 50 درجة مئوية، فان هذه الحرارة المتطرفة مصحوبة بتلوث متزايد للهواء تشكل خطورة صحية للفقراء الذين لا يستطيعون الحصول على مكيف هواء، وأكثر ناس عرضة لهذه المخاطر هم كبار السن والأطفال والمرضى”.
ويسترسل، “خلال العقدين الماضيين كان ارتفاع درجات الحرارة في بلدان الخليج العربي، العراق من ضمنها، هو أسرع من بقية مناطق العالم بمرتين، حيث تصل درجات الحرارة فيها أثناء أيام الصيف لمرحلة لا تطاق تقريباً”.
وكان تقرير سابق لصحيفة (نيويورك تايمز) قد كشف بان العمال الذين يعملون تحت اشعة الشمس في البصرة “هم عرضة لضربة شمس ومشاكل امراض قلبية وأمراض كلى ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة”.
وأورد التقرير، أن “ارتفاع درجات الحرارة والانقطاعات الدورية للتيار الكهربائي تساهم أيضا في زيادة استخدام مولدات الكهرباء التي تعمل بالوقود لتشغيل مكيفات الهواء بالنسبة للمقتدرين على تسديد المبالغ المرتفعة والتي تساهم أيضا في زيادة الانبعاثات الغازية الملوثة”.
وزاد، ان “عمليات التجريف بينما يكون قسم منها غير شرعي على نحو واضح او انها مرتبطة بعملية تنمية ضمن اجازات بناء متلاعب بها، فان مشاريع كبرى عملت على تجريف آلاف الهكتارات من البساتين وبساتين أشجار النخيل يتم تنفيذها بموافقة سلطات حكومية محلية”.
قالت مديرة مكتب الأمم المتحدة، “هابيتات”، لبرنامج المستوطنات البشرية في العراق المعني بالتنمية العمرانية المستديمة آنا سوفا، إن “قسماً من ظاهرة تقلص المساحة الخضراء يعزى لقانون الاستثمار الذي تم تشريعه عام 2006 الذي يشجع على استملاك الأرض من الحكومة ليبني عليها مجمعا تسويقيا ومجمعات سكنية”.
وتابعت سوفا، أن “المتنزهات والحدائق التي تم بناؤها هي مقتصرة على السكان الذين يدفعون رسوما للدخول اليها”.
وأشار التقرير، إلى أن “منطقة الدورة اعتادت ان تكون منطقة ذات طابع خليط صناعي، سكني، أراضي زراعية وبساتين، حيث المساحات الخضراء وبساتين النخيل تغطي مساحات واسعة منها”.
وشدد، على أن “مفتشين من البلدية يتحققون بشكل دوري من تقارير ترد إليهم عن اعمال إتلاف غير قانونية لأشجار النخيل، وغالبا ما يكون ذلك عن طريق سكب مادة النفط على جذور الأشجار تؤدي الى موتها ليتسنى لأصحابها تنفيذ اعمال بناء على الأرض”.
واستدرك التقرير، أن “دورية البلدية المعنية بالأشجار والتي حتى حين تكون مدعومة بقوة من وزارة الداخلية لا تتمكن من مجاراة موجة الحركة العمرانية الجنونية التي جرفت حدائق وبساتين”.
ويعود مدير تخطيط بلدية بغداد، ليقول “في منطقة الدورة على سبيل المثال نذهب في الصباح ونرى أشجارا قد تم قطعها في الليل، انه أمر مخالف للقانون ان تقطع أشجارا، وإذا ضبطنا أحدا يقوم بهذه الأعمال فسنلقي القبض عليهم ونضعهم في السجن.”
وتحدث التقرير، عن إمكانية “تجريف قسم من البساتين في منطقة الدورة لغرض بناء ما يعتقد انه سيكون أكبر مجمع أسواق مركزية (مول) في منطقة الشرق الأوسط على مساحة تقارب من 1 مليون و828 ألف متر مربع، يضم ماركات عالمية وصالات سينما ونافورات راقصة”.
ويؤكد أحد المساهمين في المشروع وهو غيث قاسم الحصول على إجازة من هيئة استثمار بغداد للبناء على أرض كانت ملكا للدولة”.
وتابع قاسم، أن “الأراضي الزراعية ميتة الان، الكثافة السكانية الان في بغداد عالية جداً”.
وأشار قاسم، إلى أن “بغداد في حالة توسع مع تحول كثير من الأراضي الزراعية الى سكنية أو ارض تجارية.”
ومضى التقرير، إلى أن “مسؤولين في الحكومة العراقية وفي الحكومات المحلية أكدوا أن الاستثمار بمجال العقار في بغداد قد أصبح أداة رائجة لعمليات غسيل الأموال في العراق”.
عن: صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية