“تظاهرة الدولار”

1

.. كيف أصبح العراق ضحية العقوبات الاقتصادية على إيران؟يشهد العراق أزمةً اقتصادية خانقة بسبب الانخفاض المستمر في سعر الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، وسط مطالباتٍ شعبية بإيجاد الحلول وإنقاذ الفقراء من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع المختلفة.محمود النجارالبنك المركزي العراقي (Others)تابعنا

يشهد العراق أزمةً اقتصادية خانقة بسبب الانخفاض المستمر في سعر الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، وسط مطالباتٍ شعبية بإيجاد الحلول وإنقاذ الفقراء من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع المختلفة. ويأتي ذلك مع إعلان برنامج الحكومة العراقية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي وعد بإجراء تغييرات إدارية من شأنها تخفيف مشاكل الشعب المعيشية، في ظل فرض عقوبات أمريكية صارمة على البنوك العراقية.

من أين بدأت قصة هبوط قيمة الدينار العراقي؟

من يتابع الشأن العراقي يدرك مراحل انهيار الدينار التي بدأت منذ عام 2018 مع تصاعد عمليات تهريب الدولار الأمريكي إلى سوريا وإيران، ثم تفاقم هذه المعضلة تزامناً مع تطبيق البنك الفيدرالي الأمريكي لعملية ربط البنك المركزي العراقي بالمنصة الإلكترونية من خلال “نظام سويفت Swift” لتتبع الحوالات النقدية، فقد هدفت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تطبيق هذا النظام المصرفي لمراقبة حركة الدولار والتأكد من عدم تهريبه إلى الدول الإقليمية الخاضعة للعقوبات الأمريكية.

وفي هذا السياق يقول الخبير المالي صباح العبيدي لـTRT عربي: “فرَض البنك الفيدرالي الأمريكي تعليماتٍ معقدة أبرزها: التزام البنك المركزي العراقي قواعد الامتثال الجديدة التي جرى ربطها بسلسلة من القيود والضوابط التجارية التي تتطلب معلومات تفصيلية عن الجهة المستفيدة ونوع البضائع المستوردة وكمياتها، بجانب كشف حساب إبراء الذمة من الدوائر الجمركية والضريبية، وهي إجراءات لم يعتد عليها المستورد العراقي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض ملحوظ في مبيعات البنك المركزي من العملة”.

وأضاف العبيدي “حقّق العراق خلال عام 2022 إيرادات مالية هي الأعلى مقارنةً بالسنوات السابقة، إذ زادت على 115 مليار دولار، كما وصل البنك المركزي إلى احتياطات نقدية بأكثر من 100 مليار دولار. ولكن بالرغم من هذا التصاعد النقدي في الخزينة المالية، فإن عمليات تهريب الدولار من المنافذ الحدودية والتحويلات المصرفية المشبوهة في حسابات البنوك الإيرانية، كانت سبباً مباشراً في تفاقم أزمة هبوط قيمة الدينار العراقي”.

السوق السوداء تُهيمن على المشهد الاقتصادي

تراجعت قيمة الدينار العراقي منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي 2022، من 1480 ديناراً للدولار الواحد إلى مستويات قياسية مضطربة وصلت قبل أيام إلى 1660 ديناراً، ولم تنفع العمليات الأمنية التي جرى خلالها اعتقال عشرات المضاربين وتجار العملة في العاصمة بغداد، ولم تستطع الحكومة العراقية ضبط الأسعار أو على الأقل كبح تراجع العملة المحلية المتواصل.

وبهذا الصدد تحدث عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي جمال كوجر لموقع TRT عربي مصرحاً بالقول: “عمليات غسيل الأموال وبيع الدولار في السوق السوداء، تُعتبر أحد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة العراقية في طريق مكافحة انهيار الدينار. وسبّبت بدورها ارتفاعاً في سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية، إذ تلجأ مكاتب الصيرفة إلى تحويل الأموال إلى خارج العراق بطرق غير قانونية، ودون إرسال الايصالات والوثائق إلى البنك المركزي العراقي”.

كما أشار كوجر إلى “خطورة إستمرار تحويل الأموال بفواتير وهمية لا تعكس الطلبات الحقيقية للاستيراد، إذ تشوب هذه العملية أرقام غير دقيقة ومرتبطة بصفقات فاسدة تتمثل بغسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة إلى خارج البلاد، وهذه المؤشرات تتطلب قرارات حاسمة من قبل الحكومة العراقية لملاحقة التجار المحليين ومراقبة شركات الصيرفة، وفرض عقوبات صارمة ضد المخالفين”.

إقالات وتغييرات إدارية قلقة

نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية قراراتٍ حكومية أجراها رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، والذي تضمنت إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه، وتكليف علي محسن العلاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة، بالإضافة إلى إقالة مدير المصرف العراقي للتجارة TBI سالم الجلبي على خلفية التراجع الكبير في أسعار صرف الدينار مقابل الدولار الأمريكي، والمتواصل منذ أسابيع والذي تسبَّب في اضطرابات شديدة بالأسواق المحلية وأدى إلى ارتفاع كبير لأسعار السلع ومعظم المواد الغذائية.

التعليقات معطلة.