جويس كرم
الفضاء السياسي والإعلامي يكرر كلمة تسوية محتملة على المستويين الإقليمي والدولي تربط ما يحصل في صنعاء مثلاً بما يحصل في جزيرة القرم، ومصير إدلب بمصير بحكومة سعد الحريري ما بعد «تجميد» الاستقالة، ومرفأ الحديدة اليمني بخطة معلقة بالهواء لترامب في عملية السلام.
لا شك في أن الأزمات السياسية مترابطة اليوم بأطرافها ومحركيها وأدواتها، إلا أنها غير ملتصقة بحلولها كما يهيأ للبعض ولكل نزاع خصوصيته ومساره التفاوضي أو التصعيدي المنفصل في شكل يجعل الحديث عن «الصفقة الأكبر» نوعاً من الوهم السياسي نردده اليوم كما رددناه لعقود فائتة.
ففي سورية، عناق الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي لا يعني أن الغارات توقفت على أحياء دمشق أو أن الميليشيات المدعومة من إيران انسحبت من حلب والبوكمال أو أن جبهة النصرة سلمت مفاتيح إدلب، أو أن قوات سورية الديموقراطية ستغادر المناطق المحررة من «داعش». سورية هي إحدى أدوات بوتين الخارجية وربما الأقوى له للتفاوض والمناورة وربط أي محادثات سياسية فيها بالعقوبات المفروضة على موسكو نتيجة الأزمة في أوكرانيا والتصادم مع الأوروبيين.
هذا لا يعني أن جنيف 3 أو4 أو 5 أو 6 ستفضي إلى تسوية، أو أن روسيا تستطيع وقف التشتت الميليشاوي والجغرافي في البلاد أو أن إيران أو غيرها ستنسحب غداً من الحرب. صراع النفوذ مستمر والمصالح الاستراتيجية لكل اللاعبين بينهم تركيا وأميركا وإسرائيل وإيران والدول العربية ما زالت متضاربة حول المعطيات التي يجب أن تسبق أي حل، ما يعني استمرار النزاع.
في اليمن، هناك إدراك دولي وإقليمي أكبر للأزمة الإنسانية، إنما لا ضوء في نهاية النفق هناك أيضاً لإنهاء الحرب. فالتهديد الحوثي لأمن السعودية ما زال قائماً، وبمشاركة من «حزب الله» كما يقول المسؤولون في المملكة. إيران أيضاً غير آبهة بهذا التهديد وليست بصدد تقديم تنازل في نزاع غير مكلف لها لوجيستياً وقد يمنحها نافذة على البحر الأحمر وباب المندب. لذلك، فإن النزاع الاستراتيجي والأمني قد يطول في اليمن، فضلاً عن أن البلاد بتاريخها وانقساماتها باتت تتأقلم اقتصادياً وسياسياً مع حالة الحرب.
في لبنان، الأزمة بعد عودة الحريري وتجميده استقالته تعني انتقالاً لمرحلة الضغط الإقليمي والدولي في ملف «حزب الله» بأوراق اقتصادية وانتخابية وسياسية. أما طاولة الحوار اللبنانية فكما سابقاتها ليست بيدها ومن غير المتوقع أن تفضي إلى حل حول دور «حزب الله» الإقليمي أو مصير سلاحه. فلا الحزب ولا إيران لديهما اليوم شعور بضغوط ملحة تستدعي تنازلات بهذا الحجم .
في الأراضي الفلسطينية، هناك حديث عن خطة لترامب في عملية السلام وضغوط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات. ولنفترض أن مفاوضات كهذه بدأت، لا شيء يوحي بأن إسرائيل مستعدة لتنازلات في قضايا الحل النهائي تعيد عقارب الساعة إلى كامب ديفيد في عام 2000، حيث توقفت آخر محادثات جدية بين الطرفين. وتزيد من عقد المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية المتاعب القانونية الجديدة لصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير في التحقيق حول روسيا وكشف مراسلات له مع ويكيليكس لم يسلمها إلى الكونغرس، إلى جانب احتمال تعاون مايكل فلين مع المحققين ما سيزيد من مشكلات كوشنير الداخلية.
الغيوم السود تحيط بالمنطقة على رغم الاجتماعات السياسية والمؤتمرات والبيانات البراقة حول إيجاد حل لهذه الأزمات، والتي قد تفضي باستمرار الواقع الحالي من دون تغيير دينامية النزاعات على الأرض. وفيما تبدو ليبيا صاحبة المؤشرات الأكثر تفاؤلاً بحل مع تلاقي الخطوط الاستراتيجية إقليمياً وجهود المبعوث الدولي غسان سلامة قبل مؤتمر التلاقي الوطني العام المقبل، لا شيء يوحي بأن ثمة مقايضة أكبر أو تنازلات في النزاعات الأخرى، بل مزيداً من التجاذبات ومعارك الكر والفر بانتظار الاختراقات الميدانية.
