روسيا تصف تصريحات ماكرون بـ”العبثية” وتحذر إسرائيل… وبوتين يطالب بوقف القصف الأوكراني
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الأربعاء، في تقييم عسكري قاتم آخر من كييف، إن الوضع على الخطوط الأمامية في شرق البلاد يزداد صعوبة مع تكثيف القوات الروسية هجومها.
واكتسبت روسيا زخماً في ساحة المعركة، إذ أعلنت إحراز تقدم في شمال وجنوب مدينة باخموت، هدفها الرئيس منذ شهور. وتشير مواقع القتال المعلنة بوضوح إلى تقدم روسي متزايد.
وقال زيلينسكي في خطابه المسائي المصور “لوحظت زيادة مؤكدة في العمليات الهجومية للمحتلين على الجبهة في شرق بلادنا. أصبح الوضع أصعب”. وأضاف أن الروس يحاولون تحقيق مكاسب يمكنهم التباهي بها في الذكرى الأولى للحرب في 24 فبراير (شباط) الحالي.
وقالت نائبة وزير الدفاع آنا ماليار في وقت سابق، إن القتال العنيف مستمر في شرق أوكرانيا، حيث تحاول القوات الروسية السيطرة على أراض بالقرب من مدينة ليمان، وهي مركز لوجيستي استراتيجي.
وطُردت القوات الروسية من ليمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكتبت ماليار على تطبيق المراسلة “تيليغرام”، إن “القتال العنيف يحتدم في الشرق. العدو يحاول توسيع نطاق هجومه في قطاع ليمان. يقوم بمحاولات قوية لاختراق دفاعاتنا”، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية تتصدى لخصم أكثر قوات وتسليحاً.
وأضافت “رغم تكبدهم خسائر فادحة، يواصل الغزاة الروس هجومهم في قطاعات باخموت وأفدييفكا ونوفوبافليفكا”.
مقتل مدنيين
وأعلنت السلطات الأوكرانية الأربعاء مقتل 3 أشخاص جراء سقوط صاروخ روسي على مبنى سكني في مدينة كراماتورسك بشرق البلاد.
وقال حاكم المنطقة بافلو كيريلينكو “قبل ساعتين قصف المحتلون الروس بناية سكنية في وسط المدينة بصاروخ”. وأضاف “3 قتلى على الأقل و20 جريحاً… هذه حصيلة قصف كراماتورسك”، مشيراً إلى احتمال العثور على مزيد من القتلى تحت الأنقاض.
وزاد المسؤول الإقليمي أن “عناصر الإنقاذ وإنفاذ القانون والخدمات البلدية يعملون في الموقع”.
وأشار الموقع الالكتروني الرسمي لشرطة المنطقة في معلومات أولية إلى “سقوط ثلاثة قتلى مدنيين إضافة الى إصابة 20 شخصاً”.
وتقع كراماتورسك في المنطقة الشرقية من دونيتسك التي يسيطر الانفصاليون المدعومون من الكرملين على أجزاء منها، بما في ذلك أكبر مدنها، منذ عام 2014.
وتسعى موسكو إلى السيطرة على المنطقة بأكملها بعد إعلانها جزءاً من الأراضي الروسية العام الماضي.
من جهة أخرى، قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر الأربعاء إن أعضاء المجلس قد ينظرون في إضافة إيران وروسيا إلى مشروع قانون أقره مجلس النواب يمنع بيع النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي إلى الصين.
وقال شومر رداً على سؤال من أحد الصحافيين عن عرض مشروع القانون أمام المجلس “لقد رأيت اقتراح مجلس النواب”. وأضاف عقب اجتماع أسبوعي للديمقراطيين في مجلس الشيوخ “ماذا عن إيران؟ وماذا عن روسيا؟ قد نفكر في إضافة بعض الدول الجديدة (إلى مشروع القانون)”.
دفعة أميركية
ومنحت الأنباء عن احتمال إرسال الولايات المتحدة صواريخ بمدى يقترب من مثلي مدى صواريخ القوات الأوكرانية، دفعة كبيرة لكييف، الأربعاء، حتى مع تراجع جنودها أمام هجوم شتوي روسي لا هوادة فيه شرق البلاد.
