المشروبات الكحولية في العراق.. ما بين حظر الاستيراد ومخالفة الدستور
الحرة / خاص – واشنطن
يثير دخول قانون يحظر استيراد المشروبات الكحولية إلى العراق حالة من الجدل، إذ يرى البعض أنه يخالف الحريات والتنوع الديني التي يتيحها دستور البلاد.
وأعلنت السلطات العراقية بدء سريان منع استيراد الكحول، السبت، تنفيذا لقانون تم التصويت عليه في 2016، ولم ينشر في الجريدة الرسمية إلا في فبراير الماضي.
ويفرض القانون غرامة على المخالفين تتراوح بين 10 ملايين إلى 25 مليون دينار عراقي (أي بين 7 آلاف إلى 19 ألف دولار).
ويحذر محللون أن تبعات هذا القانون قد تكون “كارثية”، إذ أنه قد يدفع البعض للبحث عن المخدرات بدلا من المشروبات الكحولية، رغم أن الإفراط في تناول الأخيرة يفرض مخاطر صحية أيضا.
“مخالفة الحريات التي كفلها الدستور”
المحلل الباحث في الشأن العراقي، يحيى الكبيسي، أكد أن مثل هذه المادة القانونية تخالف مبدأ الحريات التي يكلفها الدستور العراقي، ويقول إن أحكام الدستور “تمنع سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية” الواردة فيه.
وأشار في حديث لموقع “الحرة” أن من ضمن الحريات الواردة في الدستور “الحق في الحرية الشخصية، وحرية الفكر والضمير والعقيدة”.
ويرى الكبيسي أن هذه المادة “تنتهك أيضا حقيقة التنوع الديني في العراق”.
ومنذ الإعلان عن القرار، تواصل متاجر الكحول في بغداد أعمالها بشكل عادي. وبعد ظهر السبت، كانت متاجر الكحول لا تزال تعمل في العاصمة، بغداد، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وتعتبر حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق، غير مشمولة بهذا القانون الصادر عن الحكومة الاتحادية.
الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، يوضح ” أن العراق عبارة عن مكونات متنوعة، وتوجد ضوابط لمن يستورد ويبيع الكحول بقوانين صادرة منذ العهد الملكي، ومثل هذه القوانين الجديدة ربما تؤدي إلى إحداث إشكاليات في المنظومة المجتمعية”.
ويضيف في رد على استفسارات موقع “الحرة” أنه “توجد قوانين واتفاقيات دولية تمنع تقييد الحريات منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وميثاق العهد الدولي”، وفي حال أراد المشرع فرضها يجب “ألا تكون مباغتة وهجومية بهذا الشكل”.
وتابع التميمي أن “قوانين غالبية الدول المجاورة لا يوجد فيها منع مطلق، وإنما تقييد وضوابط وأماكن محددة للبيع”، وحتى في حال أراد القانون المنع المطلق “كان الأَولى أن تكون هناك تدرجية في التطبيق بإعطاء مدة زمنية حتى تستطيع الجهات التي يقع عليها هذا القانون بشكل مباشر تصويب أوضاعها”.
ويرى أنه يمكن اتباع بعض الممارسات الدولية للحد من الإقبال على المشروبات الكحولية، من خلال فرض رسوم جمركية عالية على استيراد هذه المواد، مشيرا إلى أن هذا التشريع قابل للطعن أمام المحكمة الاتحادية وفقا للدستور العراقي.
وفي 14 فبراير، أقر مجلس الوزراء العراقي فرض رسوم جمركية تبلغ 200 في المئة على المشروبات الكحولية المستوردة إلى العراق، على أن يطبق لمدة أربع سنوات.
وقدّم النواب الخمسة في الكتلة المسيحية في البرلمان في وقتٍ سابق هذا الأسبوع طعنا أمام المحكمة الاتحادية بدستورية هذه المادة وعدم احترامها لحقوق الأقليات، كما أكد النائب، دريد جميل، لفرانس برس.
على شبكات التواصل الاجتماعي، أثار قرار الحكومة بشأن الكحول الجدل.
وكتب الناشط الايزيدي مراد اسماعيل في فبراير على تويتر “الأديان غير المسلمة لا تحرم المشروبات الكحولية ولكن هذه القوانين تفرض عليهم نفس العقوبات”.
ويضيف “بينما ينفتح العالم على الأفكار الجديدة والحريات وإعطاء الإنسان حق الاختيار، بلدنا مع الأسف يتراجع ويتم فرض إرادة طبقة محددة على الناس”.