“ضرورة أم إرباك”.. دعوة رئاسية لتغيير المناهج الدراسية في العراق تثير جدلاً
شفق نيوز/ أثارت دعوة رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، إلى تغيير المناهج الدراسية في العراق، جدلاً بين الأوساط الاكاديمية، حيث عدّها بعضهم خطوة ضرورية لمواكبة التطورات الحاصلة بالعالم، بينما أكدوا آخرين أن التغيير المستمر للمناهج يُربك العملية التربوية، خاصة عندما لا تُجهز الكتب بالوقت المناسب للطلبة، كما أنها تُضعف طرائق التدريس لدى المعلمين والمدرسين.
ودعا رشيد، إلى تغيير المناهج الدراسية في المراحل كافة، ابتداء من التعليم الإبتدائي لغاية الجامعي، بما يتماشى مع متغيرات العصر، وذلك خلال لقائه، أول أمس الثلاثاء، وفداً من العلماء والمبدعين والمخترعين في مختلف الاختصاصات في قصر بغداد، بحسب بيان صادر عن الرئاسة العراقية.
ونقل البيان عن الرئيس العراقي قوله خلال اللقاء، إن “الحكومات الشمولية كانت سبباً في تراجع مستوى التعليم في البلد، ويجب بذل الجهود الحثيثة من أجل الارتقاء به ووضع خطط مدروسة لتغيير المناهج الدراسية لكل المراحل وبما يتماشى مع متغيرات العصر”، مؤكدا ضرورة تبني برامج وخطط عصرية تساعد في إعداد جيل واع متعلم يستطيع خدمة بلده في العديد من المجالات.
مراجعة مستمرة
وتعليقا على هذه الدعوة، يقول المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، إن “المناهج تخضع دائماً للمراجعة للتماشي مع كل المتغيرات الضرورية، وأن لدى الوزارة إجراءات وتفاصيل تتعلق بتحديثات ومواكبة المناهج، خصوصا وأن بعض المناهج أصبحت بإطار عالمي مشترك، أي تأليفه مشترك مع جهات معنية ومتخصصة، كذلك بعض المناهج خاضعة لمراجعة دولية، مثل مناهج العلوم والرياضيات وغيرها”.
ويضيف السيد لوكالة شفق نيوز، “كما أن للوزارة تعاون مع الجهات والمؤسسات المعنية في هذا الجانب، وهي (الوزارة) تتماشى مع أي تغيرات وتحديثات في المناهج بمرونة وسهولة، وتثمن كل الدعوات سواء كانت من رئيس الجمهورية أو أي جهة أخرى في هذا الأمر، وترى بأن من واجبها أن تُغير متى ما كانت هناك ضرورة”.
توصيات للتغيير
يؤكد عضو لجنة التربية النيابية، صباح حبيب، أن “اللجنة عقدت اجتماعا قبل شهر لمناقشة المناهج الدراسية بصورة عامة، وتم تقديم توصيات إلى هيئة الرأي في وزارة التربية لتغيير بعض المواد الدراسية للمراحل كافة، من الأول الابتدائي إلى السادس الاعدادي”، مشيرا خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أنه “من المحتمل أيضا إضافة بعض المناهج الأخرى لمختلف الصفوف الدراسية”.
أمر واقع
بدوره يقول مستشار محافظ بابل لشؤون التربية، والمشرف التربوي، عبدالأمير رباط، إن “دعوة رئيس الجمهورية لتغيير المناهج الدراسية أمر واقع، إذ أن كل المواد الدراسية تحتاج إما إلى تغيير أو تحديث، لأننا نعيش في عالم متطور ومتسارع، لذلك نحتاج إلى مواكبة هذه الأحداث المتغيرة بسرعة”.
ويضيف رباط لوكالة شفق نيوز، أن “معظم المناهج الدراسية من الابتدائية إلى الجامعية تحتاج إلى أن تُحدّث وأن يُغيّر قسم منها، وأن وزارة التربية قررت في وقت سابق استحداث منهج جديد وهو الأخلاقية وإدخالها إلى الأول الابتدائي من العام المقبل، لذلك كل المناهج تحتاج إلى التحديث والتغيير، حتى نستطيع مواكبة التطورات الحاصلة في العالم”.
وكانت وزارة التربية، أكدت عزمها على استحداث مادة التربية الاخلاقية لجميع المراحل الدراسية، وأشار وزير التربية السابق علي الدليمي في بيان للوزارة، (23 شباط 2022)، إلى أن “الوزارة عازمة على الشروع بتأليف كتاب التربية الأخلاقية ويُدرس ابتداءً من الصف الأول الابتدائي وصولاً إلى مرحلة السادس الإعدادي الذي ستتركز فصوله على الاهتمام بالقيم والمُثل الأخلاقية العليا في المجتمع وغرسها”.
إرباك للتعليم
من جهة ثانية، ترى الباحثة الاجتماعية، وردة الخطيب، أن “تغيير المناهج المستمر يؤدي إلى إرباك العملية التربوية، وذلك يعود إلى عدة أسباب، أولها أن المنهاج يكون ضعيفا لكونه يأتي عند بداية العام الدراسي ولم يتم الاطلاع عليه بالشكل المناسب، خاصة من ناحية القدرة الاستيعابية للأطفال والمعلمين أنفسهم، فلا يكونوا مهيئين له، وبالتالي لا يتم استيعابه بالطريقة الصحيحة”.
وتضيف الخطيب لوكالة شفق نيوز، أن “الكثير من أولياء أمور الطلبة يعانون من عدم قدرة أطفالهم على استيعاب المناهج الدراسية بسبب التغيير المستمر لها، خاصة في المراحل الابتدائية، لذلك وللحصول على أفضل النتائج التعليمية يجب عرض هذه المواد على باحثين مختصين، وأن تكون خلال العطلة ليتسنى للمعلمين والمدرسين التدرّب عليها وإيصالها إلى الطالب بصورة صحيحة”.
جيد ولكن..
بدورها تقول التربوية، إسراء النصراوي، إن “تغيير المناهج الدراسية أو الإضافة عليها يؤثر بشكل عام على المستوى التعليمي حيث – وكما أشارت وردة الخطيب – يكون في وقت متأخر، فبدلا من تغييرها خلال العطلة الصيفية، ليتسنى توزيع الكتب على الطلاب في بداية السنة دون أي معوّقات، نرى أنها تأتي مع بداية العام الدراسي، وعندها يحدث نقصا في توفيرها لجميع الطلبة، ما يضطر بعضهم إلى شرائها من المكتبات”.
وتتابع النصراوي خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، “لكن من ناحية أخرى، أن تغيير المناهج ومواكبة العالم والتكنولوجيا أمر جيد، وحبذا لو القائمين على تبديل المناهج أن يكونوا من ذوي الاختصاص، إذ نرى أحيانا أن المناهج بعد تغييرها تفتقد إلى الكثير من الأمور، وفي بعض الأحيان يأتي تصحيح او إضافة لبعض المواضيع، لذلك نأمل أن يكون هناك انتباه لهذا الأمر”.
وتشير التربوية إلى ضرورة “إضافة مناهج جديدة مثل كتاب التربية الوطنية، فهو كتاب مهم يُعلّم الطالب معنى الوطنية والوطن، وكذلك منهج التربية الأسرية الذي كان لمدارس البنات خاصة، لتعليمهن الطبخ وبعض الحرف اليدوية وشرح بعض الأمور عن الأسرة، لذلك نأمل أن يُعاد النظر في هذا الكتاب”.