إغلاق بلدات الجنوب وفتح الملاجئ وعائلات تنتقل إلى الفنادق… نصب منظومات القبة الحديدية والاستعداد لمواجهات تستمر أياماً
أمال شحادة الأربعاء 10 مايو 2023 8:14
أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن القوات الإسرائيلية قتلت شابين فلسطينيين هما راني قطماط وأحمد عساف في بلدة قباطية جنوبي جنين بالضفة الغربية، اليوم الأربعاء، وذلك غداة إطلاق الجيش الإسرائيلي حملة إعلامية واسعة وغير مسبوقة للتفاخر بإنجازاته بعد مقتل 13 فلسطينياً في غزة بينهم أطفال ونساء، ما دفع عديداً من الأمنيين السابقين والخبراء العسكريين إلى مهاجمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بعد أن أجمعوا على أن عملية “السهم الواقي” العسكرية التي تم تنفيذها بشكل مفاجئ ومن دون اجتماع وتنسيق داخل المجلس الوزاري الأمني المصغر، جاءت لحماية الحكومة الإسرائيلية من التفكيك ولتحل الأزمة بين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي قاطع جلسات الحكومة وهدد بالانسحاب واشترط للمشاركة في التصويت للحكومة في الكنيست وحل الأزمة، تنفيذ عملية عسكرية ضد الأراضي الفلسطينية.
بن غفير ومعه زميله الأكثر يمينية في الحكومة الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، سبق وطالبا بالعودة إلى سياسة الاغتيال.
من جهته لم يتردد نتنياهو في اتخاذ أي قرار للحفاظ على حكومته إلى حين تحقيق أهدافه، وتوجه ومعه وزير الأمن يوآف غلانت إلى المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا للحصول على مصادقتها للعملية العسكرية في غزة التي خرجت إلى حيز التنفيذ في ساعات متأخرة من ليل الإثنين – الثلاثاء.
وبحسب الخبير السياسي عميت سيغال، فإن الأزمة بين نتنياهو وبن غفير انتهت عند نحو الساعة الثانية والنصف بعد منتصف ليلة الثلاثاء مع سقوط أول صاروخ على غزة. وأطلق سيغال اسم “السلم والشجرة” على العملية بالإشارة إلى إنزال بن غفير عن الشجرة بعد تهديداته الأخيرة لنتنياهو.
سكان الجنوب في حالة فزع وفنادق تل أبيب تستقبلهم
ومنذ ساعات صباح الثلاثاء انشغلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في بحث سيناريوهات الرد المتوقعة من القطاع وسبل التعامل معها لضمان أمن جنوب إسرائيل وغلاف غزة، لكن تقييمات من قبل عسكريين والاستخبارات العسكرية استدعت حالة استنفار واستعداد لاحتمال وقوع مواجهات لا تقتصر الصواريخ فيها على منطقة الجنوب إنما تتسع إلى مختلف الجبهات. الاجتماعات الماراثونية التي لم تتوقف شارك في بعضها قادة الجبهة الداخلية ورؤساء بلدات الجنوب وشارك نتنياهو وغلانت في معظمها. وفي ظل حملة الهجوم على الحكومة وانتقاد نتنياهو وتحميله مسؤولية ما قد يحدث لسكان الجنوب، أوصى الأخير بتحويل ميزانية خاصة لتوفير غرف فندقية لسكان الجنوب المعرضين لخطر الصواريخ. ومنذ صباح الثلاثاء انتقل ما لا يقل عن ألفي إسرائيلي من الجنوب إلى فنادق تل أبيب، بينما يتوقع انتقال نحو خمسة آلاف آخرين في غضون 24 ساعة إلى المركز والشمال هرباً من خطر صواريخ غزة التي تتوقع إسرائيل أن تطلق بشكل مكثف وتشمل صواريخ متطورة ودقيقة.
حالة طوارئ قصوى
وتحولت بلدات الجنوب الإسرائيلي إلى مدن أشباح، منذ صباح الثلاثاء، بعد أن أصدرت “الجبهة الداخلية” تعليمات مشددة بفتح الملاجئ وإغلاق مداخل بلدات الجنوب والشوارع المركزية الموصلة إليها كما شملت التعليمات إغلاق المدارس ومختلف المؤسسات الفاعلة فيما منعت وجود العشرات داخل أماكن عملهم. في الوقت ذاته، نصب الجيش مزيداً من منظومة مواجهة الصواريخ، “القبة الحديدية”، من المركز وحتى الجنوب، خشية إطلاق صواريخ تصل إلى مركز إسرائيل. أما الجيش فاتخذ احتياطاته واستعداداته لاحتمال مواجهات مع غزة تطول أياماً.