وقال مسؤولان أميركيان إن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية بقيمة ملياري دولار سيعلن عنها هذا الأسبوع في أقرب تقدير وستشمل للمرة الأولى القنابل الأرضية صغيرة القطر وهي سلاح جديد صممته شركة “بوينغ” وبإمكانها أن تضرب أهدافاً على بعد أكثر من 150 كيلومتراً ما يزيد كثيراً على مدى يصل إلى 80 كيلومتراً لصواريخ منظومة “هيمارس” التي غيرت دفة الحرب عندما أرسلتها واشنطن الصيف الماضي.
وربما يعني ذلك أن كل شبر من الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا، باستثناء معظم مناطق شبه جزيرة القرم، يمكن أن يكون في مرمى نيران القوات الأوكرانية قريباً، مما يجبر موسكو على نقل بعض الذخيرة ومواقع تخزين الوقود إلى روسيا نفسها.
وقال مساعد الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك إن المحادثات جارية في شأن إرسال الصواريخ ذات المدى الأبعد إلى جانب محادثات متعلقة بطائرات هجومية.
يأتي الإعلان الأميركي المتوقع بعد أسبوع من تعهد دول غربية تقديم عشرات الدبابات القتالية المتطورة لأوكرانيا للمرة الأولى في انفراجة تهدف إلى منح كييف القدرة على استعادة الأراضي المحتلة هذا العام.
لكن وصول الأسلحة الجديدة لن يكون قبل أشهر وفي غضون ذلك اكتسبت روسيا زخماً في ساحة القتال للمرة الأولى منذ منتصف عام 2022 في معارك شتوية عنيفة وصفها الجانبان بأنها مفرمة لحم.
في المقابل قال الكرملين، اليوم الأربعاء، إن الصواريخ الأطول مدى التي قيل إنها ضمن حزمة مقبلة من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا “ستفاقم” الصراع لكنها لن تغير مجراه وأوضح المتحدث باسمه دميتري بيسكوف للصحافيين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليست لديه أية خطط لعقد محادثات مع نظيره الأميركي جو بايدن.
ومن المتوقع أن تشمل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية التي تبلغ قيمتها 2.2 مليار دولار صواريخ أطول مدى للمرة الأولى وفقاً لما ذكره مسؤولان أميركيان مطلعان لـ”رويترز”، أمس الثلاثاء.
وستسمح هذه الصواريخ لأوكرانيا بتنفيذ ضربات في عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا وأعلنت كييف أنها تعتزم استعادة جميع أراضيها بالقوة بما يشمل شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو من قبل.
وقال بيكسوف عند سؤاله عن حزمة المساعدات الجديدة، “أجل، هذه طريقة مباشرة لتصعيد التوتر، يمكننا أن نرى ذلك. يتطلب منا ذلك بذل جهود إضافية، لكن مجدداً لن يغير هذا الأمر مسار الأحداث. ستستمر العملية العسكرية الخاصة”.
عقوبات أميركية
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء فرض عقوبات على الشبكة الدولية لتاجر الأسلحة الروسي إيغور زيمنكوف الذي تتهمه بتوريد معدات عالية التقنية لحساب قطاع الدفاع الروسي وتصدير أسلحة روسية إلى دول ثالثة.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن إيغور زيمنكوف وابنه جوناتان يمثلاان في الخارج، من مقرهما في قبرص وروسيا، مصالح مجموعتي الدفاع الروسيتين “روستيك” و”روس أوبورون إكسبورت” الخاضعتين لعقوبات دولية منذ يدء حرب أوكرانيا قبل عام.
وأضافت الوزارة أن الرجلين يعتمدان على شبكة من الشركات في قبرص وسنغافورة وبيلاروس وبلغاريا ولاتفيا وأوزبكستان وإسرائيل.
