اخبار سياسية

عمّال مغاسل السيّارات في تونس مهدّدون بالبطالة… لا مياه لهذا الترف!

تقنين استخدام المياه في تونس يهدد بإغلاق مغاسل السيارات.

تقنين استخدام المياه في تونس يهدد بإغلاق مغاسل السيارات.

يهدد منع استعمال مياه الصنابير لغسيل السيارات آلاف العاملين في محطات الوقود والغسيل في تونس، بعدما وجد العديد من أصحاب هذه المؤسسات أنفسهم أمام خيارين: إما التوقف عن العمل أو السجن، وذلك بسبب القرار الذي اتخذته وزارة الفلاحة التونسية أخيراً لتقنين استخدام المياه. وأعلنت تونس قبل أيام منع غسيل السيارات ضمن جملة من الإجراءات أقرتها وزارة الفلاحة التونسية، للحد من تداعيات النقص الكبير المسجل لديها في مياه الشرب. وقررت تونس تقنين مياهها للشرب لمدة ستة أشهر بسبب النقص الكبير في مخزونها من المياه، بعدما تراجع للموسم الرابع على التوالي تساقط الأمطار بدرجة كبيرة. كما منعت استعمال مياه الشرب لري المناطق الخضراء وتنظيف الأماكن العامة وغسل السيارات. ويضع القرار العديد من القطاعات الخدماتية في مواجهة وضع صعب. “قرار متسرّع”يقول رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في سوسة، ومساعد نقابة محطات بيع النفط والغسيل والتشحيم علي بن يحيى لـ”النهار العربي”، إن القرار كان متسرعاً ولم يراع وضعيات العاملين في هذا القطاع، مضيفاً: “وضعنا أمام الأمر الواقع ولم تمنح السلطات لنا فرصة للاستعداد والبحث عن حلول أخرى”. وأكد بن يحيى امتثال العاملين في القطاع حالياً للقرار، مستدركاً بالقول: “كان من الممكن إيجاد حلول تجنبنا البطالة وفقدان مورد رزقنا، مثل بناء المواجل أو توفير خزانات ماء كبيرة”. 

 ويعمل في القطاعات نحو 900 محطة وقود، تقدم إلى جانب خدمة بيع البنزين خدمة غسيل السيارات، ويقول بن يحيى إن هذه الخدمة تساعد أصحاب المحطات على تغطيه مصاريفهم، مضيفاً: “لا يحقق أصحاب هذه المحطات مرابح كبيرة من بيع البنزين، فعمولتنا لم تتغير منذ سنوات عديدة، وهي عمولة ضعيفة لا تتجاوز نسبتها 3 في المئة، لذلك تمثل خدمة غسل السيارات مصدراً آخر لتوفير مصاريف المحطة”.أضرار كبيرةويرى أن هذا القرار يستهدف الفئات الضعيفة، باعتبار أن كل محطة توفر خدمة غسيل السيارات تشغل ما بين ثلاثة وخمسة عمال يؤمنون هذه الخدمة للزبائن، وهو ما يعني أن صاحب المحطة أصبح اليوم مجبراً على تسريحهم. وذكر بن يحيى أن نحو 10 آلاف عامل يمارسون نشاط غسل السيارات، وذلك من جملة 30 ألف عامل يشتغلون في محطات بيع النفط والغسيل والتشحيم، وفق تقديره. وينتقد بن يحيى توقيت هذا القرار الذي تزامن مع بداية فصل الصيف، وهو الفصل الذي يزدهر فيه نشاط محطات غسيل السيارات، مؤكداً أن محطات غسيل السيارات لا تستهلك كثيراً من المياه مقارنة  بقطاعات أخرى، إذ إن معدل استهلاكها لا يتجاوز 8 أمتار مكعبة من مياه الشرب يومياً، أي بمعدل أقصى يقدر بـ200 متر في الشهر، وذلك نتيجة تجميع كتلة من الماء والهواء المضغوط عند غسل السيارات. ولفت إلى أنّ “الغلق سيتواصل إلى نهاية هذا الأسبوع، في انتظار أن تتضح الرؤية بداية من الأسبوع المقبل الذي قد يشهد تحركات احتجاجية من العاملين في القطاع”. لكن منع غسل السيارات يشمل المحطات المعترف بها فقط، ففي معظم شوارع تونس ينتشر عمال عرضيون يعرضون على الزبائن، إلى جانب خدمة حراسة السيارات، خدمة تنظيفها بعد ركن عرباتهم بالطريق العام. وتمثل هذه المهنة الهامشية مصدر رزق لآلاف من التونسيين، رغم أنها ممنوعة قانونياً. ويقول إسكندر، وهو شاب يحرس السيارات منذ سنوات في شارع غير بعيد من شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، لـ”النهار العربي”، إنه توقف عن غسل السيارات خلال الأيّام الأخيرة، مضيفاً: “منذ أعلن القرار لم أجازف بتنظيف أي سيارة لأنني لم أفهم بعد هل يتم توقيفي لأنني أحمل سطلاً لغسل سيارة، أم أن هذا الفعل غير مجرم؟”، ويواصل: “أعيل نفسي وأمي من خلال هذا العمل الذي يدرّ عليّ بضعة دنانير يومياً بالكاد تكفي حاجياتنا”.