في موازاة ذلك، لم تسقط الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من حساباتها ألا يقتصر الرد على إطلاق الصواريخ إنما تنفيذ عمليات من قبل فلسطينيين من الضفة وأيضاً من فلسطينيي 48، كما تتوقع الأجهزة الأمنية أن تنفذ حركة “الجهاد الإسلامي” عمليات عند الحدود مع غزة باستهداف إسرائيليين أو جنود بعمليات إلقاء متفجرات أو إطلاق النار، مما استدعى إعلان حالة الطوارئ من غزة جنوباً وحتى المركز وكريات شمونة شمالاً.
وأصدرت أجهزة الأمن تعليمات مشددة للدوريات عند الحواجز العسكرية وداخل البلدات والمدن الإسرائيلية الكبرى والأخرى القريبة من الضفة، كما أجرى الجيش فحصاً لوضعية “جدار الفصل” خشية وجود ثغرات يمر عبرها فلسطينيون لتنفيذ عمليات.
كل هذا جاء قبل أن ترد حركة “الجهاد الإسلامي” على مقتل 13 فلسطينياً بينهم قياديون فيها، علماً أن القيادة الأمنية الإسرائيلية منقسمة في تقديراتها حول مشاركة حركة “حماس” في الرد على إسرائيل، وتعتقد الغالبية أن قيادة “حماس” في غزة، وعلى رغم ما صدر من تهديدات بعد العملية العسكري فإنها تفضل البقاء خارج دائرة الرد.
ونقل تقدير لرئيس أحد أجهزة الأمن شارك في اجتماعات تقييم الوضع، أن “حماس” ستجد طريقة للوقوف إلى جانب “الجهاد الإسلامي” ودعم الحركة ولو بشكل رمزي في ردها على إسرائيل بما في ذلك منحها حرية استخدام مواقع إطلاق الصواريخ التابعة لـ”حماس” أو تزويدها ببعض المتطلبات لتنفيذ عمليات تحقق هدف الرد.
بانتظار رد غزة
وفي أعقاب جلسات تقييم لأجهزة الأمن بمشاركة المستوى السياسي، وعلى رغم إعلان نتنياهو أن إسرائيل تنتظر الرد من غزة ولن تتخذ أي قرار لتنفيذ هجمات عسكرية إسرائيلية أخرى قبل معرفة رد “حماس”، تم قصف سيارة شرق خان يونس مما أدى إلى مقتل فلسطينيين ليرتفع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي إلى 15 فلسطينياً.
ودعا نتنياهو المجلس الوزاري الأمني المصغر إلى اجتماع تشاوري حول سبل التعامل مع الرد الذي تتوقعه إسرائيل من “الجهاد الإسلامي” وإذا ما سيتسع إلى أكثر من جبهة.
في الوقت ذاته، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى اتخاذ جميع الاحتياطات والاستعداد لاحتمال مواجهات تستمر لعدة أيام، وفي مشاركته في مؤتمر لحركة “الأمنيين” قال، إنه أصدر تعليماته للجيش والأجهزة الأمنية والجبهة الداخلية للاستعداد لاحتمال مواجهات على أكثر من جبهة. وأضاف “نحن مستعدون لخوض حرب متعددة الجبهات”.
استدعاء الاحتياط واستنفار الجبهة الداخلية
من جهته صادق وزير الدفاع يوآف غلانت على استدعاء جنود الاحتياط إلى قواعد عسكرية في الجنوب، كما توجهت وحدات خاصة إلى الشمال. وأعلن غلانت عما يسمونه في حالة الطوارئ “وضعاً خاصاً” على الجبهة الداخلية وضمان جهوزيتها لنقل مصابين في حال وقعت مواجهات.
ودعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير خلال مشاركته في مؤتمر حركة “الأمنيين”، الثلاثاء، إلى الاستمرار بتوجيه ضربات عسكرية على غزة والمضي قدماً في سياسة الاغتيالات لقادة حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة وغزة. وقال “آمل أن تواصل الحكومة من الآن وصاعداً سياسة الهجوم ومنع عمليات ضد إسرائيل وليس سياسة ضبط النفس. علينا العمل من أجل هزيمة العدو، ويجب أن يتغير وضعنا اليوم والخروج من أسرنا في مفهوم ضبط النفس”.
وادعى مسؤول أمني إسرائيلي أن إيران تضغط على “حماس” لتشارك في الرد على تل أبيب، فيما قال نتنياهو “نتعامل مع محاولة إيران شن حملة متعددة الجبهات ضدنا ونستعد لها ولمختلف السيناريوهات”.