وأوضح البيان أنهما متهمان خصوصاً ببيع أسلحة لحكومة أفريقية (لم يسمها) ومروحيات لدولة في أميركا اللاتينية (لم يسمها أيضاً) وبشراء معدات بصرية وأخرى تعمل بالاشعة تحت الحمراء لحساب شركة دفاع روسية خاضعة لعقوبات دولية.
وفرضت العقوبات على 22 فرداً وشركة في شبكة زيمنكوف.
واتخذت هذا الإجراء مجموعة عمل تابعة لوزارة الخزانة تم تشكيلها بعد انداع حرب أوكرانيا لاستهداف النخب الروسية ووكلائها.
وقال الرجل الثاني في وزارة الخزانة والي أدييمو إن “محاولات روسيا اليائسة لاستخدام وسطاء للالتفاف على العقوبات تظهر أن العقوبات تعقد فعلاً مهمة المجمع الصناعي العسكري الروسي لتجديد آلة الحرب الروسية”.
وتشمل العقوبات الأميركية خصوصاً تجميد الأصول المحتملة لهؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة ومنع كافة المعاملات بينهم وبين المصارف الأميركية أو غيرها.
تصريحات عبثية
ونددت وزارة الخارجية الروسية اليوم الأربعاء بما وصفته بـ “التصريحات العبثية” التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الأسبوع، واعتبر فيها أن تزويد أوكرانيا أسلحة نوعية لا يشكل تصعيداً للنزاع.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي “هذا عبثي. هل يصدق الرئيس الفرنسي فعلاً أن إرسال أسلحة ثقيلة وطائرات إلى نظام كييف لن يؤدي إلى تصعيد للوضع؟”.
وأضافت “ليس بإمكاني أن أصدق أن هذا منطق شخص بالغ”.
ويأتي تصريح المسؤولة الروسية رداً على سؤال حول التصريحات التي أدلى بها ماكرون أول من أمس، وقال فيها عن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة “لا شيء مستبعداً من حيث المبدأ”.
لكن الرئيس الفرنسي شدد على أن هناك معايير لاتخاذ أي قرار بهذا الشأن، وهي أن يكون هناك طلب بهذا المعنى قد صاغته أوكرانيا، وألا يكون هذا الأمر تصعيدياً وأن “لا يطال الأراضي الروسية بل يساعد جهود المقاومة”، وأن “لا يضعف قدرة الجيش الفرنسي”.
وأوضح ماكرون أنه “في ضوء هذه المعايير الثلاثة سنواصل على أساس كل حال على حدة، النظر في شحنات العتاد العسكري إلى كييف”، مشيراً إلى أن هذه المعايير تنطبق أيضاً على مسألة تزويد أوكرانيا دبابات لوكليرك الفرنسية.
وأعلن وزير الجيوش الفرنسي سيبستيان لوكورنو أمس الثلاثاء أن فرنسا ستزود أوكرانيا 12 مدفعاً إضافياً من نوع سيزار تضاف إلى 18 مدفعاً مماثلاً سبق لها أن سلمتها إلى كييف.
وحذرت روسيا إسرائيل اليوم الأربعاء من تسليم أسلحة إلى أوكرانيا بعد أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه “يدرس الأمر”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “في ما يتعلق بتسليم أسلحة إلى أوكرانيا فنحن لا نصنف الدول بحسب الجغرافيا، نحن نقول إن كل الدول التي تسلم أسلحة يجب أن تفهم أننا سنعتبر هذه الأسلحة أهدافاً مشروعة للقوات الروسية”.
ومنذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط (فبراير) الماضي تبنت إسرائيل موقفاً حذراً تجاه موسكو سعياً إلى المحافظة على الحياد.
وشددت إسرائيل على العلاقات الخاصة التي تجمع البلدين، فيما يعيش في إسرائيل أكثر من مليون مواطن من الاتحاد السوفياتي السابق.
وحذر الكرملين من تصعيد الحرب في حين تعهد حلفاء أوكرانيا الغربيون بإرسال مزيد من الأسلحة إلى كييف.