الفضاء السياسي والإعلامي يكرر كلمة تسوية محتملة على المستويين الإقليمي والدولي تربط ما يحصل في صنعاء مثلاً بما يحصل في جزيرة القرم، ومصير إدلب بمصير بحكومة سعد الحريري ما بعد «تجميد» الاستقالة، ومرفأ الحديدة اليمني بخطة معلقة بالهواء لترامب في عملية السلام.
لا شك في أن الأزمات السياسية مترابطة اليوم بأطرافها ومحركيها وأدواتها، إلا أنها غير ملتصقة بحلولها كما يهيأ للبعض ولكل نزاع خصوصيته ومساره التفاوضي أو التصعيدي المنفصل في شكل يجعل الحديث عن «الصفقة الأكبر» نوعاً من الوهم السياسي نردده اليوم كما رددناه لعقود فائتة.
ففي سورية، عناق الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي لا يعني أن الغارات توقفت على أحياء دمشق أو أن الميليشيات المدعومة من إيران انسحبت من حلب والبوكمال أو أن جبهة النصرة سلمت مفاتيح إدلب، أو أن قوات سورية الديموقراطية ستغادر المناطق المحررة من «داعش». سورية هي إحدى أدوات بوتين الخارجية وربما الأقوى له للتفاوض والمناورة وربط أي محادثات سياسية فيها بالعقوبات المفروضة على موسكو نتيجة الأزمة في أوكرانيا والتصادم مع الأوروبيين.
هذا لا يعني أن جنيف 3 أو4 أو 5 أو 6 ستفضي إلى تسوية، أو أن روسيا تستطيع وقف التشتت الميليشاوي والجغرافي في البلاد أو أن إيران أو غيرها ستنسحب غداً من الحرب. صراع النفوذ مستمر والمصالح الاستراتيجية لكل اللاعبين بينهم تركيا وأميركا وإسرائيل وإيران والدول العربية ما زالت متضاربة حول المعطيات التي يجب أن تسبق أي حل، ما يعني استمرار النزاع.
في اليمن، هناك إدراك دولي وإقليمي أكبر للأزمة الإنسانية، إنما لا ضوء في نهاية النفق هناك أيضاً لإنهاء الحرب. فالتهديد الحوثي لأمن السعودية ما زال قائماً، وبمشاركة من «حزب الله» كما يقول المسؤولون في المملكة. إيران أيضاً غير آبهة بهذا التهديد وليست بصدد تقديم تنازل في نزاع غير مكلف لها لوجيستياً وقد يمنحها نافذة على البحر الأحمر وباب المندب. لذلك، فإن النزاع الاستراتيجي والأمني قد يطول في اليمن، فضلاً عن أن البلاد بتاريخها وانقساماتها باتت تتأقلم اقتصادياً وسياسياً مع حالة الحرب.
في لبنان، الأزمة بعد عودة الحريري وتجميده استقالته تعني انتقالاً لمرحلة الضغط الإقليمي والدولي في ملف «حزب الله» بأوراق اقتصادية وانتخابية وسياسية. أما طاولة الحوار اللبنانية فكما سابقاتها ليست بيدها ومن غير المتوقع أن تفضي إلى حل حول دور «حزب الله» الإقليمي أو مصير سلاحه. فلا الحزب ولا إيران لديهما اليوم شعور بضغوط ملحة تستدعي تنازلات بهذا الحجم .
في الأراضي الفلسطينية، هناك حديث عن خطة لترامب في عملية السلام وضغوط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات. ولنفترض أن مفاوضات كهذه بدأت، لا شيء يوحي بأن إسرائيل مستعدة لتنازلات في قضايا الحل النهائي تعيد عقارب الساعة إلى كامب ديفيد في عام 2000، حيث توقفت آخر محادثات جدية بين الطرفين. وتزيد من عقد المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية المتاعب القانونية الجديدة لصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير في التحقيق حول روسيا وكشف مراسلات له مع ويكيليكس لم يسلمها إلى الكونغرس، إلى جانب احتمال تعاون مايكل فلين مع المحققين ما سيزيد من مشكلات كوشنير الداخلية.
الغيوم السود تحيط بالمنطقة على رغم الاجتماعات السياسية والمؤتمرات والبيانات البراقة حول إيجاد حل لهذه الأزمات، والتي قد تفضي باستمرار الواقع الحالي من دون تغيير دينامية النزاعات على الأرض. وفيما تبدو ليبيا صاحبة المؤشرات الأكثر تفاؤلاً بحل مع تلاقي الخطوط الاستراتيجية إقليمياً وجهود المبعوث الدولي غسان سلامة قبل مؤتمر التلاقي الوطني العام المقبل، لا شيء يوحي بأن ثمة مقايضة أكبر أو تنازلات في النزاعات الأخرى، بل مزيداً من التجاذبات ومعارك الكر والفر بانتظار الاختراقات الميدانية.