الحل يتضمن جهداً لدمج «الدعم السريع» بالجيش والعودة للحكم المدني
جانب من توقيع الاتفاق بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في جدة (الإخبارية السعودية)
- واشنطن: علي بردى
كشف مسؤولان أميركيان رفيعان أن توقيع طرفي النزاع السودانيين في جدّة (غرب السعودية) على إعلان التزام حماية المدنيين في السودان هو «خطوة أولى» في المحادثات المتواصلة بوساطة الرياض وواشنطن من أجل التوصل إلى هدنة قصيرة لمدة عشرة أيام تتضمن اتفاقاً على آلية لوقف النار تلقى دعماً دولياً وإقليمياً واسعاً.
ووسط ترحيب دولي وعربي بالتقدم الذي أحرز في محادثات جدة، من خلال توقيع ممثلي القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، على الاتفاق المسمى رسمياً «إعلان التزام حماية المدنيين في السودان»، أبلغ مسؤولان أميركيان رفيعان مجموعة من الصحافيين أن الاتفاق يرمي إلى «إيصال المساعدات الإنسانية، والمساعدة في بدء استعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، وترتيب انسحاب القوات الأمنية من المستشفيات والعيادات، ودفن الموتى باحترام».
وأكد أحدهم أن الوسطاء السعوديين والأميركيين يقدمون الدعم من أجل «التفاوض على وقف إطلاق نار فعلي قصير المدى (…) لمدة تصل إلى عشرة أيام».
وإذ لفت إلى «نقطة مهمة ستكون مختلفة عن وقف إطلاق النار السابق»، تحدث عن «تطوير آلية مراقبة وقف النار، تحظى بدعم الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية وأعضاء آخرين في المجتمع الدولي»، في إشارة إلى الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
الخطوة التالية
وأوضح مسؤول أميركي كبير آخر أن الوثيقة التي جرى التوقيع عليها «هي الخطوة الأولى لما نأمل أن نحققه هنا على أرض الواقع في جدة بين الطرفين»، مضيفاً أن «الخطوة التالية هي التركيز على التفاوض في شأن تدابير أمنية محددة سيتخذها الجانبان لتهيئة ظروف آمنة» لتقديم المساعدة الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية. ووصف المشاركة السعودية بأنها «أمر بالغ الأهمية».
وبذل الوسطاء السعوديون، وبينهم سفير المملكة لدى الخرطوم علي بن جعفر، والوسطاء الأميركيون، وأبرزهم وكيلة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في والسفير لدى السودان جون غودفري، ما وصف بأنه «جهود مضنية» للتوصل إلى وقف النار، ولوصول ممثلي القوتين المتحاربتين إلى مدينة جدة من أجل إجراء «محادثات وجهاً لوجه» بدءاً من السبت الماضي.
ومع استمرار هذه الجهود «التمهيدية» في جدة، توقع المسؤولان الأميركيان اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، «توسيع المحادثات في المستقبل (…) لتشمل المدنيين»؛ لأن الهدف هو مواصلة العمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية «لتحريك العملية نحو مناقشة وقف دائم للأعمال العدائية، وتشكيل حكومة مدنية». وشددا على أن «هذه عملية تدريجية».
جيش موحد
ورداً على انتقادات المبعوث السابق إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، ذكر المسؤول الأميركي الأول أن الولايات المتحدة «انخرطت بشكل مكثف في دعم عملية الاتفاق السياسي الإطاري» التي بدأت في 5 ديسمبر (كانون الأول) بمشاركة واسعة من الجهات الفاعلة المدنية، بالإضافة إلى القادة العسكريين، مضيفاً أن المرحلة الثانية تطرقت إلى خمس قضايا رئيسية، وأصعبها عملية إصلاح قطاع الأمن، وهي تركز على «الجدول الزمني والطرائق لدمج قوات (الدعم السريع) في القوات المسلحة السودانية، وإنشاء هيكل القيادة لجيش سوداني موحد وطني محترف».
وكشف أن مناقشات المرحلة الثانية «أحرزت قدراً كبيراً من التقدم»؛ إذ «كان هناك الكثير من النقاش بين المدنيين وبين القيادة العسكرية حول شكل الحكومة المدنية الجديدة». وأسف لأنه على رغم الكثير من العمل، فقد بدأ القتال في 15 أبريل (نيسان) الماضي.
وكرر المسؤول أن ما حدث في جدة «ليس وقفاً لإطلاق النار في القتال الرهيب» الدائر في السودان، آملاً «بحذر» في أن يولد «استعدادهم للتوقيع على هذه الوثيقة بعض الزخم الذي سيجبرهم على خلق بعض المساحة لبعض الراحة»؛ لأن «الجانبين متباعدان تماماً».
اتهامات متبادلة
وتحدث المسؤول الثاني عن «ثلاث نقاط» إحداها أن المساعي جارية من أجل «وقف إطلاق نار فعال قصير الأجل لتسريع إيصال المساعدات الإنسانية»، بالإضافة إلى «آلية لمراقبة وقف إطلاق النار»، وأكد أن كلاً من الجانبين «ينظر إلى الطرف الآخر على أنه مرتكب الانتهاكات».
ووصف القوتين بأنهما «عالقتان في صراع وحشي على السلطة»، مضيفاً: «نعمل بصبر مع السعوديين، ونتشاور مع شركاء إقليميين آخرين في أفريقيا والعالم العربي والمجتمع الدولي حول كيفية بناء مسار بديل، مسار تفاوضي».
وأوضح أن آلية مراقبة وقف إطلاق النار تتضمن «مزيجاً من ثلاثة عناصر رئيسية: الصور العلوية (بالأقمار الصناعية والمسيرات)، بما في ذلك الصور الحرارية التي تسمح لنا برؤية البصمات الحرارية للأسلحة، وكذلك تحليل وسائل التواصل الاجتماعي، ثم التقارير الميدانية»، مؤكداً أن هذه «الخلطة السرية للآلية» يمكن أن تشمل ممثلين عن كل من القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع»، ولكن أيضاً من ممثلي المجتمع الدولي، ما سيسمح للطرفين بـ«تقديم تقارير عن انتهاكات وقف إطلاق النار».
إضافة إلى ذلك، أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل بأن المحادثات الجارية في جدة «تحظى بدعم واسع من الاتحاد الأفريقي و«إيغاد» والكثير من الجماعات المدنية السودانية، مكرراً أن «هذه المحادثات خطوة أولى».
وأضاف أن المساعي جارية «لإشراك القادة المدنيين السودانيين ولجان المقاومة والمجتمع المدني للعمل نحو الهدف المشترك المتمثل في إقامة حكم ديمقراطي مدني في السودان في أقرب وقت ممكن، وتنسيق جهود المساعدة المدنية والدولية».