بوتين والقصف الأوكراني لجنوب روسيا
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء إن الجيش الروسي لا بد أن يوقف قصف المناطق الروسية من الأراضي الأوكرانية، وهو ما يقول عنه إنه ترك كثيرين مشردين أو بلا كهرباء.
وكان بوتين يتحدث في اجتماع حكومي عن ترميم المنازل المتهدمة وإصلاح البنية التحتية في مناطق جنوب غربي روسيا المتاخمة لأوكرانيا.
وقال بوتين في تعليقات منشورة على الموقع الإلكتروني للكرملين “بالطبع، المهمة ذات الأولوية هي استبعاد إمكانية القصف، لكن هذا عمل الإدارة العسكرية”.
ولا تقول أوكرانيا إنها المسؤولة عن الهجمات داخل الأراضي الروسية لكنها تصفها بأنها “تمثل العدالة في مواجهة غزو موسكو الذي دمر كلياً مدناً أوكرانية واستهدف بشكل ممنهج البنية التحتية للطاقة في البلاد، ما ترك الأشخاص بلا كهرباء ومياه في خضم الشتاء”.
وذكر بوتين مناطق بيلجورود وبريانسك وكورسك وشبه جزيرة القرم، التي استولت عليها روسيا من أوكرانيا وضمتها في 2014، بوصفها مناطق تضررت فيها المنازل أو تهدمت.
وقال إن الأشخاص يواجهون مشكلات “عصيبة للغاية” وإن ثمة حاجة إلى الإصلاحات والتعويضات.
وأضاف “وجد كثيرون أنفسهم في موقف صعب وخسروا منازلهم وأجبروا على الانتقال إلى أقاربهم أو إلى أماكن سكن مؤقتة، وواجهوا انقطاع المياه والتدفئة والكهرباء”.
وأشارت تعليقاته إلى حنق موسكو بسبب تكرر الهجمات في جنوب روسيا، وشملت هجمات على مواقع مثل المحطات الفرعية للكهرباء ومخازن الأسلحة والوقود.
وأعلنت موسكو خلال الأيام الأخيرة عن تقدم إلى الشمال والجنوب من مدينة باخموت التي تمثل هدفها الرئيس منذ أشهر، بينما تنفي كييف عدداً من هذه المزاعم، ولم تتمكن “رويترز” من التحقق بشكل مستقل من الوضع، لكن مواقع القتال المذكورة تشير إلى تقدم روسي متزايد.
وقال جندي في وحدة أوكرانية مؤلفة من متطوعين من بيلاروس لـ”رويترز” من داخل المدينة إن القوات تقاتل من مبنى إلى آخر في باخموت لتحقيق مكاسب لا تتجاوز مئة متر في الليلة، مضيفاً أن المدينة تتعرض لقصف روسي متواصل، في حين تجري القوات الروسية مناورات في محاولة لتطويقها.
وذكرت هيئة الأركان العامة الأوكرانية في وقت متقدم من أمس الثلاثاء أن قواتها تعرضت لإطلاق نار في باخموت وقريتين عند مداخلها الجنوبية.
وشنت روسيا أيضاً هجوماً كبيراً جديداً هذا الأسبوع على فوليدار التي تقع جنوب باخموت، وهي منطقة تسيطر عليها أوكرانيا عند تقاطع خطوط المواجهة الجنوبية والشرقية وتؤكد كييف أن قواتها ما زالت صامدة هناك.
طائرات
وبعدما أقنعت حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دولاً في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أخيراً بإمدادها بدبابات قتالية حديثة، فإنها تضغط بقوة للحصول على طائرات مقاتلة، في وقت استبعدت الولايات المتحدة وبريطانيا إرسال مقاتلاتهما المتطورة، لكن دولاً أخرى تركت الباب مفتوحاً.
وصرح وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو في باريس بعد لقائه نظيره الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، أمس الثلاثاء، بأن “ليست هناك محظورات” في ما يتعلق بإمداد كييف بالطائرات المقاتلة.
