اخبار سياسية

مسيّرات للجميع… حربٌ من نوع آخر تقلق إقليم كردستان العراق

المصدر: النهار العربي رستم محمود

أطراف عديدة تستخدم الطائرات المسيّرة في إقليم كردستان العراق.

أطراف عديدة تستخدم الطائرات المسيّرة في إقليم كردستان العراق.

A+A-لا يكاد يمر يوم واحد من دون أن تورد وسائل الإعلام المحلية في إقليم كردستان العراق خبراً عن الطائرات المسيرة، سواء تلك التي يسقط عدد منها في مناطق مختلفة فيه، ويكون معظمها بدائياً وخالياً من أي علامات عن الجهة التي استخدمتها، أو تلك التي تستخدمها بعض الجهات في المواجهات العسكرية التي تخوضها ضمن أراضي الإقليم. سلسلة حوادثخلال الأسبوع الماضي، قالت الأنباء إن طائرة مُسيرة سقطت على بُعد 500 متر من مقر الفوج الثالث من اللواء الثاني من قوات البيشمركة الكردية في منطقة قوشتبة، جنوب شرقي العاصمة أربيل. قبلها بيوم واحد، سقطت مسيرة مفخخة بالقرب من قرية بوتيا التابعة لمحافظة دهوك، من دون أن يسفر الحادث عن أي خسائر بشرية أو مادية، وهي المسيرة السادسة التي تسقط في محافظة دهوك خلال الأشهر الستة الأخيرة. لكن المسيرة الأخيرة كانت مفخخة بثلاث قنابل، وسقطت بالقرب من سد دهوك. قبل الحادثة بيوم واحد، أعلن مسؤولون محليون مقتل شخصين على الأقل وجرح اثنين آخرين في قصف نسب إلى قوات تركية واستهدف منطقة جبلية في محافظة السليمانية، بعدما كانت مسيرة تركية أخرى قد قصفت مطار السليمانية الدولي، مستهدفة قائد “قوات سوريا الديموقراطية” مظلوم عبدي. 

 على هذا المنوال تسير الأمور في إقليم كردستان، على الأقل منذ أن بدأت موجة عزل القوات العسكرية أثناء جائحة كورونا، إذ صارت الأطراف المتصارعة تعتمد استخدام الطائرات المسيرة.  مسيّرات للجميعخمس جهات رئيسية صارت تستخدم هذه الطائرات المسيرة في أجواء إقليم كردستان خلال السنوات الماضية، لكن بالذات خلال الشهور الأخيرة. تأتي تركيا في مقدمة تلك الجهات، فقد تحولت الطائرات الحربية المُسيرة، بالذات من طرازي “بيرقدار تي بي2″ و”أقجي” إلى أداة للجيش التركي في مقاتلة عناصر حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، بما في ذلك ملاحقة العديد من الأعضاء المدنيين والسياسيين المرتبطين بالحزب. 

 كذلك استخدمت إيران طائراتها المسيرة من نوع “شاهد 136” في قصف معسكرات ومقار الأحزاب الكردية – الإيرانية ضمن إقليم كردستان، وفي عمليات المراقبة العسكرية على حدودها مع الإقليم. إلى جانب ذلك، ثمة اتهامات تطال إيران بتزويد فصائل عراقية مقربة منها بمختلف أنواع المسيرات العسكرية التي يُقال إنها استُخدمت في قصف العديد من المنشآت الحيوية في إقليم كردستان، بما في ذلك الحقول النفطية والغازية، والمطارات المدنية.  مع الدولتين، والفصائل العراقية المرتبطة بإيران، فإن قوى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب التي تملك العديد من القواعد العسكرية في إقليم كردستان، تستخدم تلك الطائرات في عمليات المراقبة والرصد التي تجريها في أجواء الإقليم. لكن اتهامات حديثة صارت تطال مقاتلي حزب العمال الكردستاني، متهمة إياهم بإدارة عدد من المسيرات البدائية، التي سقط الكثير منها في عدد من مناطق الإقليم خلال الأسابيع الماضية. أرض خصبة للتدخلاتالباحث المتخصص في الشؤون الأمنية تيلور عماد الدين شرح في حديث إلى “النهار العربي” أسباب زيادة نشاط الطائرات المسيرة في أجواء إقليم كردستان خلال الفترة الماضية بقوله: “يمكن تقسيم ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية، مرتبطة نوعياً بعضها ببعض: فأولاً لأن إقليم كردستان لا يمتلك أي سيطرة على أجوائه، حتى الجيش المركزي العراقي الذي من المفترض أن يكون صاحب السيادة في تلك الأجواء، لا يغطيها براداراته، لذا ثمة استسهال من الجميع للاقتحام الجوي لفضاء الإقليم. إلى جانب ذلك، فإن هذه الكثافة مرتبطة بزيادة وتيرة استخدام هذه الطائرات على المستوى العالمي، بسبب ما شهدته من تطور تكنولوجي وعسكري خلال السنوات، حتى أنها صارت سلاحاً استراتيجياً في الحروب الأخيرة”.  

 ورأى عماد الدين أن “السبب الأكثر أهمية يتعلق بنوعية الصراعات التي تخاض ضمن إقليم كردستان، كمواجهات طويلة الأمد، لا يمكن الانخراط فيها انخراطاً عسكرياً تقليدياً عالي التكلفة. فالمواجهة بين تركيا والعمال الكردستاني، أو إيران والأحزاب الكردية الإيرانية في الإقليم، وحتى أشكال الضغط والمزاحمة بين الأحزاب الكردية العراقية وعدد من الفصائل العراقية، قد تطول لعشرات السنوات، لذلك يفضل مجموع المنخرطين فيها أسلحة خفيفة التكلفة، المادية أو البشرية، لذلك تلجأ إلى استخدام المسيرات”.  لا تملك حكومة إقليم كردستان أي حلول عسكرية مباشرة في المستقبل القريب، لكن المطالبات بالحصول على بعض أسلحة الدفاع الجوي أو الشراكة مع وزارة الدفاع العراقية في تغطية أجواء الإقليم تزداد، سواء من قِبل جهات داخلية أم خارجية تعتبر الإقليم شريكاً استراتيجياً آمناً.