لا خيار أمام لندن سوى السعي أمام روابط وطيدة مع الدول الغربية أكبر شريك تجاري لها
بدلاً من مجرد الاحتجاج على المشكلات علينا أن نجري البحث عن حلول لها (أ ف ب)
لقد مضى نحو ثلاث سنوات على مغادرة بريطانيا #الاتحاد_الأوروبي #”بريكست“، وثلاث سنوات مضت أيضاً على إعادة وضع الحواجز في وجه التعامل التجاري مع أكبر شريك تجاري #للمملكة_المتحدة.
مع “بريكست” دخلت بريطانيا في أول اتفاقية تجارية في تاريخها المعاصر تقوم بزيادة الخلافات بدلاً من خفضها.
لقد أصبحت شركات الأعمال الصغيرة مقيدة بالإجراءات الإدارية، ما زاد من صعوبة حصول قطاع الخدمات الصحية الوطنية “أن أتش أس” NHS، ومراكز الرعاية الصحية على الموظفين الذين تحتاج إليهم، كما أدى الخروج من أوروبا إلى منع العلماء البريطانيين من الوصول إلى التمويل اللازم لمواصلة أبحاثهم. أضف إلى ذلك بقاء مخاطر التهديد البريطاني بانتهاك القانون الدولي فيما يتعلق ببروتوكول إيرلندا الشمالية ــ وهو أمر خطر للغاية إذا ما أخذنا في الاعتبار الحاجة الملحة للعمل عن كثب مع حلفائنا وشركائنا للرد على الاجتياح الروسي لأوكرانيا. إن مشروع قانون إزالة حزم القوانين الأوروبية [المعمول بها في بريطانيا]، Retained EU Law Bill، قد تم الإسراع في تقديمه إلى البرلمان، والذي من شأنه على رغم من اسمه الذي لا يعكس ما يعنيه ــ يهدد بتمزيق لندن لسلة من الإجراءات والقوانين بالغة الأهمية التي تسود في مجالات حيوية ومهمة مثل حماية البيئة والمعايير البيئية وحقوق الموظفين.
وبدلاً من مجرد الاحتجاج على المشكلات، علينا أن نبدأ في التعامل مع الحقائق التي نواجهها على أرض الواقع، وأن نجري البحث عن حلول لتلك المشكلات. لقد مضى تقريباً سبع سنوات [منذ استفتاء بريكست]، شهدت خلالها علاقات بريطانيا مع شركائها الأوروبيين ابتعاداً عن التعاون الحثيث ليحل محله المنازعات وعدم الثقة. إذا ما أردنا تعميق وتقوية علاقاتنا التجارية، فعلينا إذا أن نكون واقعيين بخصوص نقطة الانطلاق، وأن نكون حذرين ممن يدعون إلى تقوية أواصر التعاون (من دون التعامل مع مسألة العمل على إعادة بناء الثقة)، والذي قد ينظر إليه كما لو أننا [من جديد] نحاول الفوز بكل الكعكة ونود أكلها بمفردنا أيضاً.
إن ترقيع أطراف الاتفاقية الناجمة عن “بريكست” هو أمر غير كافٍ. خطاب وزير الخزانة جيريمي هانت حول أوضاع الاقتصاد البريطاني الأسبوع الماضي جاء على ذكر حرف “إي” E، أربع مرات [enterprise، education، employment, everywhere والتي تعني المشاريع، التعليم ، التوظيف ، الشمولية]، ولكنه نسي بشكل فاضح كلمة مهمة للغاية هي “أوروبا” Europe. فعندما تطرح رفع مستوى أداء الاقتصاد البريطاني، فلا يمكننا تحمل عدم لعب أقوى ورقة لدينا على الطاولة، وهي العمل على خفض العدد الكبير من الإجراءات الإدارية التي فرضت ما بعد “بريكست”.
هناك أربع خطوات أساسية يمكننا أن نجربها:
* اتخاذ خطوات سريعة لتحسين العلاقات مع جيراننا الأوروبيين، بما في ذلك بناء علاقات أقرب في مجالات التعليم من خلال العمل على إصلاح برنامج “تورينغ” Turing الحكومي. [برنامج لتبادل الطلاب أنشأته وزارة التعليم البريطانية في عام 2021 كبديل لبرنامج الاتحاد الأوروبي إيراسموس بعد “بريكست”]
*اتخاذ خطوات إضافية لبناء الثقة وتوطيد علاقات قوية مع أوروبا، ومن ضمنها السعي من أجل الدخول في اتفاقية تعاون مع الوكالات الأوروبية، والعودة للانضمام إلى برنامج “إيراسموس بلاس” Erasmus Plus، والسعي من أجل التوصل إلى اتفاقية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بخصوص طالبي اللجوء.
*زيادة حجم التجارة مع أوروبا، ومن ضمنها العمل للتفاوض على اتفاقية تسمح بفتح الأسواق أمام منتجات بريطانيا الغذائية ومنتجاتها الحيوانية الذائعة الصيت عالمياً إلى السوق الموحدة، والعمل أيضاً من أجل تأمين التوصل إلى اتفاقيات لمنح تأشيرات دخول إلى المملكة المتحدة للعاملين في قطاعات محددة، والعمل على وضع أطر لمعادلة الشهادات المهنية من الطرفين.
*متى أمكن التوصل إلى تعميق العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأورووبي، وتم تجديد روابط الثقة والصداقة، على المملكة المتحدة أن تستهدف العمل من أجل ترميم العلاقة بينها وبين الاتحاد الأوروبي لتبلغ مستوى رسمي ومستقر من خلال سعي لندن للانضمام إلى السوق التجارية الموحدة من جديد.
إن الهدف النهائي هنا يجب أن يكون التوصل إلى نقطة حيث تعود فيه العلاقات التجارية إلى عمقها، وأن يتم تجديد روابط الثقة والصداقة. وعندها فقط يمكن أن يعود إلى الواجهة السؤال عن كيفية تأمين الاستقرار على مدى البعيد بين الجانبين ــ وهو أمر لا شك في أنه سيكون جيداً للاقتصاد.
فيما تعاني بريطانيا من أزمة كلفة المعيشة، هذه هي الخطوات التي من شأنها المساعدة على تنمية الاقتصاد، والتخفيف من الأعباء المفروضة على العائلات في طول البلاد وعرضها. علاوة على ذلك، إن من شأن هذه الخطوات أن تحسن أحوال الناس ــ وتحسين الأوضاع الاقتصادية وصورة بريطانيا وصيتها في المحافل العالمية. أوروبا هي أقرب جيران المملكة المتحدة وأكبر شركائها التجاريين، لذلك فإن السعي إلى إقامة علاقات أقرب يبقى إمكانية براغماتية وعملية، وهي خطوة لا بد من اعتمادها.
ليلى موران هي المتحدثة الرسمية للشؤون الخارجية في حزب الديمقراطيين الأحرار
© The Independent