ويرفض الغرب حتى الآن إرسال أسلحة يمكن استخدامها لهجوم في عمق روسيا خشية اندلاع صراع أوسع نطاقاً، لكن موسكو تقول إن التعهدات الغربية بالأسلحة تعني أنها تخوض فعلياً حرباً مع حلف شمال الأطلسي.
امرأة تمر أمام مبنى سكني مدمر في بلدة سيفيرودونتسك الخاضعة للسيطرة الروسية في منطقة لوغانسك الشرقية (أ ف ب)
وصدت أوكرانيا هجوماً روسياً على العاصمة كييف العام الماضي وأمسكت بزمام المبادرة منفذة هجوماً في النصف الثاني من عام 2022 واستعادت السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي المحتلة.
لكن تقدمها توقف إلى حد كبير منذ نوفمبر (تشرين الثاني) بينما أعادت روسيا تشكيل قواتها بمئات آلاف جنود الاحتياط في تعبئة هي الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن شأن استيلاء روسيا على باخموت أن يكون خطوة نحو تحقيق هدف السيطرة الكاملة على منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، لكن كييف تقول إن المكاسب الروسية خلال الأسابيع الأخيرة كانت انتصارات باهظة الثمن تكبدت في مقابلها كثيراً من أرواح الجنود والمرتزقة المجندين من السجون الروسية.
على صعيد الفساد
في سياق آخر نفذت السلطات الأوكرانية، اليوم الأربعاء، سلسلة مداهمات وعمليات أمنية استهدفت شخصية نافذة وإدارات ومسؤولين في إطار مكافحة الفساد المستشري في البلد، خصوصاً في مجال إمدادات الجيش، بالتزامن مع حربها مع روسيا.
وأعلن زعيم حزب زيلينسكي، ديفيد أراخاميا، عبر “تيليغرام” أن العمليات التي نفذتها الشرطة استهدفت، خصوصاً الملياردير إيغور كولومويسكي ووزير الداخلية السابق أرسين أفاكوف ومكتب الضرائب الأوكراني، فيما علقت مهمات إدارة الجمارك، وشملت زيارات المحققين أيضاً منازل ومكاتب مسؤولين كبار في وزارة الدفاع.
وأضاف أراخاميا، “البلاد تتغير خلال الحرب. إذا لم يكن شخص ما مستعداً للتغيير، فإن الدولة نفسها ستأتي وتساعده على التغيير”.
وتعاني أوكرانيا الفساد المستشري منذ أعوام، لكن الجهود المبذولة لمحاربته طغت عليها حرب موسكو الشاملة المستمرة منذ قرابة عام.
والأسبوع الماضي أقالت السلطات عشرات المسؤولين، وتأتي هذه التحركات، اليوم الأربعاء، فيما سيستضيف زيلينسكي قمة مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي الذي قال إن الإصلاحات للقضاء على الفساد شرط أساسي لتعميق التكامل.
وتتعرض أوكرانيا لضغوط أيضاً من الداعمين العسكريين والماليين الرئيسين في العواصم الأوروبية وواشنطن لإحراز تقدم في شأن الكسب غير المشروع لمواصلة تلقي شحنات الأسلحة.
ونشر محققون من أجهزة الأمن الأوكرانية صوراً لعملية تفتيش منزل كولومويسكي، أحد أغنى الرجال في البلاد الذي منع من دخول الولايات المتحدة التي تتهمه بالفساد وتقويض الديمقراطية.
معارك فوليدار
وتدوي الانفجارات بشكل متواصل وتكاد أصوات المدافع لا تنقطع قرب فوليدار، إذ يبدو الوضع هناك متوتراً جداً بالنسبة إلى الجيش الأوكراني في وقت تخوض القوات الروسية معارك للسيطرة على هذه المدينة الصغرى في الشرق الأوكراني.
ومنذ أيام عدة أشعل الروس بؤرة ثانية للمعارك على بعد 130 كيلومتراً جنوب غربي باخموت، إذ تدور معارك دامية منذ الصيف الماضي.
ويقول جندي أوكراني يدعى أولكسندر (45 سنة) أثناء إطلاقه قذائف هاون من موقعه على بعد خمسة كيلو مترات من فوليدار لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه “كلما مر الوقت تفاقم الوضع”.
ويرى أن الروس “يأتون ويعودون ويعودون مرة أخرى”، مؤكداً وإلى جانبه زملاؤه في القتال، “كل يوم لدينا مزيد من العمل”.
وتعد مدينة فوليدار الصغرى التي كان يقطنها 15 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب، هدف الروس الجديد في هذه المنطقة الواقعة في الشرق الأوكراني، ونادراً ما شهدت معارك خلال الأشهر الأخيرة.
وتوفر المدينة الواقعة على تلة للقوات التي تسيطر عليها رؤية شاملة على المنطقة الريفية المحيطة.
ومنذ أيام عدة تدوي انفجارات في كل مكان، وعلى رغم أن الثلوج لا تتساقط في الوقت الحالي إلا أن البرد قارس والأمطار تهطل بشكل متقطع.
ويشرح أولكسندر أنه “إذا استطعنا فسننام وإلا فلا، وهذا عملنا”، متعهداً بفعل كل ما في وسعه “حتى لا نخسر المدينة”.
ويجلس الجندي في خندقه وقد بدا التعب واضحاً على وجهه، ويرى أن “هذا الموقع مهم استراتيجياً بالنسبة إليهم”، إذ إن خطوط الإمدادات الأوكرانية ليست بعيدة.
وإلى جانبه يصف رومان (35 سنة) وهو قائد الوحدة، التكتيك الروسي بالقول “يحاولون اختراق دفاعاتنا في كل الاتجاهات، لكن على حد علمي لم ينجحوا” حتى الآن.
ويتمركز عناصر وحدته على تخوم حرج صغير محاولين الاختباء من مسيرات الاستطلاع التابعة للجيش الروسي الذي يتمركز على بعد خمسة كيلومترات تقريباً.
ويقول رومان واضعاً خوذة على رأسه لوكالة لصحافة الفرنسية، “منذ بضعة أيام أصبح الوضع متوتراً جداً أكثر من قبل”.
ويخشى من أن يتمكن الروس في حال سقوط فوغليدار في أيديهم “من ضرب مواقعنا الأقرب”.
ويندد القائد خصوصاً بتفوق الروس عددياً، إذ تلقى الجيش الروسي تعزيزات خلال الأشهر الأخيرة من عناصر الاحتياط المدنيين إضافة إلى مدانين لمحاولة السيطرة على سائر أراضي منطقة دونباس الأوكرانية، ويقول “لديهم المعدات والأسلحة وعدد أكبر من العناصر”.
ويصعب عليه أن يتوقع الطرف الذي سيخرج منتصراً من هذه المعركة في وقت سيتسلم الجيش الأوكراني دبابات ثقيلة من دول غربية، إضافة إلى مدرعات خفيفة وأسلحة حديثة أخرى.
ويؤكد أن “أحداً لا يعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك، لكن في الوقت الحالي لدينا كل شيء ونتمسك بموقعنا”.
وعلى مسافة قريبة من خط الجبهة ينهمك جنود أوكرانيون آخرون في تقطيع الحطب لتعزيز الخنادق المحفورة في الأرض وتدفئة الجنود، ويقول فولوديمير (43 سنة) وهو يحمل فأساً بيده، “نقطع الحطب هنا والشباب يأتون ليأخذوه”.
وفي قرية بوغويافلينكا القريبة يوضح أندري ساجنيف (43 سنة) وهو أحد المدنيين القلائل الذين لا يزالون في المنطقة، أن آخر حصة مساعدات إنسانية تلقاها كانت قبل أسبوعين.
وفي مواجهة تكثف الضربات وانقطاع الكهرباء ومياه الشرب غادر أكثر من نصف السكان الذين كانوا لا يزالون في البلدة.
وعلى رغم هذه الظروف البالغة الصعوبة وتعرض مطبخه إلى القصف، يؤكد أنه يريد البقاء لأنه ليس لديه خيار آخر لمساعدة والده الذي يعاني مشكلات في المشي ووالدته البالغة 74 سنة.